اللواء فؤاد علام فى حوار «الأسبوع»: أخشى أن يكون هناك تنظيم إرهابى يخطط لحرب منظمة على مصر
أعد ورقة الحوار: وائل الجبالي
أعده للنشر: شريف البراموني- أميرة سعيد
ولا ينبئك مثل خبير .. واللواء فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق واحد من الخبراء القلائل الذين يمتلكون رؤية مهمة فى مواجهة الإرهاب، عاشه وتعامل معه وتخصص فى مواجهة خططه، ويعرف الكثير من نقاط ضعف تنظيماته ويستطيع وصف الخلطة التى يمكن أن تقضى على الإرهاب.
علام، تحدث فى ندوة المصور دون حرج أو خطوط حمراء لأنه يرى الظروف لا تسمح بأى مجاملات أو تجميل للصورة، فوضع روشتة كاملة للمواجهة ويحذر أن يلقى بالمهمة كلها على عاتق الأمن وحده، فلابد من استراتيجية يقوم عليها مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب.
علام، حدد ستة اختلافات رئيسية بين إرهاب التسعينيات والإرهاب الحالى، فالتمويل أكبر، وقدرتهم على تجنيد الشباب أكثر، ووسائل الاتصال بينهم أسهل، والتسليح متنوع وضخم، وظهور الانتحاريين أضاف لهم خطراً يصعب مهمة مواجهتهم. «علام»يؤكد إن أقل وصف يُمكن أن يُقال عن الأوضاع التى يمر بها العالم وليس مصر فقط هو «الارتباك»، فالدول الكبرى بكل ما تمتلكه من إمكانيات متطورة تمر بمرحلة تخبط شديدة فى مواجهة الإرهاب، والسبب هو التطور النوعى الذى خبرته الجماعات المتطرفة. «علام» أضاف أنه يجب أن نعترف أن هناك نقلة نوعية مرت بها الجماعات والحركات أصحاب الأيديولوجية المتطرفة.. فلأول مرة تمتلك الجماعات الإرهابية القدرة على السيطرة بشكل تام على أجزاء من بعض الدول وتفرض هيمنة واستغلال لمواردها.
اللواء «علام» ثمن لقاءات الرئيس مع الشباب، بقوله: إن مثل هذه اللقاءات خطوة جيدة جدًا على الطريق الصحيح، فقيام الرئيس السيسى بنفسه بلقاء الشباب وفتح حوار معهم غاية فى الأهمية.. فعندما يشعر الشاب الآن بأنه مدعو للمشاركة فى بناء الوطن يُمكن له أن يحدث تغييرا حقيقيا فى علاقة الدولة بالشباب، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية تمتلك مركز أبحاث غاية فى الأهمية تصيغ الدراسات لمواجهة الإرهاب وكيفية تشكيل اللجان الإلكترونية.
المصور: الأوضاع فى مصر شديدة التعقيد ومُتشابكة بشكل غير مسبوق، وهو الأمر الذى بات ضرورة الاعتراف به خاصة مع انتشار ظاهرة الإرهاب وتنوع أشكاله.. وأهداف الأزمة الحقيقية تكمن فى هذه الرحلة شديدة الحساسية والتى يمكن توصيفها بالحرجة لما تنطوى من أهداف إعادة بناء الدولة المصرية على المستوى الاقتصادى والاجتماعى والسياسي، بعد مُحاولات تخريب مُتعمد من قبل جماعة الإخوان المسلمين، وغيرهم من القوى الداخلية والخارجية.. البعض يضيف إلى ذلك أن الجماعات الإرهابية تُحاول أن تخلق حالة من الفزع والفوضى من أجل أن ينتفض الشعب المصرى ويبتعد عن تأييد القيادة السياسية التى أثبتت بالفعل أن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح.. فى ظل تلك الأوضاع المتشابكة هل نمتلك الإمكانيات الحقيقية للإجابة عن السؤال الأصعب مصر إلى أين؟
اللواء فؤاد علام: أود أولًا أن أتقدم بخالص الشكر لتلك المؤسسة العريقة «دار الهلال» ومجلتها المرموقة «المصور» والتى لعبت دورًا لا يُمكن إنكاره على مدى أكثر من خمسة عقود فى مواجهة الإرهاب على المستوى الثقافى والفكرى والمعلوماتى على تلك الدعوة الكريمة.
ثانيًا: أقل وصف يمكن أن يقال على تلك الأوضاع التى يمر بها العالم والدول الكبرى وليس مصر فقط هو «الارتباك» فالدول الكبرى بكل ما تمتلكه من إمكانيات متنوعة ومتطورة تمر بمرحلة ارتباك وتخبط شديدة فى مواجهة ظاهرة الإرهاب، والسبب فى ذلك حالة التطور النوعى الذى شاهدته الجماعات الإرهابية فى الآونة الأخيرة، بداية من حالة السيولة والبساطة فى التكوين والحركة مرورًا بتطور وسائل الدعم على المستوى اللوجيستى والتقني، فيجب أن نعترف أن هناك نقلة نوعية مرت بها الجماعات والحركات أصحاب الأيديولوجية الفكرية المتطرفة، فلأول مرة منذ عقود من مواجهة الإرهاب تمتلك الجماعات الإرهابية القدرة على السيطرة بشكل تام على أجزاء من بعض الدول وتفرض هيمنة واستغلال لمواردها، مما فتح الباب أمامها إلى تعاظم قُدرتها بالاستغناء عن التمويل، إلى جانب النقل النوعية فى استخدام الأسلحة الأكثر تطورا فى العالم، وكذلك القدرة الكبيرة وغير مسبوقة فى استخدام التكنولوجيا الحديثة هذا الوضع الذى أصاب الدول الكبرى بالارتباك.. فيمكن القول بإن الجماعات الإرهابية أصبحت تمتلك من القدرات والإمكانيات ما يفوق قدرات وإمكانيات بعض الدول الكبرى فى العالم، الوضع الذى ساهم بشكل كبير فى أن تستطيع الجماعات الإرهابية تنفيذ عملياتها بنجاح فى دول لم يكن أحد يتخيل أن تكون هدف للجماعات الإرهابية، إما لكونها كانت حاضنة لتلك الجماعات أو أن هناك اتفاقا ضمنيا بينها وبين الحركات الإرهابية بعدم المساس بأراضيها.
فبكل وضوح المشهد العام يقول إنه لا يوجد دولة فى العالم تستطيع مواجهة الإرهاب فى الآونة الأخيرة، فما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من استخدام القوى العسكرية فى العراق وسوريا على سبيل المثال، وما تقوم به مصر أيضا من استخدام القوى العسكرية فى سيناء، ماهو إلا محاولة لإحباط مخططات إجرامية تقوم بها جماعات إرهابية، لكن مواجهة الإرهاب أمر مختلف تماما، فهو منظومة متكاملة وفق العديد من الدراسات فى هذا الشأن تعتمد على ستة محاور أساسية تتمثل فى محور «سياسي، واجتماعي، واقتصادي، وثقافي، وإعلامي، وديني»، هذا لا يعنى التقليل من دور الإجراءات الأمنية، لكن يجب أن نعى دور الإجراءات الأمنية يقف عن حد مواجهة وإحباط المخططات الإجرامية التى تقوم بها الجماعات الإرهابية، أو كشف غموض كيف استطاعت تنفيذ تلك المخططات الإجرامية.. وفى حقيقية الأمر يجب الإشارة إلى أن مصر استخدمت على استحياء خلال فترة ستينيات القرن الماضى المحاور الست فى مواجهة الإرهاب، ثم طورت من الأمر فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، عندما أصبح جهاز امن الدولة هو المؤسسة المنوط بها اتباع منظومة مواجهة الإرهاب، وبالفعل تم تحقيق نجاحات ملموسة فى تجفيف المنابع الفكرية للمنظمات الإرهابية، والتى كانت تلعب دورًا رئيسيًا فى تكوين المنظمات والجماعات الإرهابية، بعد اغتيال السادات حتى عام ١٩٩٧ عندما تم الإعلان عن نبذ العنف.
