رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


إدارة التغيير

8-4-2021 | 10:41


د عمرو سكر

د. عمرو سكر

في النصف الأول من القرن العشرين أجمع معظم خبراء الرياضة في ذلك الوقت، على أنه لا يستطيع عداء بأي حال من الأحوال الجري لمسافة ميل في أقل من أربع دقائق وكانت المقولة التي قد صدق بها الجميع أن ذاك "علامة الأربع دقائق مستحيل كسرها!!!!  ".

حيث ظنوا أن جسم الإنسان لا يستطيع فعليًا أن يصمد للمجهود المطلوب لكسر ذلك الرقم وإن أي شخص سوف ينهار تحت الضغط ، إلى أن أثبت روجر بانيستر خطأ الجميع ففي عام ١٩٥٤ أستطاع بانيستر أن يكون أول رجل يجري لمسافة ميل في أقل من أربع دقائق.

ربما حينما قرأت قصة بانيستر اعتقدت أنه حاله فريدة وصاحب قدرة خاصة لم تتكرر.. المفاجأة كانت حينما حقق العداء الأسترالي جون لاندي نفس النتيجة بعد ٤٥ يوما فقط من إنجاز بانيستر.. فتح الباب للآخرين للقيام بالمستحيل ففي خلال السنوات القليلة التي تلت هذا الحدث استطاع المزيد والمزيد من العدائين اختراق علامة الأربع دقائق بمجرد إدراكهم أن ذلك ممكنًا وليس بالمستحيل مما يدل على درس مهم وهو  "بمجرد أن تتوقف عن تصديق أن شيء ما مستحيل، يصبح ذلك ممكنًا".

ومن هنا يمكن أن نطلق صيحة جلية قائلة إن الناس هم من يغيرون المؤسسات بإيمانهم وسلوكهم.. إيمانهم بضرورة وأهمية التغيير وسلوكهم في التطبيق والفعل فلن يصل بانستر بالإيمان بهدفه فقط بل بابتكاره طرقه الخاصة في التدريب وداوم على العمل المتواصل ليل نهار للوصول إلى ما يصبو إليه وهذا ما يسمى بالسلوك الإيجابي الذي يترجم الوعي بالهدف والإيمان به.

"المؤسسات لا تتغير، والناس هم من يغيرونها بالإيمان بضرورة التغيير ثم يترجمه سلوكهم الإيجابي".

أحد أكبر الأخطاء التي يمكن أن ترتكبها عند بدء تغييرات رئيسية في مؤسسة هو توقع أن يكون رد فعل الجميع إيجابيا، لذلك إذا كان أسلوبك في بدء التغييرات هو افتراض أن رسالة واحدة أو شخص واحد أو حتى مجموعة واحدة ستحدث التغيير، فإنني أوصي بشدة أن تتوقف مؤقتًا للحظة وأن تتذكر أن من أهم تحديات الإدارة تنوع وتعقيد السلوك الإنساني فعليك إدراكه. 

إذا كان الناس لا يثقون في القيادة، ولا يدركون ويشاركون رؤية المؤسسة أو لم يكشف لهم بكل شفافية سبب التغيير - لن يكون هناك تغيير ناجح - بغض النظر عن مدى براعة الاستراتيجية وسمو الهدف من وراء التغيير، لا يمكنك أن تقود التغيير إذا لم تفهم الناس داخل المؤسسة وأفضل طريقة للقيام بذلك هي البدء في التفكير مثلهم، لذا من الأفضل أن تطرح على نفسك هذه الأسئلة: هل نستطيع أن نخلق شعورا حقيقيا بالإلحاح يؤدي إلى الشعور بضرورة التغيير، تغيير قبل أن تحصل على فرصة للبدء في الخطوات الفعلية للتغيير؟ هل هناك شعور حقيقي بالمشكلة؟ لن يفكر الناس في أي شيء حتى يقتنعوا أولا بأن هناك مشكلة تحتاج إلى حل.

الوقت والتواصل هما مفتاح النجاح لتحقيق التغييرات، يحتاج الناس إلى وقت لفهم التغييرات، كما يحتاجون إلى الشعور بأنهم على اتصال وثيق بالمؤسسة خلال الفترة الانتقالية عندما تدير التغيير ، قد يتطلب ذلك قدرا كبيرا من الوقت والجهد، وعادة ما يكون تكثيف حجم التواصل المباشر هو السبيل لتقليص حجم مقاومة التغيير ومنع الشائعات، فيجب أن تكون مصد المعلومات رسميا ومتواصل عن طريق قنوات رسمية.

إن فهم الأسباب الأكثر شيوعًا التي تجعل الناس تعترض على التغيير يمنحك الفرصة لتخطيط استراتيجية التغيير لمعالجة هذه العوامل، كما أن من أجل قبول التغيير والمساهمة في إنجاح التغيير، يحتاج الناس إلى فهم كيف ستفيدهم التغييرات التي ستطرق عليهم لن يتماشى الجميع مع التغيير فقط لأن التغيير ضروري وسيعود بالنفع على المؤسسة.

ويأتي دور الإدارة هنا في تهيئة بيئة عمل تشجع على تقبل التغيير وتزرع من خلال تأهيل وتدريب الأفراد قيم سلوكية إيجابية تجعلهم يسعوا إلي تنفيذ وبناء وإنجاز ما يقول الجميع عنه أنه مستحيل.