خرجت للنور عام 1908.. تعرف على تاريخ كلية الفنون الجميلة بحي الزمالك الراقي
تحل اليوم ذكرى تأسيس كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، والتي تأسست باسم "مدرسة الفنون الجميلة المصرية" في مثل هذا اليوم 12 مايو 1908 وتم افتتاحها، وبهذا التحقت المدرسة بموكب التنوير والنهضة العلمية المصرية في العصر الحديث قبل تأسيس الجامعة المصرية بثمانى أشهر والتى تأسست فى نهاية عم 1908، من قبل وبجهود الأمير يوسف كمال واختير للمدرسة الجديدة نخبة من أساتذة الفنون الأوروبيين، وتولى نظارتها المثال الفرنسى "غاليوم لابلان" حتى عام 1918، وتدفق الشباب على البيت رقم 100 بدرب الجماميز (مقر المدرسة) وعقدت الاختبارات الأولية لاختيار اللائقين.
وتكونت أقسام مدرسة الفنون الجميلة من ثلاثة تخصصات: قسم التصوير ويرأسه المصور الإيطالى باولو فورشيلا (عضو أكاديمية نابولى)، وقسم النحت ويرأسه المثال الفرنسى غاليوم لابلان، وقسم العمارة ويرأسه المعماري الفرنسى هنري بيرون، واختير مائة وخمسون من المتقدمين كطلبة نظاميين، كما أتيحت الدراسة لعدد كبير آخر كمنتسبين، والجميع بدون رسوم دراسية، حتى الأدوات كانت تصرف مجانا.
وكانت الدراسة من الثامنة صباحًا إلى الواحدة بعد الظهر للطلبة النظاميين، ومن الواحدة إلى الخامسة مساءً للمنتسبين من الموظفين والهواة.
وضعت مدرسة الفنون الجميلة فى عام 1911 تحت إشراف وزارة المعارف العمومية بناء على رغبة منشئها، حيث أُدخلت عليها إصلاحات عديدة ونُقحت لائحتها العامة والداخلية، وكان يتحتم على الراغبين فى الالتحاق بها أن يؤدوا إمتحانا للقبول ،وتقرر عقد امتحان الدبلوم عقب اتمام الدراسة.
وفى عام 1912 جرى أول امتحان دبلوم للمدرسة بمعرفة لجنة مشكلة من الوزارة، وقد بلغ عدد خريجي المدرسة من عام 1912 حتى عام 1926 مائة ستة وسبعون خريجًا. وقد أوفد منهم اثنان وعشرون فى بعثات خارجية إلى إيطاليا وفرنسا، وكان أولهم المثال المصرى العظيم "محمود مختار".
ونقلت مدرسة الفنون الجميلة المصرية فى عام 1923 من مكانها بدرب الجماميز إلى الدرب الجديد بميدان السيدة زينب، وبقيت هناك حتى عام 1927، وكان ناظرها المثال الفرنسى جبرييل بيسى ، وفى هذا العام حدثت تعديلات جوهرية فى نظام الوقفية التى أوقفها الأمير "يوسف كمال" للصرف على مدرسة الفنون الجميلة المصرية، إذ ترك لوزارة المعارف العمومية مهمة الإنفاق على المدرسة وخصص معظم الوقف للصرف على إيفاد الأول والثاني من خريجي كل قسم إلى فرنسا أو إيطاليا لمدة ثلاث سنوات أو لمدد أخرى تراها الوزارة فى مصلحة كل طالب ليتمم دراسته، بشرط أن يكون الطالب مصرى الجنسية ،وفى نفس العام أنشئت المدرسة التحضيرية لمدرسة الفنون الجميلة العليا، وكانت مدة الدراسة فيها تتراوح من سنتين إلى ثلاث سنوات لتهيئة الفرصة لإعداد ذوى المواهب الفنية من الطلبة لإجتياز امتحان القبول بمدرسة الفنون الجميلة العليا.
وفى العام الدراسى 1929/1930 بدأت الدراسة بمدرسة الفنون الجميلة العليا بعد ضمها نهائيا لوزارة المعارف العمومية، ولم يقبل بها إلا من أتم الدراسة بنجاح فى المدرسة التحضيرية. وكانت الدراسة فى المدرسة العليا أربع سنوات فى ثلاث أقسام هى العمارة والتصوير والنحت، وفى العام الدراسى 1931/1932 أضيف للأقسام المذكورة قسم رابع للفنون الزخرفية. وفى العام الدراسى 1933/1934 أضيف قسم خامس لفن الحفر والطباعة، وبذلك تكون مدرسة الفنون الجميلة العليا قد استكملت أقسامها الخمسة الرئيسية.
وفى العام الدراسى 1936/1937، بمقتضى اللائحة الأساسية الجديدة، أُضيفت سنة إعدادية لسنوات الدراسة الأربع بالأقسام الخمسة، فأصبحت مدة الدراسة خمس سنوات، وذلك بعد أن تم إلغاء نظام المدرسة التحضيرية، وحدد القبول بالمدرسة للحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الثانوية (شهادة البكالوريا) وذلك بعد إجتياز امتحان دقيق للقدرات فى الرسم والتصوير والتصميم المعمارى والتصميم الزخرفي واللغات حسب القسم المتقدم له الطالب.
