رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«حرب صليبية جديدة للبوريتانية».. فصل جديد من كتاب «أحجار على رقعة الأوراسيا»

30-1-2021 | 10:40


تنشر بوابة "الهلال اليوم" الجزء السادس من الفصل التاسع من كتاب "أحجار على رقعة الأوراسيا"، للكاتب عمرو عمار، والصادر عن دار «سما» للنشر والتوزيع، وجاء بعنوان "حرب صليبية جديدة للبوريتانية"


حرب صليبية جديدة للبوريتانية 


أصدر الرئيس العراقي (صدام حسين) قرارًا تاريخيًّا عام 2000، باستعمال عملة اليورو، كعملةٍ وحيدة لشراء النفط العراقي، وهو ما يعني تحديه للنظام العالمي الجديد، واستهدافًا للنظام المصرفي الذي وضعته مجموعة عائلات روتشيلد، وروكفلر، فكان القرار بمثابة المسمار الأخير الذي دقه (صدام حسين) في نعش العراق.


بعد خمسة عشر شهرًا من غزو أفغانستان، كان الدور على العراق في 19 مارس 2003، إذ شكل الغزو الأمريكي للعراق المرحلة الأخيرة في المخطط الأمريكي لتقسيم بلاد الرافدين، بعد أن تم تجهيز مسرح العمليات للغزو القادم؛ بدايةً من حرب الخليج الأولى، مرورًا بحرب الخليج الثانية، نهايةً بضرب حصارٍ اقتصاديٍّ وفرض حظرٍ جويٍّ على العراق، وبات النظام العراقي في بغداد محاصرًا من الشمال بإقليم كردستان العراق، وقوات البيشمركة العسكرية التابعة له، ومن الجنوب بميليشيا شيعية مسلحة، تابعة لولاية الفقيه في طهران.


وعلى هذا أصبح مسرح العمليات ممهدًا تمامًا للتدخل العسكري الأمريكي عام 2003، بذريعة (الحرب على الإرهاب) والدول الداعمة له، وهو ما سطرته وثيقة استراتيجية الأمن القومي لإدارة (بوش الابن) عام 2002.

كل شيءٍ تم التحضير له قبل عام من الغزو، في (اجتماعات كراوفورد) بمزرعة كراوفورد بولاية تكساس الأمريكية، بين رئيس وزراء بريطانيا (توني بلير) والرئيس الأمريكي (بوش الابن) بتنسيقٍ كامل من وزير الخارجية الأمريكي (كولن باول) أحد أصحاب مشروع القرن الأمريكي، وفي حضور صقور الحرب من المحافظين الجدد (دونالد رامسفيلد، بول ولفوفيتز، كونداليزا رايس) بهدف تنفيذ مخطط (إعادة بناء الدفاعات الأمريكية) الخاص بمشروع القرن الأمريكي.


بعد الغزو شكلت هيئة (بول بريمر) الحاكم العسكري الأمريكي للعراق، مدخلًا لفوضى مجتمعية حادة، لا تزال آثارها ماثلة حتى الوقت الراهن؛ فحزب الدعوة الإسلامي العراقي الشيعي الذي تبنى من قبل عمليات إرهابية داخل الوطن العربي، خلال حقبة الثمانينات، وأثناء حرب الخليج الأولى، ولم يدرج على قوائم الإرهاب الأمريكية!! هو نفس الحزب الذي تحالف مع واشنطن إبان الغزو، بقيادة (نوري المالكي) وهو ذات الحزب الذي وضعه (بريمر، وولفوفيتز) على سُدة الحكم في العراق بعد سقوط (صدام حسين).


لجأت الولايات المتحدة بعد الإطاحة بـــ (صدام حسين) إلى خيار تفكيك مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسة العسكرية، بصورةٍ انطوت على تجاوز فكرة تفكيك النظام، إلى تفكيك الدولة في حد ذاتها، وهو ما أدى إلى استدعاء الجانب الطائفي كآليةٍ للفرز المجتمعي والسياسي، بين أهالي العراق من السنة والشيعة، وبالتبعية تزايدت معدلات العنف الطائفي، وتأزمت أوضاع المجتمع العراقي، ونشط تنظيم القاعدة في العراق، وقد تمخض عنه فيما بعد تنظيم داعش، وجيش النصرة، قيادات ثورات الربيع العبري في الوطن العربي.


لم تتوقف تداعيات السياسات الأمريكية الفاشلة في العراق على الداخل؛ بل كان لها أثر إقليمي تمثل في تنامي قوة إيران، وكسب المزيد من النفوذ الشيعي في العراق، وهو ما أسهم بدوره في تغيير ميزان القوى في المنطقة لصالح طهران، بعد أن سقطت العراق رهينة في قبضة الخامنئي.


وبالانسحاب العسكري الأمريكي عام 2011، غدت العراق الولاية رقم 32 للجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ فالنظام بأكمله تم الاستيلاء عليه من الخامنئي في طهران، بتنسيقٍ كامل مع الموالي (نوري المالكي) الذي أصبح رئيس وزراء العراق، وكان أحد أعضاء حزب الدعوة الإسلامي المطرودين خارج العراق من قبل (صدام حسين) عام 1980 آنذاك انضم الشاب الصغير (نوري المالكي) ورفاقه، إلى صفوف إيران ضد العراق، خلال حرب الخليج الأولى، ثم عاد على ظهر الدبابات الأمريكية أثناء الغزو، لتبدأ رحلة اللاعودة إلى بلدٍ مزقته الصراعات العرقية والمذهبية.