المصور: سيادة اللواء.. أكدت فى حديثك عن استخدام المحاور الست من أجل مواجهة الإرهاب.. فهل يتم الآن استخدام تلك المنظومة بمحاورها الست أو جزء منها؟
اللواء فؤاد علام: دعنى أقول إنه للأسف الشديد تلك المنظومة غير معمول بها الآن فى مصر لكن لدى معلومات غير موثقة أو يمكن اعتبارها غير دقيقة، أنه يتم الآن الإعداد لقانون يُعطى ويخول بعض الصلاحيات لمؤسستى الأزهر الشريف والأوقاف فى مواجهة الإرهاب، لكن من وجة نظرى هذا أمر غير كاف، فلقد دعوت منذ عدت سنوات، وناشدت الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة تشكيل مجلس أو هيئة وطنية لمواجهة الإرهاب.
المصور: هناك بالفعل بعض المحاولات أو الأفكار التى تم الإعلان عنها بأن هناك مشروعا لتكوين تلك الهيئة؟
اللواء فؤاد علام: صحيح، لكن ما وصلنى من معلومات عن طبيعة تكوين هذا المجلس أمر اختلف معه تماما، فما وصلنى من معلومات ربما تكون غير دقيقة، بأن هذا المجلس سوف يتكون من عدد ٦ وزارات تكون معنية بمواجهة الإرهاب بالرجوع إلى مجلس النواب، ورفضى لهذا التشكيل هو الشكل البيروقراطى المعقد والذى لا يخدم فى حقيقية الأمر مواجهة الإرهاب.. فمعنى وجود ٦ وزارات أنه يجب أن يكون له رئيس للوزراء، كما يجب أن ترجع جميع قراراته إلى مجلس النواب، لكن ما أدعو له من تكوين هيئة أو مجلس على غرار المجلس القومى لحقوق الإنسان يتم تشكيله من مجموعة من الخبراء بالمحاور الست إلى جانب مندوبين من الوزارات المعنية وليس وزير وتكون مهمة المجلس وضع إستراتيجية قومية لمواجهة الإرهاب والعمل على تنفيذ آليات تلك الإستراتيجية، وان تضم مندوب من وزارة الثقافة على سبيل المثال، فالوزارة تمتلك المئات أو الآلف من قصور الثقافة كانت تعمل فى ثمانيات القرن الماضى كخلية نحل فى تقديم الندوات والأفلام الثقافية والعلمية والتوعية للشباب كأحد آليات لجذبهم بعيدا عن الأفكار المتطرفة، وكذالك مندوب من وزارة الشباب والرياضة.. فنحن نمتلك آلاف من المراكز والساحات الشعبية التى يمكن استغلالها فى العديد من الأنشطة الجاذبة للشباب، وكذلك التوعية لهذا من الضرورى مشاركة مندوب من تلك الوزارات فى الهيئة من أجل وضع الإستراتيجية ونقل آليات تنفيذها إلى الوزارة والعمل عليها.
المصور: ما الفرق بين طبيعة أفكار ومكونات وخطط الإرهاب فى الثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.. والإرهاب الآن؟
اللواء فؤاد علام: هناك فرق شاسع فى العديد من النقاط الجوهرية التى تلعب دورا مهما للغاية، أولا التمويل: فالمنظمات الإرهابية كانت تعانى فى الماضى من ضعف التمويل مما كان يدفعها إلى سرقة محلات الذهب فى مصر على سبيل المثال، أما الآن فإمكانياتها المادية تضاهى إمكانيات دول بعدما سيطرتها على الأراضى المخصصة لزراعة القمح فى سوريا، والتى يمكن لها أن توفر احتياجات مصر من القمح بشكل تام، فهى الآن تحت سيطرة الجماعات الإرهابية إلى جانب بعض حقول البترول فى العراق وسوريا الواقعة تحت سيطرة الإرهاب، والذى يقوم ببيع إنتاجها بنصف الثمن.
النقطة الثانية مسألة التسليح: فالثورة التكنولوجية الحديثة المتمثلة فى شبكة الإنترنت استطاعت أن توفر إمكانيات مهولة فى تسليح الجماعات الإرهابية، بداية من معرفتها بعملية تركيب وتصنيع السلاح والقنابل المختلفة، بالإضافة إلى السلاح الذى حصلوا عليه من العراق وسوريا، بجانب بعض الدول التى تمدهم بالسلاح مثل تركيا وقطر.
أما النقطة الثالثة: فهى عملية الاتصال بين أفراد التنظيم، ففى الماضى كان هناك ما يعرف بضابط الاتصال داخل التنظيم، وكانت مهمته نقل التوجيهات والتعليمات من قيادة التنظيم إلى الأعضاء، بمجرد أن تكتشف ضابط الاتصال تستطيع الوصول إلى كل أفراد التنظيم خلال بضعة أسابيع.. أما الآن فالتواصل عبر شبكة الإنترنت أصبح أسهل وأسرع، والقدرة على تتبع الاتصال أمر غاية فى الصعوبة.
والنقطة الرابعة تتمثل فى عملية التجنيد: ففى الماضى كان الأمر يجب أن يتم بشكل مباشر ما بين القيادة المسئولة عن تجنيد الإفراد من خلال عقد اجتماعات ولقاءات، وكانت الأعداد قليلة بالطبع فى تلك اللقاءات والاجتماعات، فكان من الممكن أن يلتقى بفردين أو ثلاثة على الأكثر، أما الآن من خلال الإنترنت يستطيع التجنيد بطريقة أسهل وأوسع على مستوى العالم وبأعداد أكبر بكثير.
والنقطة الخامسة تكمن فى استغلال القضية الفلسطينية على مستوى العالم: من خلال الترويج لأفكار أن الحكام العرب باعوا القضية الفلسطينية، وأن تحرير الأرض لن يأتى سوى بالجهاد فى سبيل الله من الشباب.. وتلك الأفكار حازت على رواج كبير بين الشباب حول العالم.
أما الأمر السابع وهو شديد الخطورة: ويمكن فى التغير النوعى للعمليات الإرهابية بظهور العمليات الانتحارية والتى لم تكن موجودة فى الماضي، وهو أمر شديد الخطورة وتكمن خطورته فى صعوبة بالغة فى تتبع الشخص الانتحارى المقدم على تنفيذ العملية ومنعه من تنفيذها، من هنا تكمن ضرورة تكوين المجلس القومى لمواجهة الإرهاب والذى منوط به دراسة تلك العوامل ووضع الخطة الإستراتيجية لتنفيذها وكذلك وضع آليات التنفيذ.