وفى عام 1937 دخلت مدرسة الفنون الجميلة العليا مرحلة جديدة عندما بدأ تمصيرها، وأصبح الفنان "محمد ناجي" هو أول مصري يتولى نظارة المدرسة ،وفي عام 1942 تغير اسم مدرسة الفنون الجميلة العليا ليصبح المدرسة العليا للفنون الجميلة، وانتقل مقر المدرسة إلى موقعه الحالى بحى الزمالك الراقى. كما أقيم فى العام نفسه مرسم للفنون الجميلة بمدينة الأقصر للطلبة الممتازين بعد حصولهم على دبلوم المدرسة العليا للفنون الجميلة من أقسام الفنون، وذلك كبعثة داخلية لمدة سنتين للتفرغ لدراسة الفنون والآثار المصرية الأصلية، وكانت بذلك أول شكل للدراسات العليا التخصصية فى مجال الفنون الجميلة.
وتحولت المدرسة العليا للفنون الجميلة إلى الكلية الملكية للفنون الجميلة فى عام 1951 ، وبعد سنتين، أى فى عام 1953، تغير اسمها من جديد ليصبح كلية الفنون الجميلة عقب قيام ثورة 23 يوليو، وفى عام 1957 أنشئت كلية الفنون الجميلة قسمًا خاصًا بها للدراسات الحرة في فنون الرسم والتصوير والنحت لنشر هواية الفنون الجميلة وتهيئة الفرصة لأصحاب المواهب الفنية التى لا تمكنهم ظروفهم المعيشية أو مؤهلاتهم من دراسة الفن فى السلك النظامى الخاضع للقيود الخاصة فى المدرسة، وقد أعد لذلك قسمان صباحي ومسائي، وأسفرت هذه التجربة الفريدة عن نجاح عظيم فى إبراز مواهب العديد من الدارسين الذين لعبوا دورًا هامًا فى المجالات الحرة للفنون الجميلة.
وفى عام 1961، فى عهد عميد الكلية الدكتور عوض كامل، انضمت كلية الفنون الجميلة إلى وزارة التعليم العالي، وفي عام 1975، فى عهد عميد الكلية الدكتور "عبد اللـه جوهر"، انضمت الكلية إلى جامعة حلوان دون تعديل أساسى فى أقسامها التعليمية سوى تغيير مسمى قسم الفنون الزخرفية إلى قسم الديكور، ومسمى قسم الحفر والطباعة إلى قسم الجرافيك، واحتفظت الأقسام الثلاثة الأخرى (العمارة والتصوير والنحت) بمسمياتها الأصلية.
وفى عام 1976 أضيف قسم جديد للعلوم الإنشائية، وكانت الفكرة وراء إنشاء هذا القسم هي تزويد أقسام الكلية الأخرى بأساتذة متخصصين فى تدريس المواد الإنشائية، والتى كان يقوم بتدريسها أساتذة منتدبون من خارج الكلية، وتم التوسع فى تعيين عدد من أعضاء هيئة التدريس بالكلية بهذا القسم حتى أصبح قادرًا على تغطية مواد العلوم الإنشائية بكلية الفنون الجميلة ثم فى مختلف كليات جامعة حلوان ،ولما استكملت عناصر هيئة التدريس بهذا القسم رؤى تحويله إلى كلية مستقلة لتخريج مهندسين إنشائيين، وعلى ذلك تقرر نقله ليصبح كلية الهندسة والتكنولوجيا بالمطرية مع بقاء الإستفادة من أعضاء هيئة التدريس به للتدريس بكلية الفنون الجميلة.
ومع تنوع مجالات الدراسة وامتداد عباءة الفن لتغطى جزيئات دقيقة متخصصة، فقد تفرع قسم التصوير إلى شعبتين: التصوير الزيتى، والتصوير الجدارى، وتفرع قسم النحت إلى شعبتين: النحت الفراغى والميدانى، والنحت البارز والميدالية، وتفرع قسم الديكور (الفنون الزخرفية سابقا) إلى شعبتين: العمارة الداخلية، والفنون التعبيرية، وتفرع قسم الجرافيك (الحفر والطباعة سابقا) إلى شعبتين: التصميم المطبوع، والرسوم المتحركة وفنون الكتاب، وقد بدأت الدراسات العليا بالكلية فى عام 1968، وأصبحت هذه التخصصات الفرعية الدقيقة مجالا لمنح درجة الدبلوم فى إحداهما فضلا عن درجتي الماجستير والدكتوراه وفى عام 1998 تم إنشاء قسم تاريخ الفن للدراسات العليا، برئاسة الدكتور عبد الغفار شديد، وبذلك تكون كلية الفنون الجميلة قد استكملت أقسامها الستة الحالية.