رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الأحفاد يتوجون عظمة الأجداد

18-4-2021 | 16:06


ريهام الزينى,

من جديد وكما تعودت الإنسانية على مر التاريخ، أرادت مصر أن توجه أنظار العالم إلى ملحمة مصرية وطنية بامتياز تمثل مستقبل مصر وتاريخها، وفى لحظة وبدون سابق إنذار ولا إعلان، وبعد أن إعتادت على إبهار العالم فى كل المحافل الدولية التى تنظم على الأراضى المصرية عادت لتكرره وبقوة، ولكنها عادت هذه المرة بحفل أسطورى مصرى خالص أجبر العالم كله أن يتابعه ويشاهده وينتظره لساعات أمام شاشات التيلفزيون، للإستمتاع بلحظات تاريخية ربما لا تتكرر، وهى لحظة خروج الموكب الأعظم فى التاريخ لنقل المومياوات الملكية، من المتحف المصرى بالتحرير نحو صرح الحضارة والتخليد ومستقرهم الجديد فى متحف الحضارة بالفسطاط، وكأن هناك مواعيد تحددها مصر تجعل العالم يقف يراقب بكل تقدير وإحترام ما تقوم به مصر وما يحدث فيها من علو وازدهار، وتثبت كالعادة أن مصر تستطيع -رغم التحديات- تقديم احتفالات أسطورية تاريخية عالمية لا مثيل لها.

وفى يوم تاريخى لحضارة عظيمة، ترقب الملايين فى مصر والعالم أجمع انطلاق واحد من أهم الأحداث الأثرية خلال القرن الحادى والعشرين، من خلال موكب مهيب وعروض ذهبية فريدة تليق باستقبال نقل المومياوات الملكية لعظماء التاريخ من حكام أرض مصر.

وفى لحظة يقف عندها التاريخ نجد عظمة، شموخ، الأحفاد بتاريخ الأجداد، 22 من ملوك وملكات مصر زينوا هذا الموكب التاريخي، والخيول فى وضع انحناء، والمصريون من بلكونات منازلهم يرددون"الله أكبر"، وسط تنظيم مبهر من القيادات المختصة التى تمكنت من إخراج الحفل بأفضل صورة ممكنة.

وفى مشهد مهيب يحبس الأنفاس، يتوجون الأحفاد عظمة الأجداد، فى حفل أسطورى نظمته دولة تحترم حضارتها وتاريخها وإرثها الثقافي، بحضور قائدا عظيما تسابق خطواته أحلامه وآماله لدعم تحركات الأحفاد لتتويج عظمة الأجداد وهو الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى تحدى كل الصعاب لفتح أخطر الملفات الحيوية المسكوت عنها، حيث ظهر فى صمت وعظمة وشموخ وهو يستقبل موكب الأجداد، ليعطى فى كل تفصيلة رسالة تعيد للأذهان قيمة مصر ومكانتها.

ففى هذا الحفل الذى هز العالم كله ولمس قلوب الأحفاد وهم يشاهدون تاريخ الأجداد أمام أعينهم والذى خرج فى مشهد يتسق مع عظمة وعراقة الحضارة المصرية القديمة، أكدوا الأحفاد أنهم مازالوا يمتلكون قوة وإصرار جبارة، لخطف أنظار العالم لحضارتهم الراقية وتاريخهم المشرف، ليستعيدوا زينتها، كى تظل مصر دائما فى أبهى صورها، والتى لطالما كانت رمزا للحضارة والتاريخ.

ورغم حالة الانغلاق الإجبارية اﻟﺘﻲ ﻗﺬﻓﺖ ﺑﺘﺤﺪﻳﺎت ﻛﺒﻴﺮة عالمية شهدت الفترة الماضية الكثير من المجهودات فى عملية إعداد هذا الحدث العظيم بعد توجيهات الرئيس السيسى بإتخاذ ما يلزم من إجراءات لإستقباله كحفيد موكب الأجداد استقبال رسمى ملكى عظيم الشرف والعزه والفخر لملوك مصر االعظمي، ليظهر الحفل بالمظهر اللائق المناسب لقيمة مصر وملوك الأجداد التى تمثلهم تلك المومياوات لدى جميع الأحفاد، دون أى ضرر.

