رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أعياد مصرية.. «عيد الحب سد»

13-5-2021 | 14:30


أعياد مصرية.. عيد الحب سد

عبدالله مسعد

أعياد المصريين القدماء تنوعت وتعددت حتي إن المؤرخين اليونانيين وعلى رأسهم بلوتارخ يذكر أنه من كثرة أعياد المصريين لم يكن يفرق بين العيد والآخر سوى أيام معدودات فما أن ينتهي عيد في مدينة حتي يبدأ عيد آخر في مدينة أخرى، وكان لأعياد المصريين أشكالها المختلفة منها الأعياد الدينية التي تتم في مناسبات دينية معينة كذكرى انتصار حورس على عمه ست، وأعياد الآلهة والتي تتم في معبد كل إله وفقا لحدث معين سواء كان انتصار هذا الإله أو إنشاء معبده أو ذكري معجزة ارتبطت به، كذلك كان من أعياد الآلهة في مصر القديمة أعياد خاصة بتزاوج الآلهة ومن أشهر هذه الأعياد العيد السنوي الذي كان يخرج فيه كهنة الإله حورس الإدفوي نسبة إلى مدينة إدفو يحملون المركب المقدس للإله وبداخله مقصورته وتمثاله الذهبي يتلاقي ليركبوا النهر ويتجهوا شمالا إلي دندرة.

 

كذلك وفي مدينة طيبة عاصمة الإمبراطورية المصرية خلال العصر الحديث كان من أبهي الأعياد الدينية العيد الذي يسمي بـ عيد الوادي، وفيه كان آمون سيد آلهة مصر وسيد الكرنك يخرج في موكب مهيب ليتجه لزيارة الوادي الغربي فيمر على المعابد الجنائزية ومقابر الأشراف وكانت فرصة لخروج الناس جميعا وزيارة موتاهم وحرق البخور على أرواحهم وتقديم القرابين وكذلك إطعام المساكين تقربا إلى الإله، فما أقرب الأمس البعيد من اليوم وإن اختلفت العقائد؟!

 

وإلى جانب الأعياد الدينية كان المصريون القدماء يحتفلون بعدد كبير من الأعياد التي ارتبطت بالزراعة، فمثلا احتفلوا بعيد الفيضان الذي ارتبط عندهم بيوم ظهور نجم الشعرة اليمنية في السماء واحمرار لون بشائر فيضان النيل فكان الناس يحتفلون بمقدم الفيضان ممنيين بفيضان كله خير على البلاد.عيد الفيضان

 

كذلك ارتبطت أعياد كثيرة عندهم بحصاد بعض المحاصيل وعلى رأسها الكتان والذي كان يصنع منه أفخر الثياب والمفروشات، كذلك كان موسم حصاد الكروم وعصره وصناعة النبيذ من أحب المناسبات للاحتفال بها، وإن كان الأمر يتم بين أولئك المرتبطين مباشرة بتلك الصناعة.

 

بذكري انتصارهم الحاسم علي الهكسوس، وما تم في أعيادهم من توزيع للهدايا والنياشين عليهم من قبل الفرعون, وكذلك العطايا التي منحت لهم سواء من الأراضي الزراعية أو من الماشية وغيرها.

 

وخلال الأعياد كان المصريون القدماء يتزينون بأجمل الثياب وأكثرها زخرفا وجمالا ويقوم الأشراف وكبار الموظفين بتوجيه الدعاوي إلى أصحابهم ومعارفهم يدعونهم إلى الحضور إلى قصورهم، حيث يتم بسط الموائد ويعزف الموسيقيون أجمل الألحان علي آلات الناي والهارب ويغني المغنون أجمل معاني الحب والجمال ويمتلئ المكان بهجة وسرورا، خاصة بعد أن تبدأ الراقصات الجميلات رقصاتهن البديعة بين الضيوف.

