رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الدبلوماسية الذكية في أزمة سد النهضة

18-5-2021 | 21:55


د. أمانى ألبرت,

كتب هنري كيسنجر: "الدبلوماسية هي فن تقييد القوة"، ومع ذلك، فقد أظهر التاريخ أن الدبلوماسية يمكن أن تلعب دوراً لتكون هي فن تعزيز القوة أيضاً.

وقد ظهر هذا جلياً في إدارة الولايات المتحدة علاقتها مع الصين، لإحداث تقارب معها عبر ما يسمى الدبلوماسية السرية – غير المعلنة- والدبلوماسية المفتوحة – المعلنة-. وجنباً إلى جنب استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية دبلوماسية السلم التي تعتمد على المفاوضات ودبلوماسية العنف أو ما يسمي بدبلوماسية السفن الحربية التي تستخدم وسائل التهديد والعنف وقد تتطرق للحرب، ما عزز من قوتها في الساحة الدولية.

وهو ما يعني استخدام الدولة للدبلوماسية الذكية والتي تشمل القوة الناعمة والصلبة، فليس شرطاً أن تستخدم الدولة الحرب لتحقيق مصالحها بل من الممكن أن تستخدم القوة الناعمة، وهو مصطلح استخدمه جوزيف ناي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد، باعتبارها قدرة التأثير على الآخرين من خلال الوسائل السلمية، والإقناع بدلاً من الإكراه، وإثارة الجاذبية الإيجابية من أجل الحصول على النتائج المفضلة.

وكلاهما القوة الناعمة والصلبة، يحققان نفس أهداف الدولة ولكن تختلف الوسيلة، وتستخدمهما الدول في صورة الدبلوماسية الذكية كمنهج يؤكد على ضرورة وجود جيش قوي، ولكن أيضًا تستثمر بكثافة التحالفات والشراكات والضغوط لتوسيع التأثير وزيادة النفوذ وإرساء الشرعية.

وهو ما تفعله مصر، تجاه قضية سد النهضة الإثيوبي، لقد استخدمت الدبلوماسية الذكية، مزيج من القوة الناعمة ثم صعدت لهجة الحوار بأن كل الخيارات مفتوحة للإشارة لإمكانية استخدام القوة الصلبة أيضاً. فقد أدارت الدبلوماسية المصرية الموقف بذكاء، فاستخدمت الدبلوماسية لخلق ظروف مواتية لتوظيف القوة والنفوذ لتصبح عنصرًا إضافيًا للسلطة، وهو ما قاله الجانب الإثيوبي أن مصر لديها النفوذ الدبلوماسي طويل المدي الذي تضغط به على إثيوبيا،  وباستخدام سياسة التدرج تم التصعيد برفع لهجة الحوار لإمكانية استخدام القوة أيضاً.

فقد بدأت حدة اللهجة في التصاعد، حينما أشارت مصر أن الملء أنه تهديد للأمن القومي، ثم تصاعدت حينما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: "نحن لا نهدد أحداً، ولكن لا يستطيع أي أحد أخذ نقطة مياه من مصر وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد، لا يتصور أحد أنه بعيد عن قدرتنا، مياه مصر لا مساس بها والمساس بها خط أحمر وسيكون رد فعلنا حال المساس بها أمر سيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل. ولكنه في الوقت نفسه قال التفاوض هو خيارنا الذي بدأنا به والعمل العدائي قبيح وله تأثيرات تمتد لسنوات طويلة لأن الشعوب لا تنسى ذلك.. وقال أيضاً كل الخيارات مفتوحة.

 

الدبلوماسية هي فن تقييد القوة وتعزيز القوة معاً، والدبلوماسية الذكية هي التي تستخدم القوة الصلبة والناعمة، فمن ناحية قد تصبح وسيلة لكبح جماح القوة الصلبة، ومن ناحية قد تكون وسيلة لتعزيز قوة الدولة من خلال الحصول على دعم وموافقة دولية لاستخدام القوة العسكرية لتصحيح الأوضاع، أو بإنشاء تحالفات عسكرية تهدف إلى نشر القوة إذا لزم الأمر.