رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الشهيد المجهول

17-4-2021 | 17:43


محمود بسيونى

كشفت الحلقة الرابعة من مسلسل "هجمة مرتدة" النقاب عن مشهد ربما تتناوله الدراما المصرية للمرة الأولى، وهو استشهاد أحد عناصر المخابرات العامة خلال إحدى عمليات الجهاز في العراق، ويدور بين أبطال العمل الدرامي حوارا إنسانيا حول بطولاتهم المجهولة للجميع فلا هم يستطيعون روايتها ولا أبنائهم سيعلمون حجم التضحية العظيمة التي قدموها لمصر، فهي لا يمكن روايتها نظرا لطبيعة السرية التي تحكم عمل أجهزة الاستخبارات في العالم.

 

لأول مرة يكرم الشهيد المجهول في الدراما المصرية، يحكى قصته دون أن يذكر اسمه أو دوره، وهو أمر مستبعد بالتأكيد، فهؤلاء يرحلون في صمت تام دون وداع، تضحية يقدمها صاحبها خالصة للوطن دون أن ينتظر شيئاً، فلا أحد يعلم حقيقته ولا طبيعة دوره، وهو يقدمها عن طيب خاطر إلى بلاده .

 

تطرقت دراما "هجمة مرتدة" إلى المناطق المجهولة في عمل المخابرات المصرية يعكس اقترابا إنسانيا مختلفا عما كان يقدم في السابق ، فنحن لا نتابع عملا توجيهيا تعبويا يركز على البطولات أو مناطق الإثارة الجاذبة للجمهور، ولكن يفصح عن حجم الصعوبات والتحديات النفسية والإنسانية للعمل الاستخباراتي في دولة تواجه تحديات معقدة وممتدة مثل مصر .

 

"هجمة مرتدة" لما قدم الشهيد المجهول يقترب من حرب كاملة تعرضت لها المنطقة مع بداية عام 2005، حينما أفصحت كونداليزا رايس عن استراتيجية الفوضى الخلافة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، وشهدت تلك الفترة ظهور لتنظيمات إرهابية أتاحت لها الولايات المتحدة لعب دور مقاولي هدم الدول العربية مثل جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وأذرعها داخل التنظيمات الإرهابية المختلفة، فتحولت المنطقة كلها من العراق وسوريا واليمن وليبيا إلى كتلة لهب نجت منها مصر بفضل يقظة أجهزتها .

 

كما أن الاقتراب من منظمات حقوق الإنسان كان محسوبا، بالتأكيد ليست كل منظمات حقوق الإنسان متهمة ولكن ما كشف عنه الإعلام الغربي فيما بعد هو كم الاختراق الهائل الذى وقع لتلك المؤسسات، وكيف لعبت بعضها دور الغطاء لنقل الأسلحة والأموال إلى مقاتلي تلك التنظيمات، حتى أن وزارة الخزانة الأمريكية صنفت بعضهم ووضعتهم على القوائم الإرهابية .

 

ولأن العمل الدرامى المتقن ناجح في مخاطبة العقول والتأثير عليها كان من الطبيعي أن يتعرض العمل لهجوم من جانب بعض النشطاء الحقوقيين الذين كان لهم دور شديد السلبية في تلك الفترة، بل وعلموا على تمهيد الأرض لتلك التيارات من أجل الوصول إلى السلطة وحتى الدفاع عن عناصرهم المتهمة بالعنف .

 

والحقيقة أن محاولتهم للتسفيه من العمل أو فتح الباب أمام انتقاده بهدف التقليل من تأثيره ستلقى مصير محاولتهم السابقة مع مسلسل "الاختيار" خلال العام الماضي، وتأثير ما يرددونه لن يخرج خارج دوائرهم المغلقة ، لقد انتهت أدوارهم كما انتهت الفوضى الخلاقة بقرار واضح من الشعب المصري واختياره التضحية من أجل الاستقرار  .