المصور: لقد ذكرت فى حديثك العوامل الستة.. فهل هى العوامل الأساسية التى يجب العمل عليها فقط أم أن هناك عوامل أخرى؟
اللواء فؤاد علام: لا، أؤكد مرة أخرى أن العوامل الستة الأساسية التى يجب العمل عليها، وليست هناك عوامل أخرى، فعلى سبيل المثال عامل السياسة تؤكد أنه كلما زادت مساحة الديمقراطية فى بلد معين، كان هناك صعوبة شديدة فى جذب الأفراد والمواطنين إلى الأفكار المتطرفة، وكذلك تهميش الشباب دور غاية فى الأهمية، فالشباب عانى من التهميش على مدار عقود، وهو ما ساهم فى تسهيل عملية تجنيده إلى الأفكار الإرهابية باعتبارها طريقة أو طوق نجاه من مسألة التهميش، إلى جانب الخواء الفكرى والسياسي، فعدم طرح الأفكار ومناقشتها والتوعية يخلق هذا الخواء السياسى والثقافي.. فأنا على ثقة بأن ٨٠٪ من الشعب المصرى لا يعرف أهمية قناة مشروع السويس الجديدة ودورها فى الحياة الاقتصادية والسياسية المصرية، وكذلك غياب الكتب والبحوث، فلدى معلومات أن وزير الأوقاف محمد مختار جمعة طرح كتابا عن الأفكار الإرهابية وطبيعتها، لكن أين هذا الكتاب؟، ويجب توجيه السؤال للوزير، لماذا لا يتم الإعلان عنها ومناقشته بشكل واسع؟، ويجب الإشارة إلى الأفكار الدينية فبعض أفكار «بن تيمية» لم يتم مناقشتها إلى الآن أو انتقادها وهو أمر شديد الغرابة، بالإضافة إلى أنه لم يصدر كتاب واحد للرد على أفكار سيد قطب وهو أحد المصادر المهمة جدا فى تغذية الفكر المتطرف.
ويستحضرنى فى هذا الصدد النداءات التى قمنا بها فى ثمانينيات القرن الماضي، عندما بدأنا الندوات فى السجون مع أعضاء الحركات الإرهابية، ففى ذلك الوقت كانت الأفكار لا يتم طرحها بشكل علني، فأجبرنا أصحاب الفكر المتطرف على النقاش من خلال تلك الندوات، فكنت أذهب إلى شيخ الأزهر حين ذلك الشيخ الجليل جاد الحق رحمة الله عليه وأطرح عليه أفكار تلك المجموعات والأسانيد الفقهية التى يعتمدون عليها، وأطلب منه الرد فكان يقوم بإعداد الرد من خلال عدد من المشايخ الذى يأتون إلى السجن لعقد الندوة.. وكُنا نقوم بوضع مُكبرات الصوت فى جميع الزنازين لإجبار أصحاب الأفكار المتطرفة الرافضين للنقاش على أن يقوموا بالرد، ومع الاستمرار فى هذا النهج، كانت القوات تقوم بالضغط على قيادتها حتى يتم الرد على مشايخ الأزهر وحدث ذلك فى العديد من المدن والقرى والمحافظات، على سبيل المثال أقمنا ندوة فى سمالوط بالمنيا بنفس الطريق وكانت النتائج إيجابية.
المصور: فى ظل التقدم التكنولوجى الكبير الذى يشهده عالمنا الآن.. هل تلك الأدوات التى ذكرتها تصلح مع هذا التطور.. أم نحن فى حاجة إلى تطوير وتحديث؟
اللواء فؤاد علام: بالتأكيد نحن فى حاجة إلى تطوير وتحديث وفق متغيرات العصر، ولهذا يمكن أهمية المجلس القومى لمواجهة الإرهاب، فما تحدثت عنه هى خبرات ناجحة يمكن الاستفادة منها وتطويرها، والإضافة عليها من اجل مواجهة الإرهاب، كما يجب أن يتم المتابعة بجديدة للبحوث والدراسات الحديثة والاهتمام بها.
المصور: لكن مراكز الأبحاث الآن فى حالة بالغة السوء ولا تقوم بهذا الدور.. ما تعليقك؟
اللواء فؤاد علام: هذا أمر غير صحيح، فوزارة الداخلية لديها الآن مركز أبحاث غاية فى الأهمية ويجب الانتباه إلى الدراسات التى تقوم بها لمواجهة الإرهاب وكيفية تشكيل اللجان الإلكترونية، وغيرها من الموضوعات والقضايا، بالإضافة إلى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية.. صحيح أنه مر بحالة من التعثر، لكن أعتقد أن الوضع مُختلف الآن.
المصور: الرئيس السيسى قام بعقد عدد من الندوات واللقاءات مع الشباب وأصبح هذا هو توجه الرئيس.. هل تلك اللقاءات كافية؟، ام نحن فى حاجة إلى تكاتف كافة أجهزة الدولة واستخدام التطور التكنولوجى مثل وسائل التواصل الاجتماعي.. لم نشاهد فيلما واحدا على سبيل المثال يبث على «اليوت يوب» من أجل مكافحة الإرهاب؟
اللواء فؤاد علام: ما تقوله صحيح تماما، ونحن بالفعل فى حاجة إلى تكاتف كافة أجهزة الدولة، أما فيما يخص لقاءات الرئيس مع الشباب فهو أمر أسعدنى كثيرة وخطوة جيدة جدا على الطريق الصحيح، فقيام الرئيس بنفسه بلقاء الشباب وفتح حوار معهم غاية فى الأهمية.. فكما ذكرت الشباب كان يعنى من التهميش لمدة تجاوزت الخمسة عقود، فعندما يشعر الآن بأنه مدعو للمشاركة فى بناء الوطن ومواجهة الخطر المتمثل فى الإرهاب، وأنه له دور فاعل ورئيسى فى تلك العملية، هو أمر فارق تماما ويمكن له أن يحدث تغيير حقيقى فى علاقة الدولة بالشباب.
المصور: هل تلك اللقاءات والمشاركة الشباب أمر يمكن أن يقتنع به شباب يُعانى من البطالة وارتفاع الأسعار وصعوبات الحياة اليومية.. فتلك الأمور أعتقد أن لها الأولوية عن شباب من مواجهة الإرهاب أو المشاركة فى هذا الأمر؟
اللواء فؤاد علام: هذا أمر صحيح تماما، ويجب العمل عليه، فهو احد العوامل الست التى تحدثنا عنها، لذلك هنا ضرورة كما ذكرت لوجود المجلس القومى لمواجهة الإرهاب من اجل خلق خطة إستراتيجية مكتملة مبنية على الست عوامل، ويجب أيضا أن نفكر فى تلك العوامل خارج الصندوق.. فانا أتذكر أنه وفى آخر أيامى فى العمل كنت مسئولا عن الأمن بمحافظة بور سعيد، وخلال الصيف اكتشفت ارتفاع معدلات الجريمة، مثل السرقة من جانب طلاب المرحلة الثانوية، فعقدت لقاء مع المحافظ لطرح المشكلة، وتوصلنا إلى فكرة مشروع سيارة مجهزة يمكن للشباب الاستفادة منها، وبالفعل قمنا بتصنيع ١٥٠٠ سيارة وتم طرحها للشباب فى إجازة الصيف، واستطاع الشباب أن يحقق دخلا ماديا من تلك السيارات، فكل شاب على ما أتذكر استطاع أن يجنى ما بين جنيه إلى جنيه ونصف، وكانت النتيجة أن الجريمة الصيفية كما أطلقت عليها انتهت فى المحافظة، إلى جانب الاستفادة من فريق الموسيقى التابع للشرطة، والذى كان يقوم بعزف الموسيقى فى الساحات الشعبية والميادين العاملة.. هذا الوضع خلق علاقة جيدة جدا بين جميع المواطنين فى محافظة بورسعيد باختلاف الفئات العمرية بالشرطة.. خلاصة الأمر من تلك الأمثلة أنه يجب أن نفكر ونبدع خارج الصندوق فى آليات جديدة ومتطورة وحديثة تتواكب مع معطيات العصر من أجل مواجهة الأفكار الإرهابية.
