رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قصة (عم سيد الطباع)

27-1-2021 | 11:21


نزار السيسي

في شهر مايو 2015 كنت في السفارة المصرية بالكويت لتوثيق بعض الأوراق الخاصة بي وكنت في ضيافة صديقي القنصل الأمني للسفارة، وإذا به يحكي لي عن واقعة غريبة جدا لا علاقة لها برجولة أو نخوة، وهي أن مصري كان يقود سيارته وبصحبته زوجته وما أن رأي دورية شرطية حتى أرشد عن زوجته بأن موعد تجديد إقامتها بالكويت قد انتهى، وهي تقيم بالبلاد دون سند قانوني، وأخبرهم بأنه هو كفيلها.. أي أن إقامتها على كفالته باعتبارها زوجته وهو يعمل بالبلاد وإقامته ساريه ويريد ترحيلها إلى مصر بشكل رسمي حيث أنها ترفض السفر بشكل ودي.

 وبالفعل تحفظت قوة الدورية على السيدة وسلمتها إلى المخفر (قسم الشرطة) لاتخاذ الإجراءات القانونية والتي رحلتها إلى قسم الإبعاد بوزارة الداخلية لترحيلها لبلدها، ولم يكتف الزوج بذلك، فإنه حينما طلب منه إحضار أوراقها وجواز سفرها، أقر بأنه لا يعلم عن جواز السفر شيء، فأرسلت الداخلية للسفارة لاستخراج وثيقة سفر لها لكي تتمكن من الخروج خارج الكويت، وأبلغني بأنهم قاموا بالاتصال به وهو في الطريق الآن، فطلبت منه المكوث بصحبته حتى يأتي شبيه الرجال هذا، وجلسنا نتحدث عن الأسباب التي تضل زوج أن يفعل ذلك في زوجته هذا العمل المعيب خلقيا ودينيا وفي هذا البلد الغريب.. وأنا متأكد سامحني الله عن سوء ظني لأن وراء ذلك لابد أن تكون الخيانة الزوجية .

وفجأة.. أبلغته السكرتارية بأن الزوج قد حضر !!!!

وبمجرد دخوله.. تأملته جيدا لأجده رجل في مقتبل الخمسينيات من عمره ويرتدي ملابس متسخة وحذاء يملأه التراب من فوقه.. وهذا شيء غريب لأن الشوارع بالكويت ليست حاملة للأتربة ولا يوجد رياح ولا رمال بالجو، ولكن لم يشغلنا كثيرا الأمر، وبدأ صديقي القنصل يسأله عن هويته الكويتية وجواز سفره والذي كان على أهبه الاستعداد لتقديمهما، وهو يدعي سيد، ويعمل طباع بوزارة سيادية بالكويت، وبسؤاله عن سبب ما فعله أجاب جواب أشبه بتصريحات المسئولين :- بأننا في دولة قانون ويجب تطبيق القانون على المخالف مهما كانت درجة القرابة، وهنا لم أتمالك أعصابي واندفعت بقصفه بعبارات عنيفة في وجهه وعن تصرفه المعيب تجاه شريكة حياته، على الرغم أنني لا أملك الصبغة القانونية ولا العشم لذلك، وإذا بصديقي يهدئ من روعي، ووجه سؤاله للزوج سيد: أين جواز سفر زوجتك؟! أجابه بأنه لا يعلم عن أغراضها الشخصية شيئا وأخطره بأن دوره انتهي بتطبيق القانون بالإبلاغ عنها.

 وهنا حاول القنصل ألا يطيل الحديث معه فالخطاب ظاهر من عنوانه، والفعل أقبح من أي رد فعل.. ولكنه أخبره بمصير زوجته التي سترحل مثل المسجونين والمعتقلين حتى باب الطائرة التي ستحلق بها إلى مصر وأطلعه عن كم البحث والتحري والشك والريبة التي ستلحق بزوجته عقب وصولها مصر بسبب سفرها بتلك الوثيقة دون جواز السفر !!! ولكن الرجل أحسست من ملامحه أنه سعيد بهذه المعلومات وبكم ما تضنيه الزوجة في هذه الرحلة الشؤم.

 وعندما طلب منه الصديق الانصراف، استأذنت من صديقي وانصرفت خلفه مباشره للحاق به لعلي أعلم شيئا مفيدا أو أغير من شيء مما ستلاقيه تلك الزوجة، وبالفعل لحقت به وطلبت منه أن نشرب قهوة في أي مكان وبعد محاولات كثيرة وافق سيد، وما أن وصلنا للكافيه وجلسنا حتى انفجر في البكاء لمدة لا تقل عن 15 دقيقة أو يزيد، وبعد أن أفاق وارتاح من البكاء وأثناء بكائه وجدت كل الإجابات علي أسئلتي واعتقدت أن ظني كان في محله، ولكن إن بعض الظن إثم.

 وحاولت ألا أدخل في الموضوع مباشرة، فجلست معه كنوع من التعارف الشخصي ولكنه كان متحفظا لحد ما وقاطعني قائلا:- باشا أنا حرقت جواز مراتي وأريد أن أراها مذلولة وفي أسوأ أحوال البشر، فأشرت على استحياء بأنه هل من خيانة زوجيه ؟!

أجابني : حاشا لله، زوجتي شريفة عفيفة، ولكن أحيانا الظروف تحكم !

••الأسبوع القادم سنتعرف سويا عن أسباب قيام عم سيد بهذا العمل المشين.