غزوة بدر.. ذكرى "يوم الفرقان" وأول المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام
تحل اليوم ذكرى انتصار المسلمين في غزوة بدر، والتي تعد أول انتصار للمسلمين وأولى غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي وقعت في 17 رمضان في السنة الثانية من الهجرة النبوية، والتي عرفت ب "يوم الفرقان" كما ورد ذكرها في القرآن الكريم، وهي من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام.
أسباب غزوة بدر
سُميت غزوة بدر، بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكة والمدينة المنورة، حيث نزل الرسول محمد والمسلمون عند أدنى ماء من مياه بدر.
ووقعت المعركة بعد العنف والوحشية التي لاقاه المسلمون وعلى رأسهم الرسول صلى الله عليه وسلم من كفار قريش في بداية عهد الإسلام، وذلك رفضا للدين الإسلام، حيث كانوا يخططون لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم ويعذبون كل من يؤمن بالإسلام، حتى أذن الله لنبيه محمد بالهجرة من مكة إلى المدينة، لينجو من بطش قريش ومخططاتهم.
وبدأت غزوة بدر بمحاولة المسلمين اعتراضَ عيرٍ لقريشٍ متوجهةٍ من الشام إلى مكة كان يقودها أبو سفيان بن حرب، ولكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة، فبادر إلى تحويل مسارها إلى طريق الساحل وأرسل رسولاً إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، واستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين، وبدأ يتحسس أبا سفيان أخبار جيش المسلمين.
وفي رمضان وتحديدا في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة، خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وجيش المسلمين إلى بدر، وبدأ الرسول بالتخطيط للمعركة وترتيب صفوف الجيوش، كما كان يبشر المسلمين بالنصر قبل بدء القتال فيقول: «أبشر أبا بكر»، ووقف يقول للصحابة: «والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة». وقد دعا الرسول للمسلمين بالنصر فقال: «اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني».
وقد كان عدد جيش قريش يبلغ ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريباً، حيث كان عدد جيش المسلمين في غزوة بدر نحو 300 رجلا، معهم فرسان و70 جملا، لكن جيش قريش كان يتكون من ألف رجل معهم 200 فرس.
أحداث غزوة بدر
بدأت المعركة بخروج رجل من جيش قريش هو الأسود بن عبد الأسد المخزومي قائلاً: «أعاهد الله لأشربن من حوضهم، أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه»، فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فلما التقيا ضربه حمزة فأطَنَّ قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض، ثم خرج من جيش قريش ثلاثة رجال هم: عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة، وطلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار وهم: عوف ومعوذ ابنا الحارث (وأمهما عفراء) وعبد الله بن رواحة، ولكن الرسول أرجعهم؛ لأنه أحب أن يبارزهم بعض أهله وذوي قرباه، وقتل الثلاثة رجال من جيش قريش.
ولما شاهد جيش قريش قتل الثلاثة الذين خرجوا للمبارزة غضبوا وهجموا على المسلمين هجومًا عامًا، فاستبشروا خيرًا، ودارت المعركة، وكان جيش المسلمين يرى جيش قريش أقل عددا، فيما رأى جيش قريش جيش المسلمين أكثر عددا، وهو ما ورد ذكره في القرآن فقال تعالى: (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
ودارت رحى المعركة، حتى اقتربت المعركة من نهايتها، وبدأت جموع قريش تفِرُّ وتنسحب، وانطلق المسلمون يأسرون ويقتلون حتى تمت على قريش الهزيمة، وقتل المسلمون أبي جهل وهو القائد العام لجيش قريش، وهو عمرو بن هشام المخزومي، انتهت معركة بدر بانتصار المسلمين على قريش، وكان قتلى قريش سبعين رجلاً، وأُسر منهم سبعون آخرون، وكان أكثرهم من قادة قريش وزعمائهم، وقُتل من المسلمين أربعة عشر رجلاً.
ومكث الرسول محمد في بدرٍ ثلاثة أيام بعد المعركة، وقد ساعدت هذه المعركة على انتصار دولة المسلمين وتقوية شوكتها وبداية انهزام كفار قريش عسكريا ومعنويا.