صلاح عبدالصبور.. ذكرى ميلاد مجدد الشعر والمسرح
تتلمذ على يد الشيخ أمين الخولي الذي ضمه إلى جماعة "الأمناء" التي كوّنها، ثم إلى "الجمعية الأدبية" التي ورثت مهام الجماعة الأولى، وكان للجماعتين تأثير كبير على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر، وعلى مقهى الطلبة في الزقازيق تعرف على أصدقاء الشباب مرسى جميل عزيز وعبد الحليم حافظ، وطلب عبد الحليم حافظ من صلاح أغنية يتقدم بها للإذاعة وسيلحنها له كمال الطويل فكانت قصيدة لقاء، إنه الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور، المولود في مثل هذا اليوم الثالث من مايو عام 1931 بمدينة الزقازيق.
يعد الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، أحد أهم رواد حركة الشعر الحر العربي ومن رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي، وواحداً من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة في التأليف المسرحي، خاصة في مسرحيته "مأساة الحلاج"، وفي التنظير للشعر الحر.
بدأ صلاح عبدالصبور في نشر أشعاره في الصحف وزادت شهرته بعد نشره قصيدته شنق زهران وخاصة بعد صدور ديوانه الأول الناس في بلادي إذ كرسه بين رواد الشعر الحر مع نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وسرعان ما وظف صلاح عبد الصبور هذا النمط الشعري الجديد في المسرح فأعاد الروح وبقوة في المسرح الشعري الذي خبا وهجه في العالم العربي منذ وفاة أحمد شوقي عام 1932 وتميز مشروعه المسرحي بنبرة سياسية ناقدة لكنها لم تسقط في الانحيازات والانتماءات الحزبية. كما كان لعبد الصبور إسهامات في التنظير للشعر خاصة في عمله النثري حياتي في الشعر، وكانت أهم السمات في أثره الأدبي استلهامه للتراث العربي وتأثره البارز بالأدب الإنجليزي.
تنوعت المصادر التي تأثر بها إبداع صلاح عبد الصبور: من شعر الصعاليك إلى شعر الحكمة العربي، مروراً بسيَر وأفكار بعض أعلام الصوفيين العرب مثل الحلاج وبشر الحافي، الذين استخدمهما كأقنعة لأفكاره وتصوراته في بعض القصائد والمسرحيات.
عين "عبدالصبور"، مدرسا في المعاهد الثانوية ولكنه كان يقوم بعمله عن مضض حيث استغرقته هواياته الأدبية، ودع الشعر التقليدي ليبدأ السير في طريق جديد تماماً تحمل فيه القصيدة بصمته الخاصة، زرع الألغام في غابة الشعر التقليدي الذي كان قد وقع في أسر التكرار والصنعة فعل ذلك للبناء وليس للهدم، فأصبح فارسا في مضمار الشعر الحديث.
واستفاد الشاعر من منجزات الشعر الرمزي الفرنسي والألماني وبودلير وريلكه والشعر الفلسفي الإنكليزي "عند جون دون وييتس وكيتس وت. س. إليوت بصفة خاصة، وقد كتب الكثيرين في العلاقة بين جريمة قتل في الكاتدرائية لإليوت ومأساة الحلاج لعبد الصبور.
ولم يُضِع عبد الصبور فرصة إقامته بالهند مستشارا ثقافياً لسفارة بلاده، بل أفاد خلالها من كنوز الفلسفات الهندية ومن ثقافات الهند المتعددة وكذلك كتابات كافكا السوداوية. هذا إلى جانب تأثره بكتاب مسرح العبث.
في 13 أغسطس من العام 1981 رحل الشاعر صلاح عبد الصبور إثر تعرضه إلى نوبة قلبية حادة أودت بحياته، اثر مشاجرة كلامية ساخنة مع الفنان الراحل بهجت عثمان، في منزل صديقه الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، وكان عبد الصبور يزور حجازي في منزله بمناسبة عودة الأخير من باريس ليستقر في القاهرة.