وتعليقا على حالة الدهشة التى مازالت تنتاب الكثيرون بسبب حضور الرئيس السيسى هذا الحدث الضخم دون أن ينطق بحرف واحد على غير عادته، لإيمانه الشديد بقداسة الحدث..وليعطى فرصة لمصر تتحدث عن نفسها بأسمى معانى الرقى والإبداع، وتحذر كل من تسول له نفسه المساس بأمنها القومي، لتقول "أنا مصر..الأمن والأمان، التاريخ والعصور، أنا مصر.. هكذا التعامل معى، أنا مصر.. وبهذا الرقى يتعامل أحفادى مع الأجداد، أنا مصر.. مستمرون فى البناء رغم التحديات".

وردا على الإنتقادات التى طالت الدولة المصرية  بسبب الأموال التى صرفت بهذا الحفل..قولا واحدا.. لم يكن حفل موكب نقل المومياوات الملكية، حدثا مرتبطا بالقيمة التراثية فقط، بل جاء رسالة مصرية للعالم ذات أبعاد إقتصادية وسياسية وسياحية منقطعة النظير، وسوف تتعرفون عليها خلال المدى القريب، فهذا الحدث المهيب يسطر تاريخا جديدا للسياحة المصرية، فضلا أنه أعطى رسالة إلى العالم أجمع أن مصر مستقرة وآمنة وتنهض وتستعيد مجدها وحضاراتها من جديد، والأهم أنه أعطى انطباعا رائعا لإثبات أن مجريات الأمور تسير على قدم وساق، أن مصر تستطيع وقادرة على الوقوف على قدميها رغم التحديات.

وأما عن السؤال الذى مازال يتبادر إلى الأذهان، وهو عن سبب نقل المومياوات الملكية.."الجواب"، ووفقا لما أعلنه العديد من الخبراء، فقد بدأت فكرة النقل مع بداية مشروع فحص المومياوات الملكية، حيث كان من المقترح أن يكون النقل بلا فعاليات، إلى أن تدخل الرئيس السيسى الذى أمر برفع كفاءة كل المناطق المحيطة والخروج بالمومياوات فى موكب يليق بعظمة الأجداد، وعرضها بطريقة علمية تشمل الملك وبعض قطع من آثاره، فضلا عن العمل على تنويع مصادر الجذب السياحى فى مصر.

ورغم هذا الحدث التاريخي، ولكن يظل السؤال الأكثر جدلا ومازال يثير تساؤلات فى الأوساط العلمية والثقافية والشعبية، ويؤرق أكثر أذهان الباحثين دون أى إجابة واضحة، "هل يجوز شرعا عرض جثث المومياوات الملكية أمام هذا الكم الهائل من المنتظرين والمتفرجين؟":

الإجابة.. أرى أن دائما رأى الدين هو الفيصل بين كل حدث، وفى هذا السياق أصدرت دار الإفتاء فتواها بالأتي، المنفعة العامة تتفوق على الخاصة وعلى هذا سمح الإسلام بتشريح الجثث للصالح العام وهو التعلم الطبي، وأكدت أنه إذا استجد أمر من الأمور الحضارية التى تساعد المجتمع على تعلم التاريخ مع الحفاظ على حرمة الميت فلا مانع، وأوضحت، أن المنفعة من عرض المومياوات تتمثل فى الدراسة، التعرف على الآخر، إثبات الحضارة، الترويج السياحي، الإتقان العلمي، المتمثل فى القدرة على التحنيط، إثبات النسب لهذا الشعب بالعمق الحضارى والتاريخي.

 نعم مصر صنعت شيئا لن ينساه العالم، "فهناك دول كتيرة تعرض حضارات دول أخرى لكن مصر تعرض تاريخها وتراثها وحضارتها"، وما يفتخر به العالم الآن من حريات أسسته الحضارة المصرية من آلاف السنين.

