فجوة الزيادة السكانية تلتهم عوائد التنمية.. خبراء: تقلل جودة الخدمات المقدمة للمواطنين
أصبحت الزيادة السكانية واحدة من أهم القضايا محل النقاش على طاولة البرلمان، والحكومة، نظرًا لتأثيرها السلبي على عوائد التنمية، وما ينتج عنها من آثار سلبية تحول دون قدرة الدولة المصرية على تحقيق التنمية المستدامة، مما يجعلها أحد التحديات التي تواجه الدولة.
تتعدد الآثار السلبية للزيادة السكانية، سواء من حيث التقليل من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، أو التسبب في زيادة نسبة البطالة نظرًا للضغط على سوق العمل، وتجاوز أعداد المواطنين للطاقة الاستيعابية للأنشطة الاقتتصادية، وذكر خبراء، أن الزيادة السكانية تلتهم دخل الدولة، وتدفعها لإنفاق المزيد من الأموال لتغطية متطلبات المواطنين، بالإضافة إلى أنها تحول دون ظهور عوائد التنمية.
تقليل عوائد التنمية
في هذا السياق، قال الدكتور أشرف عبد الوهاب، وزير التنمية الإدارية السابق، إن مشكلة الزيادة السكانية باتت من أخطر المشكلات التي تعاني منها الدولة، وتسعى جاهدة لوضع حلول لتلك المشكلة، خاصًة بعد التأكد من أن الزيادة السكانية تعمل على التقليل من عوائد التنمية التي توفرها الدولة.
وأوضح عبد الوهاب في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن الزيادة السكانية ترجع للعديد من الأسباب، من أهمها الأسباب الاقتصادية، واعتبار الطفل هو مصدر رزق للأسرة، وانتشار بعض العادات الخاطئة التي تحفز الأباء على إنجاب أكبر قدر ممكن من الأطفال لمساعدتهم في نفقات المنزل، كما يوجد أسباب اجتماعية وانتشار بعض الأفكار الخاطئة مثل "العيل بيجي برزقه"، بالإضافة إلى البعد الديني واستناد البعض إلى الحديث: "تناكحوا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة"، ويتخذونه حجة للاستمرار في الإنجاب، مما يحول الإنجاب لديهم إلى أمر مستحب، على الرغم من أن الحديث ما هو إلا حث على الزواج.
زيادة معدل الفقر
وأشار إلى أن الدولة تبذل قصارى جهدها في توفير الخدمات اللازمة للأفراد، والتي تكفل لهم حياة كريمة، وتؤهلهم إلى الانخراط في سوق العمل، ولكن تتسب الزيادة السكانية بشكل كبير في تناقص كفاءة الخدمات المقدمة، وخلق فئة كبيرة غير مؤهلة لسوق العمل، مما يتسبب في زيادة معدل الفقر.
وشدد وزير التنمية الإدارية الأسبق، على أن معدلات النمو التي تتيجها الدولة، وما تنجزه من مشروعات، يجب أن يكون متناسب مع حجم السكان، لتحقيق أفضل النتائج، وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل تفاقم مشكلة الزيادة السكانية، منوهًا إلى أن التغلب على مشكلة الزيادة السكانية يتم من خلال مجموعة من المحاور التي تطبقها كل دولة وفقًا لطبيعة السكان بها، وقدرة المجتمع على تطبيق تلك المحاور.
واختتم عبد الوهاب تصريحاته، بأن التغلب على مشكلة الزيادة السكانية يكمن في تغيير وعي المواطنين، وجعل المشكلة السكانية على رأس أولويات الدولة، نظرًا لدورها في القضاء على ما توفره الدولة من إنجازات، ومشاريع.
التهام دخل الدولة
وفي سياق متصل، قال النائب رأفت العمدة، عضو مجلس الشيوخ، إن مشكلة الزيادة السكانية تتفاقم، وتتسبب في تآكل لعوائد التنمية التي تسعى الدولة جاهدة لتوفيرها للمواطن، للارتقاء بمستواه المعيشي والاجتماعي.
وأوضح العمدة في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال" أن الزيادة السكانية تتسبب في التهام دخل الدولة، نظرًا لزيادة نفقات الدولة على كافة الخدمات سواء التعليمية أو الصحية، وغيرها من الخدمات التي تسعى الدولة لتوفيرها لجميع المواطنين على درجة عالية من الكفاءة، ولكن الكثافة السكانية تحول دون قدرة الدولة على توفير الخدمات لجميع المواطنين.
وأشار عضو مجلس الشيوخ إلى أن الزيادة السكانية تؤثر سلبيًا على المرافق العامة، وتنشر الجريمة، وتزيد نسبة البطالة، وأعداد الفقراء، وانتشار الجهل، وزيادة أعداد المتسربين من التعليم وانهيار المنظومة الصحية،مما يحتم مكافحة زيادة النسل بالتوعية الإعلانية لمخاطر تلك الزيادة على الأفراد والدولة، والتأكيد على ضرورة تحديد النسل والتوعية الصحية.
محاور القضاء على الزيادة السكانية
وأكد أن التغلب على مشكلة الزيادة السكانية يتم من خلال العديد من المحاور، من بينها محور التوعوية، وتغيير الفكر من خلال التوعية بالمدارس والجامعات، والمساجد، والكنائس والتأكيد على أن زيادة الإنجاب مع عدم القدرة على توفير حياة كريمة للأبناء سلوك غير محمود، كما يوجد محور اقتصادي يتمثل في أن كثرة الأطفال قد تعيق القدرة على تعليمهم، والطفل غير المتعلم لن يصبح مصدر دخل، فالمردود على الطفل المتعلم أكثر من المردود على الطفل الجاهل، منوهًا إلى ضرورة التفكير في توافر القدرة على تعليم الطفل، قبل التفكير في الإنجاب.
وشدد العمدة على أن تغيير المجتمع يتم من خلال وضع سياسات محددة ينتج عنها تغيير سلوك المواطن، مثل رفع الدعم عن بعض القطاعات لدى الأسر غير المبالية بخطورة الكثافة السكانية، وتقوم كل دولة باختيار الحوافز المناسبة لطبيعة السكان، والمجتمع، والقدرة على تقبلها، في محاولة للقضاء على تلك المشكلة التي تتسبب في تآكل لعوائد التنمية، وجهود الدولة للارتقاء بحياة المواطن المصري.