المصور: تلك الإجراءات والأدوات التى تم ذكرها.. هل يمكن لها القضاء على الإرهاب فى سيناء أم أن دورها المساهمة فى إجهاض انتشار الأفكار الإرهابية؟
اللواء علام: هذا أمر غاية فى الأهمية، ويجب الحديث عنه تلك الأدوات والمعطيات التى تحدثنا عنا هدفها الأساسى هو وقف عجلة تجنيد الشباب وانضمامهم للجماعات الإرهابية، وهو أمر رئيسى فى مواجهة الإرهاب، صحيح إنك لن تستطيع أن تجعل تجبر حملة حمل السلاح على يضعوه مرة أخرى، ويبتعد عن تلك الأفكار، لكنها تساهم بشكل مركزى فى وقف انضمام المزيد لتلك الأفكار.
المصور: ماهو ردك على من يقول أن تلك الأدوات والإجراءات أصبحت لا تصلح الآن مع حالة التطور التكنولوجي؟
اللواء علام: من حق الجميع أن يرى هذا، وأن يقوم بالتطوير والتعديل والإضافة والابتكار، فهذا أمر محمود بالطبع، ونحن بالفعل فى حاجة إلى تطوير تلك الأفكار، لكن الأمر غير المقبول هو إدعاء أن تلك الأفكار فاشلة ولن تجنى ثمار، وإنها لن تحقق نجاحات، لأنها بالفعل استطاعت تحقيق نجاح وساهمت فى وقف عجلة الانتماء إلى الأفكار المتطرفة.. فعلى مدار أكثر من خمسين عاما من الاعتماد على الحلول الأمنية لم نستطع مواجهة الإرهاب ووصلنا إلى مقتل رئيس الجمهورية على يد الجماعات الإرهابية عندما قاموا باغتيال الرئيس الراحل السادات، ولكن مع استخدام تلك الأدوات داخل منظومة مواجهة الإرهاب اختلف الأمر.. ووصلنا إلى حالة المراجعات التى ما زالت نتحدث عنها إلى الآن.
المصور: الحديث عن الإرهاب فى أرض الواقع يصل بنا إلى أن جذور الأفكار الإرهابية هى جماعة الإخوان المسلمين وتفريعاتها وهناك من يؤكد أن الإخوان فى السودان لهم اليد الكبرى فى الإرهاب داخل الوادى فى مصر وسط ذلك هناك من يتحدث عن ضرورة المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين.. ماذا يعنى ذلك؟
اللواء علام: الحديث عن المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين هو درب من دروب العبث السياسى فى حقيقية الأمر، فلا يوجد دولة فى العالم تقوم بمصالحة مع الخارجين على القانون، لكن يُمكن أن تقوم بإعادة تأهيلهم من أجل دمجهم فى المجتمع مرة أخرى، وهو الأمر المطلوب، ولا يُمكن لأى دولة أن تتوقف أو ترفض إعادة تأهيل من خرج على القانون.. فلقد قمت بتأسيس جمعية رعاية المفرج عنهم من المسجونين وتأهيلهم، وتم تعميم الفكرة من قبل وزير الداخلية حين ذلك فى جميع ربوع الجمهورية، فكانت الجمعية تقوم برعاية أهالى المسجونين وتوفير فرص عمل للمسجون داخل السجن من خلال تعليمه حرفة معين أو الاستمرار فى حرفة كان يعمل بها، وكانت الجمعية تقوم باستقطاع جزء من العائد المادى لصالح أهالى المسجون، ثم بعد خروجه تتوالى الجمعية مساعدته فى الحصول على فرص عمل، وتم تحقيق نتائج مُبهرة، وعلى سبيل المثال من أهم الشخصيات التى صادفتها فى حياتى العملية وكانت مسئولة عن نشر الأفكار المتطرفة فى جماعة التكفير والهجرة كان الشاب يدعى «صفوت الشيخ حسن الزيني» تلك الشخصية حظيت باهتمامى بشكل كبير نتيجة ما أعرف عنه وخطورته وقدرته على نشر الأفكار المتطرف، ولقد تعرضت لانتقادات واسعة من محاولة إعادة تأهيله وإصلاحه، وكان الغالبية يرون أن هذا أمر مُستبعد، فقمت بأخذه إلى الاستراحة الخاصة بى بأمن الدولة مع الدكتور «حمدى أبو النور» لمدة ٢٨ يوما من النقاش والسجال فيما بينهما، وكانت النتيجة أنه تراجع عن تلك الأفكار، وقام بحل جماعة التكفير والهجرة فى غضون ٢٨ يوما فقط.. خلاصة الأمر أن هناك إمكانية لإعادة تأهيل المنتمين إلى تلك الجماعات بما فيهم الإخوان المسلمين.. وبرغم من أن البعض يقول إنه أمر مُستبعد فى ظل التكنولوجيا الحديثة، هو فكر مغلوط، فيجب علينا استخدام كافة أدوات التواصل الاجتماعى الحديث فى الوصول إلى إعادة التأهيل والدمج فى المجتمع مرة أخرى.
المصور: هل الإخوان لهم دور فى حمل السلاح؟
اللواء فؤاد: أولا جماعة الإخوان المسلمين هى أم لجميع التنظيمات والجماعات المتطرفة، بعضهم عقب أحداث رابعة حملوا السلاح وغيرها من الأساليب التهديدية الأخرى لكن قبلها لم يكن وحاليا يحاولون أن يتخفوا بأن لا يحملوا السلاح، بل يوجهوا لنا تنظيمات تابعة لهم تحمل السلاح.. وكل تلك التنظيمات تنتج من «بطن الإخوان».. فالقيادات العليا إخوانية إنما القيادات الشبابية غالبيتها لم تكن فى الأصل إخوان، لكنهم صاروا تنظيما يتم تدريبهم وتوجيههم وإعطائهم التعليمات من قبل الإخوان المسلمين.
المصور: إذا بعض التنظيمات التى ارتكبت جرائم وآخرها الكمين المتحرك أو التفجيرات هنا وهناك.. هل هى تنظيمات إخوانية؟
اللواء علام: هى تنظيمات مدعومة من الإخوان.. إنما الإخوان بما فيهم عمر التلمسانى أشار فى تصريح سابق له: «نحن نعمل تنظيما بلا نظام لكى لا يقع تحت طائلة القانون»، حيث كان يقصد بتلك الجملة أن يكون هناك أمير يأمُر كل المحيطين به بتنفيذ أوامره، وهذا هو التنظيم المعتاد عليه، لكن هو ينفى ذلك وضرب مثلا بأنهم سعوا بأن لا يكون شكل أسرة محددة، بل يتم تغير أفرادها بشكل دورى، بحيث لا يكون لها شكل منظم ولا اجتماعات منظمة، وبالفعل هذا هو إيضاح لما قاله «تنظيم بلا نظام»، وذلك يعد نموذج لفكر الإخوان لخروجهم من تحت طائلة القانون.
المصور: هل يمكن أن يكون هناك مصالحة مع الإخوان وهم يحملون السلاح؟
اللواء علام: لا يوجد بما يعرف بالمصالحة فلا يوجد شئ بالعالم بأكمله يعرف بأن هناك دولة تتصالح مع من هو خارج عن القانون سواء كان شخصا أو تنظيما أو جماعة أو غيره.. فهل نستطيع كدولة التصالح مع تجار المخدرات؟، فهى مسألة متقاربة من أشكال الإرهاب.
المصور: هل التنظيمات الإخوانية الخارجة من الأصل من الجماعة لها علاقة بكبار القيادات الموجودة داخل السجون المصرية لكنها داخل مصر أو خارجها بأكملها؟
اللواء فؤاد علام: بالفعل كلهم كيان واحد، وبالفعل أيضا يتلقون تعليماتهم من هنا وهناك.
