رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


حكاية استدعاء زكريا عزمي للعبد لله فى صالون الوزراء بمجلس الشعب!

14-4-2021 | 12:43


سليمان عبد العظيم,

في مشواري الصحفي الطويل مواقف غريبة لا يمكنني بالمرة نسيانها أو المرور عليها مرور الكرام، لا سيما عندما يكون ما جرى ودار في هذا الموقف أمر لا يمكن تصوره أو تخيله.

إليكم هذا الموقف الغريب الذي لم -وأعتقد لن- يغادر ذاكرتي بعد أن عشت تفاصيله عام 2007 عقب انتهاء حوار مجلة المصور مع أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي آنذاك.

بعد انتهاء الحوار قدمني الصديق الغالي غالي محمد الذي أعرفه منذ أربعون عاماً: "معالي الوزير.. سليمان له طلب عند سيادتك وأرجوك أن توافق عليه"، رد أمين بك: "تحت أمرك يا أستاذ سليمان.. تأمرني".
 
قلت: "أنا وأسرتي نحتاج 5 أفدنة في وادي النقرة".. رد الوزير بشكل غريب: "5 فدادين.. ياريت.. ولا 5 متر.. ولا سنتيمتر واحد.. وادي النقرة خلصت كلها.. طيب إدينا في المتخللات يا فندم.. مفيش في النقرة ولا سم يا أستاذ ".

 كان رد وزير الزراعة مفاجأة شديدة الصرع، "لا يوجد في وادي النقرة سنتيمتر واحد فاضي يا أستاذ سليمان".
 
قلت للوزير بغضب لم أستطع اخفاؤه: "إزاي يا سيادة الوزير.. أنا عارف ومتأكد أن هناك فدادين بالزوف في المتخللات.. إديني 5 فدادين فيها.. حضرتك منحت بعض نواب مجلس الشعب أراضي في المتخللات.. إديني زيهم ولّا يعني هما الأولى بالرعاية وإحنا النوبيين نضرب دماغنا في الحيط".
 
"والله ما عندي الآن سم واحد يا أستاذ سليمان.. لو كنت طلبت قبل كده كنت أقدر أخصص لك اللي أنت عايزه".

قلت: "يا ريتني سمعت كلام اللواء سمير يوسف محافظ أسوان لما قال لي اكتب طلب لوزير الزراعة وأنا ها أزكيه.. سيادة المحافظ كان أميناً وصادقاً جداً عندما نصحني بذلك.. هناك مساحات موجودة في المتخللات بين القطع الموجودة التي تم تخصيصها داخل وادي النقرة يا أستاذ سليمان.. ولكن المتصرف الوحيد فيها وصاحب قرار المنح والمنع هو معالي السيد وزير الزراعة شخصياً".
 
كلامي مع المحافظ كان في مكتبه بالمحافظة قبل أسبوع واحد من حضور وزير الزراعة إلينا في مجلة المصور، في حوار الأسبوع.. وعندما أكّد لي الأستاذ غالي وجود وزير الزراعة في حوار الأسبوع قلت لنفسيي: "الأحسن أطلب طلبي من صاحب قرار المنح نفسه.. وسمعت نصيحة المحافظ بأن أركز علي القطع الموجودة كمتخللات التي لم يتم تخصيصها بعد".

"ولا سم واحد ازاي يا أمين بك.. أنا كمواطن نوبي أحقّ من أي شخص آخر بطلب تخصيص أرض في النقرة.. ولّا سيادتك مش شايف كده يا أمين بك.. أنا طالب 5 فدادين مش ألف ولا ألفين ولا ثلاثة آلاف فدان زي أحد المستثمرين اللي جاي من السويس ومعاه شريك سري كبير المقام قوي قوي قوي في البلد.. وحضرتك يا أمين بك عارف تماماً أنا أقصد مين".

بعد أن قلت وكشفت بعض ما عندي تكهرّب الجو داخل قاعة فكري باشا أباظة التي جري فيها الحوار.. صمت الوزير تماماً بعد أن تأكّد أن استمرار هذا الحوار الجانبي لن يكون مأمون الجانب.. وأن العبد لله يجب أن يرى العين الحمراء!.

وأثناء انصراف وزير الزراعة حاول سكرتيره الصحفي معرفة من هما الشخصين المقصودين، ولكنني لم أفصح عنهما وأجبتهً: "معالي الوزير يعرف جيدًا من هو هذا المستثمر السويسي الكبير الذي ليس في تصرفاته واستثماراته أي شيء يدل على صلاح نواياه، بل ويعلم السيد الوزير تمام العلم من هو هذا المسئول الكبير قوي قوي الذي يهتز له كل السادة الوزراء والمحافظين..

حدث هذا الموقف العجيب بين وزير الزراعة وبيني داخل قاعة فكري باشا أباظة بـ«دار الهلال».. ولكن ما حدث ظهر اليوم التالي مباشرة كان الأشد عجباً.!

 كنت أجلس في مكاني المخصص لـ«دار الهلال» اتابع جلسات البرلمان حين ناداني أحد العاملين بالبرلمان: «أستاذ سليمان من فضلك دقيقة واحدة.. دكتور زكريا عزمي عاوزك في صالون كبار الزوار.. أول ما يقوم من مكانه انزل له من الشرفة».

قام الكبير قوي قوي.. ونزلت أقابله حسب طلبه.. وبعد كلمات طيبة أشاد فيها بباب تحت القبة الأسبوعي دخل في الجد: «أمين أباظة مبسوط جداً من حواره معكم مساء أمس.. لكن واضح أنك لم تكن مبسوطًا من حديث الوزير.. فيه إيه يا عبد العظيم.. ممكن أعرف؟!".

ولا حاجة يا دكتور زكريا.. تتصور باطلب منه 5 فدادين في وادي النقرة يقولي ولا متر واحد.. ولا سم واحد.. تخيّل يا فندم".


تخيل يا دكتور زكريا لما قلت له أديني 5 فدادين ولو في المتخللات يكون رده بغضب..معنديش سم واحد مش متر..معنديش يا أستاذ سليمان..!


بالسرعة دي انتقل ما جري في قاعة فكري أباظة إلي مجلس الشعب.. حكي أمين اباظة للدكتور زكريا كل ما دار.. و نقل إليه كل ما جري ؟!..

 المهم.. طلب مني الدكتور زكريا تقديم طلب لوزير الزراعة.. وقال إنه سوف يزكي هذا الطلب كنائب بالبرلمان.. لكنني توقعت أن تكون هناك لعبة أخري من وراء هذا.. وقلت في نفسي.. تغور الـ5  فدادين.. أنا مش عاوزهم.. أنا مش أد الناس دول.. 
 
كان قراري قبل أن أغادر صالون كبار الزوار، أن أكتفي بما جرى، أنا لا أجيد اللعب مع الكبار، ما جرى كارت إرهاب.. قلت لنفسي: "يا عمنا أنت رجل نوبي، والنوبيين ناس طيبين، أنت مش سويسي ولا شرقاوي، ابعد خالص، النقرة دي ليها ناسها، واحنا مش ناسها،  تغور في ستين داهية أرض النقرة اللي كان ممكن أقع فيها ولا حد يسمي، تغور تغور النقرة واللي فيها واللي عايزها حتي..!