رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قصة متحفين

12-4-2021 | 18:18


حسام العادلي,

في الوقت الذي تقاتل فيه الدولة بكل طاقتها الإرهاب الدموي، فإنها أيضًا تصارع إرهاب أخطر وأشرس؛ هو إرهاب طمس الهوية والتشكيك في أصل وحقيقة الحضارة المصرية الفرعونية القديمة، وبلغت ذروته ما تلي الموكب العالمي لنقل المومياوات الفرعونية.

 وقد اتخذ هذا التشكيك أوجه عديدة بألسنة مختلفة: الفراعنة كانوًا كفارًا وهو خطاب يستهدف العامة والبسطاء، أن حضارتنا عربية وما قبلها لا يعبر عن الأمة الإسلامية وديننا ، ثم التعويل علي جانب آخر من الحديث الموجه يتحدث إلى فصيل آخر من الشعب أكثر ثقافة عن الجدوى الاقتصادية من وراء تكاليف ذلك الاحتفال مستهدفًا قطاعًا من الشعب مختلف عن سابقه.

 كل هذه التقولات الواهية إنما تعبر عن انزعاج من القوى المعادية التي تتخذ شكل إرهاب فكري من تلك النقلة الهائلة في الترويج الحضارة المصرية وتوثيقها، غير أن الدولة تمضي قدمًا نحو تحقيق أقصي حماية للهوية من التضليل والسطو علي التاريخ، إذ تستعد لافتتاح المتحف المصري الكبير ليكون المتحف الأكبر في العالم المتخصص في الآثار الفرعونية وعلم المصريات وبمثابة مختبرًا آثاريًا عملاقا يضم داخله 19 معملا للترميم بخلاف معامل الخزف والمعادن والأخشاب والميكربيولوجي والميكروسكوب الإليكتروني والمومياوات.

 المتحف المصري الكبير إلى جانب مساهمته العظيمة للإنسانية يعد استراتيجيًا هامًا للدولة المصرية.

 وفي الفترة البينية بين حكم مرسي العياط وقيام ثورة 30 يونيو، تمكن - مرسي - من زرع خلايا تكفيرية مسلحة في سيناء لتناوئ الجيش المصري؛ وتزامنًا مع مهاجمة هذه العناصر التكفيرية للقوات المسلحة التي جابهتها ببسالة، حاولت تدمير متحف العريش القومي وسرقة محتوياته، كمحاولة أن يتم تشويش الهوية المصرية التاريخية .

والمسألة هنا ليست عداء الجماعات التكفيرية للثقافة والإنسانية فحسب، بل أن تلك الجماعات لا تتحرك إلّا بتوجيهات وفق أجندات الأجهزة المخابراتية المعادية، والتي تدرك تمامًا الأهمية الاستراتيجية والسياسية لمتحف العريش القومي تحديدًا؛ فقد ارتبط بمقتنياته وخرائطه النادرة بالتأكيد علي الهوية المصرية لأرض سيناء في جميع الحقب التاريخية.

وليس من المصادفة أن تتطابق محاولات الجماعات التكفيرية تدمير المتحف وسرقة محتوياته مع اعتداءات الجيش الإسرائيلي حال غصبه لسيناء قبل انتصار أكتوبر؛ إذ سرق آلاف القطع الأثرية وأجري التنقيب والحفر الأثري في سيناء بأسرها ثم تدمير الموقع الأثري تمامًا بعد السرقة، ثم استردت الدولة المصرية فيما بعد غالبية المسروقات الأثرية التي نهبها الجيش الإسرائيلي وخصّصّت لها قاعة ضخمة في متحف العريش القومي.

ونتمنى أن نرى متحف العريش القومي صرحًا عملاقًا فوق أرض سيناء ومماثلًا للمتحف المصري الكبير، فإنشاء المتاحف التوثيقية الكبرى تأتي ضمن الأهداف الاستراتيجية للدولة المصرية .