نعم يوم تاريخى لحضارة عظيمة، "فشكرا لكل شخص صنع هذا الحدث العظيم، ولكل القائمين على هذه الفعالية العظيمة ولكل شخص بذل مجهودا ليظهر هذا الحدث على أكمل وجه، شكرا للجنود المصرية المجهولة التى إبتكرت موكب المومياوات الملكية، شكرا لفرق و خبراء مراكز الأثار المصريين الذين إجتمعوا بهدف الحافظ على مومياوات الأجداد، لتأمين خروجها ونقلها بشكل آمن وسليم، وشكر خاص جدا للرئيس السيسى ومتابعته المستمرة التى كانت كلمة السر فى النجاح الباهر الذى أدهش العالم.

نعم هذا اليوم سيذكره التاريخ، والعالم كله سيشهد بأن مصر منبع الحضارات تستطيع ولكن بشرط الإرادة، فمن يتصفح التاريخ يدرك أن مصر إستطاعت، وصنعت حضارة كانت، ولا تزال، وستظل مفرداتها لغزا يعجز عن تفسيره العلماء، ومثلما إستطاعت مصر بالأمس، فهى تستطيع اليوم..تستطيع أن تبنى وتخطط وتنجز وتبهر العالم، فى صمت، ودون ضجيج، ولعل نجاح هذا الحفل الأسطورى خير دليل وبرهان على عمق روح الإنتماء والفخر بوطننا مصر.

إنه لشرف عظيم أن اصطفانا الله للانتماء لهذا الوطن، وهذا الشرف يحتم علينا كأحفاد مسؤولية للتفانى والعمل على بنائه ورفعته كلا حسب ما يمتلكه من علم وخبرة ومعرفة، وإنه وسام على صدرى أن أشهد هذه اللحظة وأكون من بين الكتاب الذين كتبوا عن هذا الحدث التاريخي، مما يجعل بحر السعادة يغمرنى ويزيدنى طاقة لتحقيق المزيد والمزيد لخدمة هذا الوطن.

نعم إنه لفخر لكل مصرى وعربى والعالم أجمع ينقل الحدث، ومصر تحكى التاريخ من المتحف القومى للحضارة، وبهذا الإحتفال الأسطورى تسطر مصر ملحمة وطنية جديدة فى تاريخ هذا الوطن تليق بمصر الجديدة التى تعيد البناء وتتغلب على كل الصعاب لإعادة كتابة التاريخ.

نعم مصر متجهة لوضع آخر مهيب..نعم أصبح العالم كله يتمنى يبقى مصري، فهيا بنا أيها الأحفاد نشد الأحزمة ونقف فى ضهر جيشنا ورئيسنا، فمازال هناك أدوار رئيسية على المؤسسات المختلفة أداؤها من أجل نشر الوعى الصحيح إتجاه تاريخنا، فلم نتقدم أبدا، ولن نجنى ثمار هذا الحدث، دون سعى تلك المؤسسات نحو ذلك".

هكذا كان الإحتفال بـ موكب نقل المومياوات الملكية لملوك الأجداد، وهكذا تم تصميم تلك الإحتفالية كوسيلة وطنية لإلقاء الضوء على مكانة مصر التاريخية"، وبتوفيق من الله كانت فى قمة الإحترافية، فما أصعب من أن نحاول وصف ما لا يمكن وصفه، حيث تعجز الكلمات أن تعطيه ما يستحق، فما حدث حقا ملحمة وطنية يسجلها التاريخ.

وهو ما يدفعنى أختم مقالى بسؤالا حائرا من الأجداد إلى الأحفاد سوف أضعه بين أيديكم وسأترك مشاركاتهم تتفاعل.

إذا كنا نحن الأجداد قد أبدعنا

فمن حقنا عليكم أيها الأحفاد أن تحافظوا على إبداعاتنا

فما مقترحاتكم إذن للحفاظ على تاريخنا وتراثنا الحضارى القديم؟!