بالتفاصيل .. جريمة قاتل جدته من أجل «حفنة جنيهات»
كتب: طه فاروق
كان السكون يغلف المكان وتمددت العجوز على الفراش القديم، انتبه جسدها نتيجة اهتزاز المرتبة، والتقطت أذنيها أصوات بعثرة حثيثة، وأصوات أنفاس لاهثة تحاول الظفر بتحويشة العمر، علت موجات الغضب والضجر على وجهها عندما ميزت عينيها صورة حفيدها يمزق المرتبة بحثا عن أموالها.
لم يرد بمخيلتها فى أحلك الأوقات، أن تكون نهايتها على يد نجل ابنتها، الذى كانت تغدق عليه بالمال هو واخوته، إلا أن الحفيد الجاحد عقد مع الشيطان اتفاقا لا رجعة فيه، ولإتمام الاتفاق قرر إزهاق روحها، فهجم على جسد العجوز التى طالما أغدقت عليه بالحنان والعطف، ولم يتركها إلا بعدما تأكد أنها فارقت الحياة، فحمل ما قل وزنه وغلا ثمنه ولاذ بالفرار .
"الهلال اليوم " انتقلت إلى مكان الواقعة البشعة، ففى بيت مكون من 4 طوابق، عاشت الحاجة زينب، فى رغد من العيش بعد وفاة زوجها وتركه لعقارات وتجارة تقدر بالملايين، ولكنها لم تبخل يوما على أحفادها، وبخاصة قاتلها حيث كانت كثيرا ما تمنحه المال دون علم أبنائها، وهو ما تسبب لها فى مشكلات عديدة معهم بسبب تفضيلها لأحفادها من البنات.
فى البداية قال "كرم" زوج حفيدة المجنى عليها إن جدة زوجته قتلت بدم بارد على يد حفيدها طمعا فى المال، وأضاف أنه منذ وفاتها والجميع فى حالة انهيار، خاصة أن الشكوك حامت حول أبنائها فى البداية.
أما جيران المجنى عليها فقد أجمعوا على سيرتها الطيبة ومساعدتها لجيرانها الفقراء والبسطاء، وقال "أحمد م" صاحب ورشة، إن جارته القتيلة كانت ميسورة الحال وكانت تحرص على أداء فريضة الحج كل عام، وكان لديها 4 أبناء رجال هم عصام، ومحمد، وحسين، وحسني، أحدهم يملك مقهى والآخر لدية سيارة نقل يحمل بها الطوب والآخران يملكان ورشة أسفل العقار، بالإضافة لابنتين متزوجتين، تقطن إحداهما بنفس الشارع .
وأوضح الجار: قبل اكتشاف الواقعة لاحظ سكان الشارع اختفاء الحاجة زينب عن الأنظار، وعندما سمعنا صراخ السيدات من داخل منزلها صعدنا بسرعة لنجد جثتها ممددة على السرير بينما يسيل الدم من أنفها ، واختتم قائلا: "منه لله اللى قتلها دى كانت ست طيبة وعمرها ما آذت حد".
وقالت إحدى جارات المجنى عليها، إن الحاجة زينب كانت تستعد لأداء فريضة الحج خلال الأشهر القليلة المقبلة كعادتها كل عام، حيث أنها كانت حريصة على أدائها عدة مرات، وأضافت إن أبناء الحاجة زينب ذوو طباع حادة ودائما ما كانوا يتشاجرون مع بعضهم البعض، على عكس والدتهم التى كان الجميع يشهدون لها بحسن المعشر وهدوء الطباع، فكانت عندما تغضب من أولادها تترك لهم المنزل وتذهب للإقامة بمنزل ابنتها "أم احمد" على بعد خطوات من منزلها، وأضافت إن القتيلة كانت معتادة على وضع أموالها من حصيلة تجارتها فى المرتبة التى تنام عليها.
وعبرت الجارة عن استنكارها للحادث وقيام "أحمد" بقتل جدته، مؤكدة أن المجنى عليها كانت تحبه وتغدق عليه بالأموال، لدرجة وقوع عدة مشاكل بينها وبين باقى أبناءها بسبب حبها لابنتها "أم القاتل"، مؤكدة أن أهالى المنطقة كانوا على علم بوجود خلافات بين أبناء القتيلة و"أم القاتل" بسبب حب الأولى لبناتها أكثر من الأولاد.
وعلى بعد خطوات قليلة توجهنا إلى منزل الحفيد المتهم، فوجدنا باب الشقة مغلقا بينما قام والداه بترك المنطقة، وأوضح السكان أنهم غادرا المنزل وتوجها لمنطقة المعصرة حيث منزلهما الآخر، وأضاف أحدهم أن الشيخ رمضان والد المتهم يعمل فى إصلاح الأجهزة الإلكترونية ويساعده نجله المتهم، وفجر مفاجأة حيث قال إن أبناء القتيلة ساوموا والد المتهم على التنازل عن منزله مقابل عدم اتهام نجله بارتكاب الجريمة.
وتعود تفاصيل الواقعة عندما تلقى المقدم وائل عرفان رئيس مباحث قسم شرطة حلوان بلاغًا من شرطة النجدة بوجود جثة داخل عقار، وبالانتقال والفحص عثر على جثة سيدة تدعى زينب ع . ع ، 72 سنة، وتبين أنها تقيم في عقار مكون من 5 أدوار يسكن به أولادها، وهي تعيش في شقة منفصلة مع والدتها التي تبلغ من العمر 100 عام، ومصابة بـ«الزهايمر»، وكشفت مناظرة النيابة للجثة عن انتفاخ البطن والوجه وتغير لونه، بالإضافة إلى وجود دماء بالأنف والأذن والفم، وخروج جزء من اللسان ووجود كدمات بالساعد الأيمن نتيجة العنف أدت إلى تغيير لو الأصابع.
وكشفت تحقيقات النيابة عن سرقة 3 "غوايش" كانت ترتديها المجني عليها باليد اليمنى، بالإضافة إلى سرقة مبلغ مالى غير محدد قيمته، وبالتحقيق مع أهل المجني عليها وبسؤال نجلها "محمد ح" 47 سنة، صاحب كافتيريا ومقيم دائرة القسم اتهم نجل شقيقته "أحمد" 18 سنة، طالب ومقيم دائرة قسم شرطة المعصرة بسبب سابقة قيامه بسرقتها مرتين بأسلوب المغافلة ولم يقم بالإبلاغ.
وبإجراء التحريات وجمع المعلومات تبيَّن صحة الواقعة وأن المتهم وراء ارتكابها، وعقب تقنين الإجراءات تم إعداد الأكمنة اللازمة بالأماكن التي يتردد عليها أسفرت إحداها عن ضبطه، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة بقصد السرقة وأقر بأنه نظرا لمروره بضائقة مالية اختمرت فى ذهنه فكرة سرقة المجني عليها لكونه يتردد عليها وتنفيذًا لذلك انتظر لحين استغراقها فى النوم ودخل إلى غرفتها وقام بالعبث بمحتويات الغرفة فاستشعرت بوجوده فقام بكتم أنفاسها وخنقها بإيشارب حتى فارقت الحياة خشية فضح أمره، وقام بالاستيلاء على مشغولات ذهبية عبارة عن (سلسلة، دلاية)، كارت ائتمان خاص بصرف معاش "كرامة" التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، وتم ضبط المسروقات بمسكنه والإيشارب المستخدم فى ارتكاب الواقعة.