رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«قيثارة السماء».. الشيخ محمد رفعت أسطورة أذان المغرب فى رمضان

13-4-2021 | 21:40


الشيخ محمد رفعت

محمد عاشور

«قيثارة السماء».. ارتبط صوت الشيخ محمد رفعت في آذاننا بأذان المغرب لحظة الإفطار في شهر رمضان المعظم، حيث يعتبر الأشهر فى رفع الأذان وتربى على صوته أجيال كثيرة.

 

الشيخ محمد رفعت ابن محمود رفعت ابن محمد رفعت، ولد في يوم الاثنين 9 مايو عام 1882م، بحي المغربلين بالقاهرة، وفقد بصره صغيراً وهو في سن الثانية من عمره، بدأ حفظ القرآن في سن الخامسة عندما أدخله والده كُتّاب بشتاك الملحق بمسجد فاضل باشا بالسيدة زينب، وكان معلمه الأول الشيخ محمد حميدة وأكمل القرآن حفظا ومجموعة من الأحاديث النبوية، وبعد ست سنوات شعر شيخه أنه مميز فبدأ يرشحه لإحياء الليالي في الأماكن المجاورة القريبة.

 

درس الشيخ محمد رفعت علم القراءات والتجويد لمدة عامين على الشيخ عبد الفتاح هنيدي، صاحب أعلى سند في وقته ونال إجازته، توفي والده محمود رفعت والذي كان يعمل مأموراً بقسم شرطة الجمالية وهو في التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولاً عن أسرته المؤلفة من والدته وخالته وأخته وأخيه "محرم" وأصبح عائلها الوحيد بعد أن كانت النية متجهة إلى إلحاقه للدراسة في الأزهر، بدأ وهو في الرابعة عشر يحيي بعض الليالي في القاهرة بترتيل القرآن الكريم، وبعدها صار يدعى لترتيل القرآن في الأقاليم.

 

لقب قيثارة السماء
 

هو أحد القراء المصريين البارزين والملقب بـ المعجزة و" قيثارة السماء "، وأول من أقام مدرسة للتجويد الفرقاني في مصر، فكما قيل: القرآن نزل بالحجاز وقرأ بمصر، وكانت طريقته تتسم بالتجسيد للمعاني الظاهرة وإمكانية تجلي بواطن الأمور للمتفهم المستمع بكل جوارحه لا بأذنه فقط، والتأثر والتأثير في الأخريين بالرسالة التي نزلت على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فقد كان يبدأ بالإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق وبعدها يعلو صوته فهو خفيض في بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل غالبا "عاليا" لكن رشيدا يمس القلب ويتملكه ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآيات الذكر الحكيم.


وكان جل اهتمامه بمخارج الحروف وكان يعطي كل حرف حقه ليس كي لا يختلف المعنى، بل لكي يصل المعنى الحقيقي إلى صدور الناس، وكان صوته حقا جميلا رخيما رنانا، وكان ينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان وبغير تكلف بعكس القارئين الذين خلفوه الذين يفتخروا بذلك ويتمادوا في ذلك بطريقة مبتذلة زائدة عن الحد وكان صوته يحوي مقامات موسيقية مختلفة وكان يستطيع أن ينتقل من مقام إلى مقام دون أن يشعرك بالاختلاف.

 

سوط عذاب وصوت رحمة


والمعروف عن الشيخ محمد رفعت، أنه كان قويا رقيقا خاشعا عابدا لله يشهد بوحدانية الله وصمديته، فهو رجل «خشع قلبه فخشع صوته» فتجد الناس تبكي وتخشى الله عند ذكره لآيات الترهيب وتفرح بذكره آيات الترغيب، لذا سمي بسوط عذاب وصوت رحمة، وعند سرده للقصص القرآني يتفكروا في الآيات ويتدبروها ويعتبروا منها، أما عندما يتصدق أي يقول صدق الله العظيم يندموا على بعده ويتمنوا لو استمرت تلاوته أبد الدهر فهو صوت من الجنة.

 

الإصابة بسرطان الحنجرة


وأصيب قيثارة السماء في عام 1943م بمرض سرطان الحنجرة الذي كان معروفاً وقتئذ " بمرض الزغطة " وتوقف عن القراءة، يقال : إنه بالرغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن قبول أي مدد أو عون ألح به عليه ملوك ورؤساء العالم الإسلامي، وإنه كانت كلمته المشهورة "إن قارئ القرآن لا يهان".

ويروى عن الشيخ محمد رفعت، أنه تقابل ذات مرة مع رجل فقير فقال له الرجل: " يا مولانا النهاردة سنوية المرحومة أمي وكنت بتمنى إنك تقرأ لها، ودعيت ربنا أنك توافق، ليرد عليه الشيخ رفعت: " وربنا يا سيدى استجاب لدعوتك " فقال له الرجل: "بس أنا مش معايا إلا جنيه واحد وأنت مقامك كبير، فرد الشيخ: " وأنا قبلت اقرأ بالجنيه بتاعك، وذهب الشيخ مع الرجل الفقير وقرأ تلك الليلة كما لم يقرأ من قبل.

 

رأى المشاهير


وقال عنه أنيس منصور: " ولا يزال المرحوم الشيخ رفعت أجمل الأصوات وأروعها، وسر جمال وجلال صوت الشيخ رفعت أنه فريد في معدنه، وأن هذا الصوت قادر على أن يرفعك إلى مستوى الآيات ومعانيها، ثم إنه ليس كمثل أي صوت آخر".

 

ويصف الموسيقار محمد عبد الوهاب، صوت الشيخ محمد رفعت بأنه ملائكي يأتي من السماء لأول مرة، وسئل الكاتب محمود السعدني عن سر تفرد الشيخ محمد رفعت فقال: كان ممتلئًا تصديقًا وإيمانًا بما يقرأ.


أما علي خليل "شيخ الإذاعيين" فيقول عنه: "إنه كان هادئ النفس، تحس وأنت جالس معه أن الرجل مستمتع بحياته وكأنه في جنة الخلد، كان كيانًا ملائكيًّا، ترى في وجهه الصفاء والنقاء والطمأنينة والإيمان الخالص للخالق، وكأنه ليس من أهل الأرض".


ونعته الإذاعة المصرية عند وفاته إلى المستمعين بقولها: "أيها المسلمون، فقدنا اليوم عَلَمًا من أعلام الإسلام"، أما الإذاعة السورية فجاء النعي على لسان المفتي حيث قال: "لقد مات المقرئ الذي وهب صوته للإسلام".