 

هذه الاحتفالات لم تكن مقصورة فقط علي طبقات محددة من الشعب المصري القديم وإنما يحتفل بها الجميع علي مختلف طبقاتهم وكانت مناسبة لكي تعطي الهدايا واللعب للأطفال ليخرجوا للعب مع أقرانهم، ففي هذه المناسبات كان يتم إعفاؤهم من الذهاب إلي المعبد وتلقي الدرس فكانت بالطبع مناسبة سارة لهم يلهون ويلعبون بل ولم يكن محرما عليهم حضور مجالس الكبار لكي يشاهدوا ويستمتعوا بالعزف والغناء والرقص بين آبائهم هذا هو ما تصوره لنا المناظر المسجلة علي جدران مقابر المصريين القدماء والتي تؤكد أنهم لم يعيشوا فقط للعمل والإنتاج، لقد اختلفت المصادر وتنوعت عند المصري القديم والتي تعتبر وثائق توضح لنا احتفالات المصري القديم بالأعياد وتظهر في المعابد مثل معبد مدينة هابو وان النقوش والمناظر التي تزين جدرانه لها قيمتها الخاصة وايضا اللوحات والتماثيل والمقابر والبرديات.

ونستعرض اليوم واحد من أهم الأعياد في مصر القديمة...

عيد الحب سد

عيد الحب سد "العيد الثلاثيني"، أو أعياد حورس في أدفو، أو عيد المعبود سوكر والموجودة نقوش تدل عليه في مدينة هابو.

 

الأعياد والاحتفالات عند المصري القديم تعتبر المتنفس للتنزه والخروج من الحياة الرتيبة وذلك في إحياء ذكرى أو تخليد مقدس يكمن في أعماقهم وقد حرصوا على إقامتها في مواعيدها.

 

في الأسرة الرابعة قام ايمحوتب معماري الملك زوسر باختيار موقعًا متميزًا في سقارة لبناء هرم زوسر المدرج على مساحة مربعة كسيت بطبقة من الحجر الجيري وتم بناء الهرم من أربع درجات ثم تم زيادة الدرجات إلى ست درجات وتم بناء معبد جنائزي في الجانب الشمالي والجانب الغربي.

 

يعد الهرم المدرج من الأعمال المعمارية المميزة والتي تحتوي على مباني شيدت لعيد الحب سدًا ومن المناظر الفريدة في مجموعة زوسر منظرًا يوضح قيام زوسر بطقس عيد الحب سد.الهرم المدرج

 

في الجنوب من السور الجانبي يوجد فناء مستطيل جوانبه الشرقية والغربية تحتوي على مجموعة من الهياكل الرمزية، وكانت بسيطة الزخرفة بثلاثة أعمدة متصلة والعمود الأوسط منها أعلى من العمودين الآخرين وفوق الأعمدة الثلاثة يوجد إفريز منقوش والسقف منحنيًا.

 

 وعيد الحب سد العيد الثلاثيني هو عيد الاحتفال بمرور عدد محدد من السنوات في الحكم وغالبًا ما كانت ثلاثين عاما في الحكم اختلف من عصر لآخر وهذا الاحتفال قديم عند القدماء في اعادة تنصيب الملك وتتويجه بعد أن يقضي مدة كبيرة في الحكم وذلك بتمكين الملك من استعادة قوته ويقوم الملك ببعض الطقوس ويلبس لباسًا خاصًا ويتحتم على الملك أن يقوم بالطقوس مرتين للوجه القبلي والبحري.

 

وفي هذا الاحتفال يدخل موكب يقوده أحد الكهنة إلى ساحة الهياكل المحيطة بفناء الحب سد والتي يجتمع فيها الآلهة للحصول على موافقة كل إله في تجديد حق الملك في الحكم ثم يذهب الملك إلى أحد العرشين في الجنوب لكي يتوج بالتاج الأبيض الخاص بالوجه القبلي، ثم يعاد نفس الاحتفال في الوجه البحري ليتسلم التاج الأحمر ويرمز إلى اتحاد الوجهين القبلي والبحري في ربط زهرتي اللوتس والبردي حول وتد مثبت بالأرض.

 

ومن الطقوس المصاحبة لعيد الحب سد أن يجرى الملك مسافة ليست صغيرة مصحوبًا بكاهن وفي يد الملك سوطًا صغير لاعتقادهم أن خصوبة الحقول تتوقف احيانًا على خفة الملك الجسمانية.

 

فناء الحب سد في الهرم المدرج للملك زوسر في الطرف الجنوبي توجد قاعدة التتويج وعلى الطرفين درجات عليها تماثيل للملك من الناحية الغربية القريبة من المقعد وفى ناحية الجنوب يوضع تمثاله للوجه القبلي وناحية الشمال تمثاله للوجه البحري ثم يقوم الكهنة بعمل التتويج المزدوج ويوجد دهليز يربط فناء الحب سد بالطرف الشرقي لبهو الأعمدة.