المصور: هل القيادات الإخوانية بالسجون لا زال لها دور حتى الآن؟
اللواء علام: بالتأكيد، فهم دائما يفعلون ذلك، لأنه مع الأسف الشديد هناك بعض الأفراد من العاملين بالسجون فى مستوى اجتماعى وثقافى ضعيف جدا، منهم بعض العساكر من الدرجة الثانية والممرضين، وبالفعل يتم استخدامهم بطريقة أو بأخرى فى توصيل التعليمات والزيارات أيضا، التى مهما فعلنا من حراسة مشددة وتأمين تجدهم يستحدثون بأساليب جديدة.. وبالفعل كان منهم شخصية سياسية كان يستخدم ورق السجائر ويكتب بداخلها ويهربها.. أما عن تهريب التليفونات فهذا مستحيل لسرعة ضبطها من قبل الأجهزة الأمنية وبمواجهة قوية جدا.
المصور: لكن إذا التقى محامى بإحد القيادات الإخوانية وليكن خيرت الشاطر.. فمن الممكن أن يعطيه بعض التعليمات؟
اللواء علام: بالطبع كل شئ وارد حدوثه.
المصور: هل الأجهزة الأمنية تعجز عن معرفة ما يدور من حوار بين المحامى والشاطر على سبيل المثال؟
اللوا فؤاد علام: من قال إننا لا نقدر.
المصور: فكيف تتسرب تعليماتهم ويتم تنفيذها؟
الأجهزة الأمنية تُحبط الكثير من العمليات وتكشف الكثير من المحاولات والغموض، لكن بالتأكيد هناك نسبة لم نقدر أن نحققها.. وبالفعل تم ضبط تسريب بعض التعليمات، وفى الأكثر كانت فى وجبات المحشى ملفوفة بداخل صوابع ورق العنب.
المصور: هل ستظل القيادات الإخوانية بداخل السجون إلى ما يشاء الله.. ولماذا لم يتم محاكمتهم وإعدامهم.. وما الوضع النهائى لهم؟
اللواء علام: تلك هى إحدى مهام المجلس القومى أو الأعلى لمكافحة الإرهاب، فلابد وأن يكون لديه تصور دقيق واستراتيجية علمية مدروسة من حيث.. ما الذى سنفعله مع المحكوم عليهم، وبالأخص المحكوم عليهم بالإعدام.
المصور: هل أنت مع تنفيذ الحكم بالإعدام عليهم؟
اللواء علام: ليس الكل يستحق الإعدام، فالأهم هو إعادة فتح التحقيقات وفق معايير وضوابط علمية تساعد فى الكشف عن الغموض الذى يحيط ببعض القضايا، وهذا بأن يكون الأولوية الأولى، لأنه سيكون له تأثير إيجابى فى وضع إستراتيجية علمية لمواجهة الإرهاب فى مصر.
المصور: هل أترى أن نماذج مثل خيرت الشاطر ومحمد مرسى لا يستحقون الإعدام؟
اللواء علام: لا أستطيع أن آخذ قرارا تجاه أحد بعينه، لكن قبل صدور القرارات لابد من وجود دراسة سليمة لإطلاقه.
المصور: هناك البعض كانت عليهم أحكام إعدام ولم تنفذ.. فلماذا؟
اللواء علام: لا تعقيب، لكن على سبيل المثال «سيد قطب» لم يكن له أى وزن فى الإخوان المسلمين، وكان كبار الإخوان يعتبرونه إنسانا منحرفا.. وحتى هذه اللحظة التى نجلس فيها سويا تغير رأيهم ولا زالوا يشيرون عليه بأنه شهيد، إذا فلابد على الأجهزة تدرس الآثار التى ستقع من وراء تنفيذ أى حكم كان.. ولابد من دراسة الحكم قبل صدوره حتى يكون الحكم مضبوطا، لكى لا يحدث نوع من الإدانة للأجهزة الأمنية، فمن الممكن أن يرفع أحدا منهم دعوة على الجهاز الأمنى.
المصور: أبناء وأسر القيادات الإخوانية.. تعتقد أن لهم دورا حتى الآن.. فعلى سبيل المثال تم إخلاء سبيل حسن مالك؟.. وما هى الاستراتيجية التى أفرج عنه على أساسها؟
اللواء علام: إذا رجعنا بذاكرتنا وتساءلنا لماذا تم ضبط حسن مالك من الأساس؟، فلا تقولون لأنه قيل أنه تم ضبطه بمجموعة من الدولارات فلا مساحة للقيل والقال، بل لابد من قراءة قضية حسن مالك.. ومن لديه أى رأى فليعلن عنه بكل شجاعة.. لكن كيف نحكم على أحقيته فى الإفراج عنه أم لا؟، إذا لم نعرف شيئا عن قضيته بكامل الدقة، لذلك قطعا أرى أن هناك خللا من أن يصدر حكم من قاض معروف بقوته وقدراته وموقفه من هذا.. لكن القضيه قطعا بها خلل مائة بالمائة.
كما أننى فى صدمة من قانون الكيانات الإرهابية. فهذا القانون شملت لائحته ١١ متهمًا فى حقيقة الأمر بعضهم ليس على قيد الحياة. وهناك أسماء أخرى أُضيفت من قِبل النائب العام وتم تحويلها إلى محكمة النقض وفقًا لهذا القانون.. منهم مثلا ابن حسن البنا وعبدالمنعم سعودى الذى كان رئيس غرفة اتحاد الصناعات.. فهم لا علاقة لهم بالإخوان بالمرة، عدا ابن محمد عبدالرحمن سعودى، حيث دخل من زاوية تصميم شركة مقاولون إلى أن تم احتوائه من هذا المدخل، وعموما أتمنى أن نأتى بقضية حسن مالك وندرسها جيدا، وبعد ذلك يحق لنا أن نتكلم فيها بكل جرأة. وخلاصة كلامى فإن قانون الكيانات الإرهابية صدر دون دراسة..
المصور: ومن حديثنا عن القيادات الإخوانية التى بالسجون تحتاج إلى استراتيجية لدراستها.. أما أولادهم فقد وصلنا إلى أن تتعامل معهم كمواطنين عاديين لم يثبت العكس؟
اللواء علام: بالعكس فقد استغللنا الأسر فى الضغط على أهالهم، وذلك بعمل مكتب متخصص لخدمة أسر الإخوان فى الـ٦٠ وبالتالى تكونت علاقات وطيدة جدا بين مجموعة من الضباط وهذه الاسر.. وبالفعل استغللناهم فى الضغط على أهاليهم بداخل السجون وكان من بينهم وأكثرهم عنفا جدا «فوزى على نجم» لكن من خلال الضغط على أسرته استطاعنا أن نغير وجهة نظره تقريبا ١٨٠ درجة من خلال علاقات أمن الدولة مع أسرته.
المصور: هل ترى أن أسرة الشاطر أو غيره من القيادات الإخوانية يمكن الضغط عليها؟
اللواء علام: أستطع أن أحدد، لكن الفكرة ذاتها يتم دراستها وكيفية تنفيذها من المستجدات التى أضيفت أو تغيرت.. فاليوم يختلف عن الستينات بالتأكيد لابد من التعرف على احتياجاتهم اليوم ومشاكلهم، وماذا نستطيع أن ننفذه معهم فى وقتنا الحاضر؟، كما أفضل أن أشير إلى الكتاب الذى تتشدق به جماعة الإخوان المعروفة باسم «نحن دعاة وليسنا قضاة»، حيث يزعمون فيه أنهم يهاجمون الفكر التكفيري.. فهذا الكتاب من إعداد مباحث أمن الدولة بالتنسيق مع المرحوم الشيخ كامل حسن.. وتتشدق به جماعة الإخوان.
