رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ننشر الفصل الثانى عشر من رواية «بورتوسعيد» للكاتب سامح الجباس

30-1-2021 | 10:51


تنشر "الهلال اليوم"، الفصل الثاني عشر من رواية "بورتوسعيد" للكاتب الروائي الدكتور سامح الجباس، والصادرة عن دار "شرقيات" للنشر والتوزيع، وجاء الفصل بعنوان "شارع رمسيس". 


شارع رمسيس


" اخترع شاب ايطالى قنبلة اذا أُطلقت الى جهة العدو و صادمت جسماً انفجرت فيه و أضاءت ضوءاً يساوى ضوء مائة ألف شمعة ""

( الهلال العدد الأول – السنة الأولى – سبتمبر عام 1892 – 10 صفر سنة 1310 )


طارت الورقة حتى علقت برأسى المدبب، دخلت قواتنا بورسعيد، علم بريطانيا تحت الأحذية في بور سعيد 

فتح الطريق إلى بورسعيد 

(جريدة الشعب -  الأثنين 24  ديسمبر 1956)


من أين جاءت تلك الورقة؟ صفراء متهرئة كانت. كيف طارت تلك الورقة وعلّت فى الهواء حتى وصلت إلى رأسى؟ آه.. لماذا تُذكرّوننى بتلك الأيام؟ منذ بُنيت كرمز للنصر وأنا أقف في مكانى بلا تعب ولا كلل. تم الغاء الاحتفال بعيد النصر ولحق النسيان به كما عيد الجلاء أيضاً. 


لا نريد أن نتذكر، لا نريد لأولادنا أن تعرف، أراهم من مكاني هذا يتقابلون في الحديقة الكبيرة التى تُحيط بى، منذ سنوات كنت أراهم يزوغون من مدرسة القناة الاعدادية بنين، يُلقون حقائب المدرسة ويُقسمون أنفسهم إلى فريقين، تخرج الكرة من حقيبة أحدهم، تبدأ المباراة.


ابتسم "لأننى لا أستطيع الضحك" عندما أراهم يعترضون على هدف أصاب مرماهم، هذه الأيام أراهم يأتون من نفس الشارع، نفس المدرسة، يعاكسون البنات أياً كانت سنهم، بنات مدارس صغيرات. لا تعترض البنات بل تضحك.

أريد أن أصيح فيهن " امشوا من هنا.. "

من فعل بهن ذلك؟ أى شياطين أنجبت هذه الأجيال؟ كم تمنيت أن أصرخ؟ أن أتحرك من مكانى، سمعت زمان من الاذاعة المحلية التي كانت تُبث من مبنى المحافظة في الظهيرة وكنت أعرف منها أخبار مايجرى في المدينة، كانت المذيعة تقول أن شاعراً اسمه فؤاد حداد قال:

في القاهرة أنا بانظم الأشعار

وفي بورسعيد منى جدار مهدوم 


توقفت الأذاعة المحلية منذ سنوات، أصبحت أخبار الناس مشاعاً، الكل يعرف، الكل يكذب.

قوية أنا لم أتأثر بالزمن، أتذكر في الثمانينات وقت أن كانت هياكل الصواريخ ودانات المدافع المتخلفة من أيام العدوان الثلاثى تنام تحت سفحي، كان العيال يأتون للفرجة عليها باهتمام.


أرى الدهشة في عيونهم والاستغراب من حجم الصواريخ، ينصرفون وفي أذهانهم أفكار وتساؤلات تمتزج بالفخر،

نقلوا كل شيىء إلى المتحف الحربي الذي لا يدخله إلا رحلات المدارس في 23 ديسمبر.

لا أحد يشرح، لا أحد يفهم، لا أحد يهتم. 

تغيرّ تاريخ المدينة وحلّت الكرتونة ,والحاوية محل الروح والعقل.

ربى..!

لماذا تكلمت اليوم؟ 

ماذا يحدث لى؟