مصر وحماية بياناتها.. ضرورة أمنية وقيمة حقوقية
على مدار الأسبوعين الماضيين نشرت العديد من الأخبار عن عمليات اختراق حدثت لمواقع إلكترونية سواء مواقع للتواصل الاجتماعى كما هو الحال في الفيسبوك وفقا لما نشره موقع "بيزنس إنسايدر" في الثالث من أبريل الجارى.
إذ كشف تقريره عن أنه قد تم نشر بيانات لمستخدميه بما في ذلك أرقام الهواتف والأسماء الكاملة والموقع وعنوان البريد الإلكتروني ومعلومات السيرة الذاتية عبر الإنترنت، وهو ما استدعى المتحدثة باسم الفيسبوك لأن تقر بأن هذه المعلومة ليست بجديدة وإنما تم الكشف عنها عام 2019 وتم إصلاح الخلل.
وبعيدا عن صحة ما يثار في هذا الخصوص، إلا أن ما أعلنته شركة Booking.com في أواخر مارس الماضى بأنها تعرضت لغرامة بسبب تأخرها في الإبلاغ عن خرق البيانات الذى أدى إلى سرقة البيانات الشخصية لأكثر من 4000 شخصا، يؤكد على أن الاختراقات لا تزال مستمرة. بل ما سبق ذكره هو غيض من فيض العديد من الأخبار التي نطالعها يوميا عن اختراقات هنا وسرقات هناك هدفها الحصول على بيانات المواطنين وهويتهم لتوظيفها سواء في تحقيق مكاسب او انتهاك خصوصياتهم، وهو ما يثير قضية حقوقية في مجال حماية الخصوصية الشخصية للفرد ضمن المنظومة العالمية لحقوق الإنسان.
والتزاما من مصر بحماية هذه الخصوصية جاءت الخطوة المتميزة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى بافتتاح مُجمع الإصدارات المؤمنة والذكية، والمتخصص في تصنيع وإصدار كافة الوثائق والمحررات المؤمنة والذكية طبقا للمعايير والمقاييس العالمية.
وإذا كان صحيحا أن إقامة مثل هذا المجمع يأتي في اطار التحول الرقمى الذى تستهدفه الدولة المصرية أو ما يعرف بالرقمنة في إصدار كافة خدماتها، إلا أنه من الصحيح أيضا أن وجود مثل هذا المجمع يحمى بياناتنا من الاختراق الذى يمثل تهديدا حقيقيا للأمن القومى المصرى، وهو ما أكده صراحة الرئيس عبد الفتاح السيسى في كلمته: "البيانات يا جماعة والمعلومات كنز، هي كنز وهقول تعبير صعب، و(عورة)، لأنه مينفعش كارت الطالب يبقى كل المعلومات تبقى متاحة للكل"، هذه الكلمة تعبر اصدق تعبير عن رؤية الدولة المصرية في صون امنها القومى الذى يبدأ من حماية سجلاتها وأوراقها الثبوتية من الاختراق الذى يعطى للآخر صورة كلية عن واقع الدولة المصرية ومواطنيها بما يسهل عليه اختراقها.
ملخص القول إن حماية البيانات وصونها خط دفاع أول عن امن الدولة واستقرارها من ناحية، وترسيخا لقيمة إنسانية واجبة الحماية والاحترام وهى الخصوصية الفردية من ناحية أخرى، وهو ما نجحت فيه مصر بتأسيس هذا الصرح الأول من نوعه في المنطقة.