المصور: اليوم نتكلم عن تنظيم على رأس سلطة فىبعض الدول العربية لديه من الموارد والقدرات مالا يستطيع حصره كما يمتلكون من كيانات اقتصادية تؤثر على الولايات المتحدة.. لذلك حتى يومنا هذا لا تجرؤ الولايات المتحدة أن تكون ضدهم.. فهل كل ذلك لم يجعل الدولة المصرية أن تفكر بعمق وتتجه إلى فكرة المصالحة استفادة مما أخذناه من تجارب الخمسينات والستينات وأيضا السبعينيات وانتهى الأمر بالتصالح معهم إلى أن أصبحوا نوابا فى البرلمان وانتهى بهم المشهد على رأس السلطة فى مصر.. وتجربة الجزائر والمغرب خير دليل.. فكيف نوقف نزيف الدم الذى انتشر فى كل مكان، وفى النهاية ستكون النتيجة بها نوع من الصدام يستمر للأبد منذ عام ١٩٥٢ والكائنات الإخوانية فى صراع مع الدولة المصرية فمتى سننتهى.. وهل من الجدية أننا نفكر فى مسألة المصالحة أو تترك الأمر لمن يضع القرار بأن يضع لها جدول زمنى؟
اللواء علام: كلمة مصالحة نفسها سيئة السمعة والإخوان تدركها، بأننا نأتى بهم ونقسم عليهم الوزارات، لكن من الإفضل إدماجهم فى المجتمع، هذا هو المطلوب، ولابد وأن تتواجد لدينا استراتيجية بحيث تستهدف إدماج هؤلاء فى المجتمع، بحيث ما تم تنفيذه فى الـ٦٠ والـ٨٠ لا يصلح الآن، فلابد من تواجد متخصصين أو بعض المراكز المتخصصة التى تشارك معنا.. حول كيفية إدماجهم فى المجتمع على ضوء المستجدات التى لحقت بالنسبة لهؤلاء.. وذلك حدث معنا فقد نجحنا فى مصر فى أن نجعل الإرهاب يتراجع.. وما حصل عقب ذلك لم تنفذ الدول العربية الأخرى ما نفذناه.. وأول ما جاءت فرصة لعودة الإخوان إلى الحكم عادة الأفكار والأفراد إلى مصر، لذلك وصلنا إلى ما نحن فيه الآن.. لذلك أطالب بمجلس قومى لمكافحة الإرهاب كنواة لمجلس قومى عربى لمكافحة الإرهاب.. حيث إن الوزير أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية مقتنع جيدا بتلك الفكرة كما يحاول بأسلوبه أن يقنع بعض الدول العربية أن تشير فى هذا الاتجاه، كما أتمنى فى وقت قريب أن نرى هذا المجلس وبصورة مقنعة، وأن يكون بمثابة نواة لمجلس قومى عربى لمكافحة الإرهاب.. وذلك لأنه إذا لم تنجح مصر فى مكافحة الإرهاب ستعاد هذه الأفكار الإرهابية إلى الدولة، ويعاد تصديرها إلينا من جديد فى الوقت المناسب مثلما حدث سابقا.
المصور: فلماذا لم يتم تنفيذ وفاق وطنى مثلما حدث فى الجزائر بعد ١٠ سنوات من المجازر؟
اللواء علام: انتهى ذلك، واقتنعوا بأن يكونوا رجال دعوة لا علاقة لهم بالسياسة، لذلك الدولة رحبت بهم.. كما أن تجربة المغرب أراها أهم، حيث إنهم مشاركون فى الحكم بمعنى أنهم مخصصون شخصا بعينه ويعتبرونه «أمير المؤمنين» لذلك يطيعونه طاعة صماء.
المصور: هل ذلك يصلح فى مصر؟
اللواء فؤاد علام: حاليا لا أستطيع أن أحكم بأن يصلح أم لا لكن على الأجهزة الأمنية المعنية بالأمر تعطينا دراسة كاملة.. فما قمنا به من دراسة وكان بها سعد الدين إبراهيم ودكتورة سهير لطفى، أستاذ الاجتماع وهى سيدة جريئة، كانت تجرى وسط الضباط لكى تجلس وسط الشخصيات العلمية والمدركة جيدا لقضية الجماعات الإرهابية لكننى لم أتمكن شخصيا من قراءة ما يدور فى ذهنها تحديدا ولكن كنت أرى أنها تسعى جاهدة للوصول إلى الحقيقة.
المصور: من وجهة نظرك.. إلى متى ستسمر العمليات الإرهابية التى تحدث داخل البلاد؟
اللواء فؤاد علام:
حتى يتم تنفيذ المنظومة العلمية التى سبق وأن أشرت إليها.
المصور: وإذا لم تنفذ تلك المنظومة؟
سيستمر الإرهاب، وإذا طبقنا تلك المنظومة خلال عدة أعوام ستقضى على الارهاب، لكن إذا استمر الوضع كما هو عليه، بأن نواجه الإرهاب والعمليات الإرهابية بالإجراءات الأمنية المعتادة، فهذا سيكون عاملا لظهور جماعات متطرفة جديدة، ومن مهام المجلس الجديد وضع استراتيجية مع البدء التنفيذ فى الاستراتيجية.. وإذا لم يتم الاتفاق مع كل الدول العربية على وجه التحديد بما فيهم قطر، حيث إن بها تنظيما إخوانيا من الخمسينات، وكانت هناك شخصية إخوانية مصرية اسمه كمال عباس ناجى كان فى قطر كمستشار لوزير التربية والتعليم هناك، إلى جانب ٤ شخصيات هم «السيد صقر – وعبدالبديع صقر – ووائل شاهين» حيث كانوا مستشارين الشيخ هناك وتمكن كمال عباس ناجى من خلال منصبه كمستشار وزير التربية والتعليم هناك.. تم أخونة وزارة التربية والتعليم بالكامل ومن خلالها تم عمل تنظيم إخوانى قطرى، وذلك يعد سبب الموقف الإخوانى التى تتخذه قطر، فالأمر لا يرجع إلى محبتهم للإخوان، لكن هناك تنظيم ولد هناك منذ الخمسينيات ويضم قطريين.
المصور: ما الضرر من وجود إخوانى قطرى إذن طالما لا يحارب مصر ولا يسعى لزعزعة استقرارها؟
لأنه لا يمكن أن يقف عن محاربتنا، فالإخوان بصفة عامة يسعون إلى الخلافة.. دولة الخلافة بما فيهم «تميم» الإخوانى بنسبة ١٠٠٪ لأنه تربية أستاذه كمال عباس.
المصور: بالحديث عن «تميم».. هل لديك معلومات أن كانت «موزة» تنتمى هى الأخرى للجماعة وتعتنق أفكارها؟
اللواء فؤاد علام:
لا أعلم شيئا عن هذا الأمر.. وبشكل عام لم يكن لدى معلومات فى الجانب النسائى.
المصور:
بعيدا عن الملف الإخوانى.. كيف ترى عمليات «داعش» وتواجده فى مصر بشكل مكثف وتربصه بين الحين والآخر بالأقباط؟
اللواء فؤاد علام:
«داعش» لا يتربص بالأقباط لكنه يسعى للقضاء على الدولة المصرية، فالتنظيم هدفه الرئيسى القضاء على الدولة المصرية قبل أى دولة آخرى ليتمكن من تطبيق الخلافة، وهذا الهدف لن يتحقق إلا بسقوط مصر، لأنها رقم واحد فى القائمة، وأعود وأكرر عمليات «الدواعش» تستهدف الجميع لا فرق بين مسلم ومسيحى، فاليوم الأقباط وغدا الجيش وبعده الشرطة والسياحة وما إلى ذلك.
