رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


كبير الأثريين: المصريون القدماء أول من احتفل بشم النسيم منذ 5000 سنة (حوار)

3-5-2021 | 10:41


أطعمة شم النسيم

محمد عاشور

كان القدماء المصريون، عاشقين للجمال والطبيعة والبناء والإبداع، إذ إنهم أول شعب فى العالم يحتقل بالربيع، أو ما يطلق عليه «سم النسيم»، بعد موت النبات خلال الشتاء، وفي حوار أجرته «دار الهلال» مع الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة الأثار، يشرح فيه تاريخ شم النسيم، وكيف يمكننا الاستفادة منه في الترويج للسياحة في غير أزمة فيروس كورونا التي اجتاحت البلاد مؤخرا، وإلى نص الحوار:

** في البداية.. في أي عصر ظهر الاحتفال بعيد شم النسيم؟

ترجع بداية الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام، أي نحو عام 2700 ق.م، وبالتحديد إلى أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية، ويحتفل به الشعب المصري حتى الآن، وبعض المؤرخين يرون أن بداية الاحتفال به ترجع إلى عصر ما قبل الأسرات، ويعتقدون أن الاحتفال بهذا العيد كان معروفًا في مدينة هليوبوليس «أون».

** ما سر تسميتها بهذا الاسم؟ وإلى ماذا يرمز؟

ترجع تسمية «شم النسيم» بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية «شمو»، وهي كلمة مصرية قديمة لها صورتان وهو عيد يرمز – عند قدماء المصريين – إلى بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدأ خلق العالم كما كانوا يتصورون.

وتعرض الاسم للتحريف على مرِ العصور، وأضيفت إليه كلمة «النسيم» لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.

** كيف كان يحتفل به القدماء المصريين؟

كان القدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفالا رسميا كبيرا فيما يعرف بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار، وقت حلول الشمس في برج الحمل، فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب.
 
** ما المختلف في احتفال المصريين بشم النسيم عن باقي بلدان العالم؟

حتى الآن الاحتفال بشم النسيم فى مصر له نكهة ومذاقا مختلفا عن أي بقعة فى العالم، لما تتميز به مصر من طقوس وأكلات معينة ارتبطت فى ذهن المصري وصارت تراثية مثل: «البيض والبصل والخس والفسيخ»، التي أصبحت من لوازم الاحتفال بشم النسيم يجمع عليها المصريون على اختلاف ديانتهم ومستوياتهم الاجتماعية، وكانت هذه اللوازم لها ألفاظ فى اللغة المصرية القديمة، حيث:

- البيض

كان يقال له «سوحيت»، هو رمز الخروج للحياة، لأن الكتكوت مثلا يخرج للحياة من جماد وهى البيضة، لذلك كان المصري القديم عندما يقوم من النوم فى هذا اليوم كان يأكل البيض كرمزا للميلاد أو الخروج للحياة. 

- الفسيخ 

كان يقال له «بور»، وكان السمك المملح المخزن الذى يأكله المصري بطريقة التعتيق، الذى يسمى الفسيخ كان من السمك البوري النيلي، وكان رمزا لنهر النيل الذى يعشقه المصريين، ولأن هذا النوع من السمك يأتي من نهر النيل أيضا.

- البصل

كان يقال له «حجو»، والبصل كان يرمز للقيامة وكانوا يعلقوه على الجدران فى المنازل وكما يفعل الكثيرين حتى الآن، وكان من أشهر الأطعمة لزيادة القوة والفحولة، ولقد ذكر كثيرا فى النصوص المصرية وكذلك فى نصوص الأهرامات، ووجد أن العمال الذين شاركوا فى بناء الهرم كانوا يأكلون كميات كبيرة من البصل والثوم وكلها كانت بمثابة مضادات حيوية ضد الأمراض ولذلك كان المصري القديم يقوم من النوم فى هذا اليوم ليبدأ بشم البصل لتتفتح رئته ويستنشق العبير الجديد لهذا اليوم العيدي الكبير، وهذه العادة بالذات بباقة إلى اليوم بصعيد مصر فعندما يدخل أحدهم فى غيبوبة لأى سبب يشمموه بصل.

- الخس

كان يقال له «عيب»، كان يعتبر من النباتات المقدسة وكان المصري يأكله بعد أكله سمك الفسيخ ليتخلص من روائح البصل، كما أن الخس كان يساعد على الهضم. 

كل هذه الأطعـمة الأربعة اتخذها المصري القديم كنوعا من الاحتفال فى هذا اليوم

** ما أهمية هذا اليوم عند الشعب المصري؟

أهمية هذا اليوم عند المصري القديم سواء كان ملكا أو من الطبقة الحاكمة أو من عامـة الشعب، فكان الشعب كله يحتفل بهذا اليوم وبنفس الطريقة سواء كان غنيا أو فقيرا ولم تتغير هذه العادة على الاطلاق حتى يومنا هذا.

** وضح لنا كيف يمكننا الاستفادة من الاحتفال بشم النسيم في ترويج السياحة؟

أتمنى تسويق عيد شم النسيم، عيدا مصريا الهوية رمزا للطبيعة والخصوبة ولم تتغير مظاهرة ولا أنواع أكلاته منذ 5 آلاف عاما، فهو العيد الوحيد الذى نشأ في مصر ولم يتغير رغم تغير الغزاة والديانات بل وأخذت عنه كل حضارات ودول وديانات العالم فأرى استغلال ذلك اليوم فى عمل حفل زواجا عالميا يدعو له كل من يريد الزواج من شباب العالم مع عمل حفل زواج عالمي على صفحة النيل أو أمام الواجهة الشمالية للهرم الأكبر.

** بماذا كانوا يشعرون القدماء في ليلة شم النسيم؟

كان أجدادنا يتجمعون ليلة شم النسيم ويدعون المعبود لتحقق أمانيهم فى العام الجديد، ودعوة فنانين عالميين  وعمل حفلا كبيرا بالملابس الفرعونية للملوك والملكات مع زينة الزهور المصرية القديمة من اللوتس والياسمين وأن تكون وثيقة الزواج على ورق البردى بلغة بلد العريسين وبالكتابة الهيروغليفية، وأن من ينجب طفل ويسمى باسم مصري قديم يعطى له الحق فى زيارة أثارنا مجانا طوال عمره وذلك سيسهم فى أن يكون لنا ملايين من ناشري حضارتنا والترويج السياحي لمصر وذلك لأن هذا العيد هو رمز للخصوبة فهو لنقاء وتسامح الطبيعة.