بعثة مصر لدى الأمم المتحدة تنظم حلقة نقاشية حول الإطار القانوني لعمل "المجتمع المدني"
نظمت بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف بالتعاون مع وزارتي التضامن الاجتماعي والتعاون الدولي، اليوم الخميس، حلقة نقاشية افتراضية حول الإطار القانوني المنظم لعمل المجتمع المدني في مصر.
شاركت في الحلقة النقاشية كل من الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، وأدارها السفير الدكتور أحمد إيهاب جمال الدين المندوب الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة في جنيف، فضلاً عن مشاركة مجموعة من أبرز ممثلى المجتمع المدني المصري والمجلس القومي لحقوق الإنسان، ووكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب.
وحضر الفعالية عدد من رؤساء وممثلي البعثات الدبلوماسية بجنيف، فضلاً عن العديد من المهتمين بالشأن المصري في الدول الغربية.
تناولت الحلقة النقاشية الآفاق التي يوفرها قانون ممارسة العمل الأهلي (رقم 149 لسنة 2019) ولائحته التنفيذية لتعزيز دور المجتمع المدني، وترسيخ استقلاليته في إطار الالتزام بالدستور والتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، وذلك انطلاقًا من الإيمان بشراكة هذا القطاع المهم للدولة المصرية في مختلف الجهود التنموية،بما في ذلك الدور الهام لمنظمات المجتمع المدني فى تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكافة أبعادها، ونشر ثقافة تلك الحقوق في المجتمع، وفى مواجهة الفكر المتطرف، ونشر ثقافة العمل التطوعي.
أوضحت وزيرة التضامن الإجتماعي أن قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى ولائحته التنفيذية يدشنان لشراكة قوية بين الدولة والقطاع الأهلي، حيث يعكسان التزام الدولة بدعم القطاع الأهلي عبر توفير ضمانات التمتع بالحق في تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية وتعزيز قدراتها التنظيمية والمالية التي تمكنها من الوفاء بأدوارها على النحو المرجو، فضلاً عن حظر القانون لتوقيع أية عقوبات سالبة للحرية في حالة مخالفة أي حكم من أحكامه.
كما استعرضت المزايا التي يوفرها القانون ولائحته التنفيذية للجمعيات والمؤسسات الأهلية سواء على صعيد تسهيل اجراءات تأسيسها بمجرد الإخطار وتوفيق أوضاع الكيانات القائمة، وفق شروط موضوعية شفافة ترتكز إلىالمعايير الحقوقية ومبدأي المساواة وسيادة القانون، فضلاً عن التحول الرقمي لكافة الإجراءات، وتيسير أنشطة المنظمات وتوسيع نطاقها وضمان استمراريتها من خلال السماح لها بالقيام بالعديد منالأنشطة التي تعزز مواردها المالية، بما يحقق الأهداف التي نشأتمن أجلها. هذا بالإضافة إلى وعدم حل الجمعيات أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، وإتاحة الفرصة للمواطنين لتنفيذ مبادرات إجتماعية بما يُزيد من المساحة المتاحة للعمل الأهلي في مصر.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي على حرص الوزارة على مواصلة جهودها في تسهيل الموافقات ودعم الإجراءات الخاصة بالإتفاقيات الدولية، وإستمرار التنسيق والتكامل مع وزارة التضامن الاجتماعي لخلق حوار فعال قائم على الشفافية مع الشركاء الدوليين حول ما تم من إصلاحات في هذا المجال ، مشيرة إلى أهمية تواجد المجتمع المدني في الشراكات الدولية التي تعقدها الوزارة مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين.
وتطرقت مداخلات كل من الدكتورة منى ذو الفقار عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، وعلاء شلبي رئيس "المنظمة العربية لحقوق الإنسان"، ونهاد أبو القمصان رئيسة "المركز المصري لحقوق المرأة"، والمحامي الحقوقي نجاد البرعي إلى المزايا والضمانات التى يوفرها القانون الجديد مقارنةً بالقانون القديم، مشيرين فى ذات الوقت إلى عدد من الشواغل ذات الصلة بوضع اللائحة التنفيذية موضع التنفيذلاسيما ما يتعلق بالتمويلات والمنح وإجراءات الترخيص وتوفيق الأوضاع لمختلف المنظمات والكيانات.
كما سلط النائب محمد عبد العزيز الضوء على أهمية دور مجلس النواب في الرقابة على تنفيذ الحكومة الكامل للقانون ولائحته الصادرة مؤخراً، مؤكداً ما حققه القانون الجديد من نقله نوعيه في العلاقة بين الحكومة والمجتمع المدني في مصر.
وقامت وزيرة التضامن الإجتماعى بالرد على الإستفسارات والشواغل ذات الصلة التي أثارها ممثلو المجتمع المدني، مؤكدة على انفتاح وزارة التضامن الإجتماعي على مواصلة التشاور والتنسيق مع مختلف الجمعيات الأهلية فى إطار شراكة بناءة قوية ومستدامة تهدف إلى تذليل أية عقبات تواجهها فى إطار إحترام القانون واللائحة، كما وعدت بتقديم كافة سبل الدعم للمجتمع المدني والمساهمة في تعزيز قدراته التنظيمية والمالية.