المصور: وفقا للمعلومات المتاحة لك.. هل قيادات التنظيمات الإرهابية موجودة بأكلمها فى مصر؟
اللواء فؤاد علام: جزء منها موجود بالفعل داخل مصر، إلى جانب القيادة التى تتولى عملية التمويل، وأريد أن أشير هنا إلى أن صفقة السلاح التى تم ضبطها قادمة من الجانب الليبيى تؤكد أننا بصدد الدخول فى حرب، كما أن نوعية السلاح التى يتم ضبطها فى العمليات الاستباقية التى تقوم بها الأجهزة الأمنية تكشف أننا أمام قوة عسكرية مدربة.
المصور: هل تمتلك أية معلومات عن صفقة السلاح تلك؟
تم ضبطها منذ حوالى ١٥ يوما على الحدود الليبية وغيرها من مزرعة السلاح التى تم العثور عليها فى البحيرة وعرب شاهين بالقليوبية وأخرى، كما أن نوعية السلاح تؤكد أن هناك قوى تدرب العناصر، ولا أعرف أن كانت موجودة فى الداخل أو الخارج، وعقب حادثة كنيستى طنطا والإسكندرية يمكننى القول أن هناك كنائس أخرى مستهدفة، لذلك نحتاج لكل كنيسة ما يقرب من ٣٠ إلى ٥٠ شخصا لعمل دراسة وضبط المراقبة والبحث عن السلاح فى كل مكان، وأكرر أن ما تم ضبطه على الحدود الليبية يشير بأن هناك جيشا يعد للدخول إلى حرب داخلية.
المصور: حديثك عن الحرب الداخلية تلك هل يمكن القول أنك استخلصته من نوعية وكمية السلاح الذى تم ضبطه فى مزرعة البحيرة؟
اللواء فؤاد علام: بالفعل.
المصور: إذن.. ما الذى يمكن اتخاذه لمواجهة هذا الأمر؟
هنا نتجه إلى الجانب الأمنى، وزارة الداخلية محملة بأعباء فوق طاقتها وفوق قدراتها فلم أتحدث عن الأداء لكن لابد من توفير شروط للأمن أولها الأفراد فلابد أن يكون لديهم إرادة سياسية قوية قادرة، وأن يكون هناك من ٢٠٠ إلى ٣٠٠عسكرى يتم تخصيصهم من حملة الشهادات العليا لتنفيذ خارطة الجندى والعسكرى المثقف، لأننا إذا ما قمنا بدراسة حرب أكتوبر سنجد أن كافة الدراسات التى أجريت عليها تؤكد أن سبب نجاح حرب أكتوبر يتمثل فى توافر عنصر الجندى المثقف، حيث نجحوا فى الاستعداد فى خلال تدريبهم لمدة ثلاثة أسابيع واستوعبوا جيدا التعامل مع الأجهزة الحديثة فى أقل من ٢١ يوما، إذن لا بد من تغير بنية الجندى على وجه التحديد قبل الضباط، وبالفعل تم تخصيص مجموعة من أمناء الشرطة وتدريبهم على أحدث تقنية وتم استيعابهم بمستوى رائع وكان لهم الفضل فى متابعة ثلاثة تنظيمات فى أقل من شهرين بدلا من سنتين وأكثر، وتم تنفيذ المأمورية بسهولة جدا على الرغم من تدريبهم فى شهور قليلة.
ثانيا: لابد من أن توفر لوزارة الداخلية أجهزة متطورة حتى ولو بالتبرع من قبل رجال الأعمال لحماية بلادهم، فمثلا يوجد اليوم جهاز توضع به معلومات السيارات الموجودة فى مصر كلها وخاصة السيارات المسروقة، بحيث أنه عند مرور أى سيارة من أمام هذا الجهاز يتم الاستعلام عن مكان تواجدها ويتم التبليغ عن سرقتها بالدقيقة والساعة ومن خلال غرف المتابعة يتم تبليغ أقرب كمين لضبط وإحضار تلك العربة، ولهذا أرى أنه لا بد من توفير الآلاف من هذه النوعية، كما أن أجهزة التتبع لابد وأن توضع إجبارى داخل السيارات، ولا بد وأن يكون تحت إشراف شركة، لأن هذه الأجهزة تعمل على إرسال تعليمات وصور بخصوص السيارة ومكانها، ولا أحد يستطيع تعطيل ذلك الجهاز فعلى الأقل العمليات التى تمت مؤخرا سيارات مسروقة بنسبة لا تقل عن ٣٠٪، ولو نفذنا مقترح أجهزة التتبع سنقضى على تلك العمليات بنسبة ٧٠ إلى ٨٠٪ من تلك العمليات بأضعف الإيمان.
أضيف إلى ما سبق الكاميرات الذكية، التى تشير إلى أن هناك تصرفا غير طبيعى مثلما حدث فى عملية لندن فى أقل من ١٨ ثانية تم إخلاء « الاندرجروند» وإغلاقه وتم إحضار «روبوت» للتعامل مع جهاز التفجير بدلا من التضحية بحياة إنسان، فى حين ما يحدث لدينا من تفجير دبابات كلها تعد خسائر فادحة على الدولة المصرية وغيرها من السيارات كما أن اليوم لدينا حوالى ٧٠٠ شهيد ضابط شرطة وأمناء كل واحد كلف الدولة الكثير، والأجهزة التى أتحدث عنها لن تلكف الدولة ١٠٪ مما فقدناه وما يمكن أن نفتقده.
ثالثا: تطوير بعض الأساليب كالكمائن فكم من العمليات التى احبطتها الكمائن، ولا بد من دراسة الوضع الحالى وإذا وجد أنه لا فائدة منها أرى أنه لا بد من تغيير الأسلوب فورا.
المصور: ما الأسلوب الواجب اتباعه إذن؟
علام .. فى إطار العجز الموجود يتطلب وجود ما يعرف بالدورية الرقابية كجعل موتوسيكل بسائق يركب عليه ٤ أفراد كل واحد مدرب على مهام تختلف عن غيره، حيث كان لدى عجز حوالى ٦٠٪ من قوات أمن بور سعيد لذلك تم تأمنيها بتلك الطريقة وقمت بتقسيم البلد إلى ٤ مربعات كل مربع به ٢٠ عسكرى بضباطهم.. حيث أن الـ٤ أشخاص فى المنطقة يعنى أن تتم القسمة على ما بين من ٨٠ إلى ٩٠ حى ١٠٠عسكرى ماشى يأخذ الشارع فى ساعتين لكن الدورية ستأخذ المنطقة بالكامل فى ٥ دقائق، وعلى سبيل المثال « الكمائن التى تدمر كل يوم لا بد من إلغائها، وعمل دوريات بموتوسيكلات وسيارات وكل وسائل النقل التى نمتلكها وأكشاك بيع السجائر للمراقبة بدلا من الكمين الذى يضرب كل يوم فهناك أكثر من شكل للتواجد الأمنى فى الشارع بعقلية مستنيرة أكثر مما نحن فيه.
وبجانب الوعى الأمنى لا بد من صدور قرار عاجل يمنع استخدام الهواتف أثناء الخدمة والتواصل بين الزملاء عبر اللاسلكى فقط.
