باتت قضية الشيخ جراح بمثابة محور الاضطرابات التي تشهدها القدس الشرقية، في الفترة الأخيرة، بعد أن شهد الحي اشتباكات عنيفة بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود من جهة وشرطة الاحتلال من جهة أخرى ما أسفر عن سقوط ضحايا بينهم أطفال، وذلك على خلفية قرارات قضائية إسرائيلية، بإخلاء بيوت من حي الشيخ جراح، من سكانها الفلسطينيين، لصالح جمعيات استيطانية إسرائيلية.
ولمن لا يعرف من هو "الشيخ جراح" الذي سُمي الحي باسمه، ترصد "دار الهلال" هذه التفاصيل عنه في السطور التالية..
هو الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجرّاحي، أحد أمراء القائد صلاح الدين الأيوبي في القرن الثاني عشر ميلادي، وكان الطبيب الخاص لصلاح الدين الأيوبي ولهذا اكتسب اللقب "الجرّاحي" أي الطبيب الجرّاح.
وكان الأمير حسام الدين الجرّاحي رجلاً صوفياً من أتباع الطريقة القادرية، وبعد الانتصار الساحق للجيوش الإسلامية على الصليبيين في معركة حطين عام 1187م وتحرير بيت المقدس في نهاية ذلك العام، استقر حسام الدين الجرّاحي في القدس وأسس زاوية صوفية أصبحت تدعي "الزاوية الجرّاحية" (وتُعرف الآن باسم "زاوية الشيخ جرّاح"، تقع على الطرف الجنوبي من "طريق نابلس"، على بُعد حوالي كيلومترين إلى الشمال من سور القدس)، وحين توفي الأمير الجرّاحي عام 1202م دفن في الزاوية الجرّاحية ثم أقيم على ضريحه مقام ما لبث أن أصبح مزاراً يؤمه المسلمون من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
وفي عام 1895م بني مسجد بمحاذاة الزاوية والمقام، وهو يُعرف الآن باسم "مسجد الشيخ جرّاح".
في عام 1711 قام الشاعر والعلّامة والرحالة الصوفي الدمشقي عبد الغني النابلسي (1641-1731) بزيارة "الزاوية الجرّاحية" في القدس، فوصفها في كتابه "الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز" بقوله: "فوصلنا إلى مزار الشيخ جرّاح وهذا في المدرسة الجرّاحية.. وهي بظاهر القدس من جهة الشمال ولها وقف ووظائف مرتبة، نسبتها لواقفها الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجرّاحي أحد أمراء الملك صلاح الدين یوسف بن أيوب، توفي في صفر سنة 598 ودفن بزاويته بالمدرسة المذكورة."