كما أضافت أن الوزارة أسست قناة مفتوحة عبر الخط الساخن والموقع الإلكتروني للتواصل مع مختلف الهيئات والجهات والمنظمات للرد على مختلف النقاط التي قد تمثل نقاطا خلافية أو عقبة تظهر خلال الفترة المقبلة، فضلا عن طرح كتيب يتضمن أسئلة وأجوبة لكل التساؤلات حول اللائحة التنفيذية للقانون الجديد.
فى ختام الحلقة النقاشية أثنى السفير الدكتور أحمد إيهاب جمال الدين المندوب الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة في جنيف على الحوار المنفتح والبناء الذى شهدته الحلقة النقاشية، مشيراً إلى أن الحكومة تعتبر منظمات المجتمع المدني شريكاً أساسياً لها في عملية تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكافة أبعادها، ومن ثم فهى تحرص على تعزيز التواصل والتنسيق والتشاور معهم. وأضاف أن المناقشات كشفت أن القانون 149 يترجم الإرادة السياسية والتزام الحكومة المصرية بتحديث وإصلاح الإطار القانوني الذي يحكم أنشطة المجتمع المدني في مصر، ويعكس جهداً حقيقياً لخلق بيئة عامة مواتية تساعد على بناء دولة مدنية حديثة.
وأشار إلى أن القانون الجديد سعى إلى إزالة أي معوقات ومعالجة المشاكل والقضايا المرتبطة بتنفيذ القانون القديم بهدف تحقيق الاختراق النوعي المنشود، وفتح صفحة جديدة من الشراكة البناءة بين الحكومة من جهة والمجتمع المدني بكافة مكوناته من جهة أخرى.
كما شدد جمال الدين على أن القانون واللائحة يعكسان نهجاً وفلسفة وروحاً جديدة من الانفتاح، وهما بمثابة وثيقة حية وليست جامدة قابلة للتطوير المستمر، مشيراً إلى أن التنفيذ على أرض الواقع يمكن أن يكشف الحاجة إلى مزيد من التحسينات أو التصحيحات لأية أوجه قصور قد تكتشف.
وأشار إلى أن المتحدثين والمشاركين في الندوة قد أثاروا عناصر مهمة ومخاوف وانتقادات وتطلعات ستأخذها الحكومة في الاعتبار أثناء تطبيق القانون.
واستطرد مندوب مصر الدائم أن الحكومة أكدت خلال مناقشات الندوة أنها ستراقب، بمساعدة المجتمع المدني والبرلمان، خطوات التنفيذ وستفتح قنوات اتصال معهم للتعرف على ملاحظاتهم وللرد على أي شكاوى أو طلبات إيضاح ومعالجتها على الفور، بالإضافة إلى توفير بناء القدرات والخدمات الاستشارية المختلفة للمؤسسات الأهلية.
وأبرز جمال الدين أن الدولة تشهد بداية مرحلة جديدة للتخطيط الإستراتيجي فى مجال تعزيز حقوق الإنسان من خلال تكثيف الجهود للإنتهاء من إعداد أول استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، تم إتباع نهج تشاوري موسع فى إطار عملية الإعداد لها شمل عقد عدة جلسات استماع موسعة مع ممثلي المجتمع المدنى.
جدير بالذكر أن رئيس الجمهورية كان قد كلف في نوفمبر 2018 رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة حكومية لإعداد تصور لمعالجة يشوب قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة في مجال العمل الأهلي (رقم 70 لسنة 2017 ) على ضوء تعرضه للعديد من الانتقادات، ما عكس قناعة القيادة السياسية بأهمية العمل الأهلي، وضرورة تذليل أي معوقات تحول دون قيامه بدوره المأمول.
تنفيذا لهذا التوجيه، شكلت الحكومة لجنة ثلاثية ضمت وزارات العدل والخارجية والتضامن الاجتماعي، بغرض حصر الانتقادات الموجهة للقانون القديم، وعقدت اللجنة أكثر من 20 اجتماعاً للاستماع إلى وجهات النظر المختلفة، وتلقى المقترحات الخاصة بكيفية تعزيز عمل القطاع الأهلي، في إطار حرصها على إعداد مشروع قانون جديد يتسق مع الدستور والتزامات مصر الدولية والمبادئ التي قررتها المحكمة الدستورية العليا في شأن العمل الأهلي.
خلال عملها، اتبعت اللجنة نهجًا تشاوريًا، شمل الجمعيات الأهلية المحلية والأجنبية والمجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية وعدد من السفارات الأجنبية المعتمدة بالقاهرة ورجال القانون والسياسيين.
وقد تقدمت 1164 من الجمعيات الأهلية بمساهمات ومقترحات تم الأخذ بالعديد منها، عند تقديم مشروع القانون إلى مجلس النواب، الذي أصدره مجلس النواب في جلسة عامة عقدت بتاريخ 15 يوليو 2019، وصدق رئيس الجمهورية في 19 أغسطس من العام نفسه.