وإلى جانب كل هذا لا بد من توافر الوعى الشعبى فقبل اغتيال النائب العام بأسبوع كانت هناك محاولة لنسف مقره الخاص فى شارع ٢٦ يوليو لذلك لابد من عودة المنادين وتدريبهم وتخصيص لهم رخص وأن يكونوا مسجلين لأنهم بمثابة «عيون»، كما أن الإعلام عليه دور كبير، حيث إن التعامل مع الأمن واجب وطنى ودينى.
المصور: ما مدى حقيقة اختراق الإخوان للجهاز الأمنى فى مصر؟
اللواء فؤاد علام: لا أعتقد ذلك.. كان يوجد اختراق فى حادثة مبروك، لكن بطريقة غير مباشرة حيث تم استغلال سذاجة أحد الضباط فى الحصول منه على معلومات عن خط سير محمد مبروك.
المصور:كيف ترى قرار مشاركة القوات المسلحة فى تأمين المنشآت الحيوية؟
القوات المسلحة عندما شاركت فى تأمين «البابا» كان الغرض من المشاركة تلك تقوية الحراسة الأمنية، لكن فى الوقت ذاته من الصعب استخدام الجيش بشكل دورى مستمر، ورغم هذا لا أنفى أن تواجد القوات المسلحة له تأثير نفسى على هذه التنظيمات لأنهم يدركون جيدا قدرات الجيش المصرى.
المصور: مواجهة التنظيمات والعناصر المتطرفة هل يمكن القول إنها اختلفت فى الوقت الحالى عما كان يتم من قبل؟
اللواء فؤاد علام:
خلال السنوات الماضية، عندما كنا نضبط فرد من مجموعة تنظيم كان من السهل التعرف على بقية عناصر التنظيم من خلال التحقيق معه لكن اليوم أصبح الأمر أكثر تعقيدا بسبب مواقع التواصل الاجتماعى، ومن الواضح أن لدى جماعة الإخوان خطة للتنفيذات تتكون من أعداد كبيرة، مثلا حادث اغتيال النائب العام من اشترك فى أعمال المتابعة والكشف وتجنيد البوابين وغيرهم لا يقل عن ٦٠ شخصا لكن من نفذ العملية ٥ أشخاص.
المصور: بالحديث عن اغتيال النائب العام.. هل ترى أنه يمكن اقتحام أى منشأة؟
اللواء فؤاد علام: نعم بالفعل من السهل دخول أى شخص يحمل حقيبة بداخلها تفجيرات، حيث إن هناك ترهلا كبيرا فى الجهاز الإدارى فى مصر وعلى مختلف المستويات بلا استثناء لذلك يعد سهل اختراقه والمشكلة ترجع أن الجهاز الأمنى مثقل جدا لذلك أقترح أن كما نفذنا فى الستينيات أن يتم تشكيل مجموعة مشتركة تضم المخابرات العامة والحربية والأمن الوطنى متمثلا فى وزارة الداخلية تتولى مواجهة الموقف، وفى الستينيات عندما اكتشفنا تنظيمات سيد قطب تم بالفعل تحديد مجموعات مشتركة من تحريات وتحقيقات.
المصور: ما الذى يتم مع العناصر التى يتم ضبطها؟
اللواء فؤاد علام: « قول اللى أنت عاوزه حيث كان يتم الموافقة لهم بالخلوة الشرعية فى عهد حبيب العادلى ولا يزال الأمر مستمر حتى يومنا هذا».
المصور: بعيدا عن هذا الأمر.. ما الخطوات الواجب اتخاذها لإعادة الثقة بين أجهزة الأمن وقبائل البدو فى سيناء؟
اللواء فؤاد علام: لابد من الاستماع إلى المشايخ والعواقل بالإضافة إلى المواطنين وبعض الخبراء ـ أيضا لابد من أن يكون لعلماء علم النفس والاجتماع دور ورأى فى هذا الموضوع لذلك المطلوب أسلوب علمى للوصول إلى علاج ناجح.
المصور: وكيف ترى صراع القبائل الآن؟
صراع القبائل يرجع إلى نقص بعض الخدمات والمشروعات التى تقام وكل منهما يسعى إلى الوصول لمصالحه المباشرة بأفضل طريقة من وجهة نظره.
المصور: هناك أصوات خرجت خلال الفترة الماضية لتطالب بعدم تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة ضد بعض القيادات الإخوانية.. تعقيبك؟؟
اللواء فؤاد علام:
لا أقف ضد الأمر.. ولكن يجب أن تكون هناك دراسة دقيقة تحدد كيفية التنفيذ والوقت والأسماء أيضا.
هل أنت ضد إعدام قيادات الإخوان؟
المصور: فى ظل استمرار العمليات الإرهابية التى تشهدها البلاد، واستمرار الحرب النفسية التى تتبناها الجماعات المتطرفة.. كيف ترى الأيام المقبلة؟
اللواء فؤاد علام:
يجب أن ندرك فى البدء حقيقة واضحة، وهى أنه لا يوجد تنظيم إرهابى فى العالم نجح فى إسقاط دولة واستطاع أن يسيطر على الحكم ولن يكون هناك تنظيم إرهابى يحقق هذا الهدف، والخطورة هنا تتمثل فى الخسائر التى تحدث فى استمرار المواجهة بهذه الصورة، فهناك استنزاف لقوى مادية واقتصادية وعسكرية كل هذه الأسباب هى التى أرى أنها تدعو إلى الخوف والقلق.
المصور: من وجهة نظرك.. هل ترى أن الرئيس مطالب بالإسراع فى تشكيل وإعلان عمل مجلس مكافحة الإرهاب؟
اللواء فؤاد علام:
كنت ضيفا فى إحدى القنوات الفضائية، وفى نهاية اللقاء طلبت من الرئيس أن يصدر قرارا الآن وليس بعد ساعة بتشكيل هذا المجلس، وبعدها أصدر الرئيس هذا القرار وخرجت المواقع الإخبارية تتحدث بأن اللواء فؤاد علام اتفق مع الرئيس على هذا الاقتراح.
المصور: الطوارىء.. هل ترى أن المواجهة الحالية تتطلب إعلانها؟
اللواء فؤاد علام: بشكل شخصى أرفض هذا القانون تماما، وخلال عملى لم استخدمه على الإطلاق فى أى قضية أو فى أى موضوع، قانون الطوارئ كان هدفة إعطاء بعض التسهيلات لأجهزة الأمن ولا أعتقد أن الأجهزة ستستخدم هذه التسهيلات.
المصور: هناك رأى قدمه علماء فى علم النفس يشير إلى أن العناصر والجماعات المتطرفة لديها حواضن اجتماعية تساهم فى العنف كما حدث فى أمريكا اللاتينية بشكل عام..ما رأيك؟
اللواء فؤاد علام: الصورة مختلفة تماما.. ونعود مرة أخرى إلى المحاور الستة التى تحدثت عنها منذ قليل، وعلى سبيل المثال: انهيار الأسرة المصرية وتفككها بكيانها المتعارف عليه أرى أنها أحد العوامل المهمة جدا فى تجنيد الشباب للعنف، إضافة إلى أن نسب الطلاق فى مصر وصلت إلى ٤٢ بالمئة، وأكثر من ٧٠ بالمئة من الأسر المصرية لا تعرف شيئا عن أبنائها بسبب الانشغال عنهم فى أعمالهم وعدم وجود أى رقابة عليهم، كل هذه الأسباب تساهم فى استقطاب الشباب بطريقة سريعة، لذلك العوامل الاجتماعية مهمة للغاية.
المصور:ماذا عن الظروف الاقتصادية.. هل يمكن القول أن الفقر يولد الإرهاب؟
اللواء فؤاد علام: الفقر يعتبر من العوامل الهامة فى انتشار الإرهاب، وهناك قصة لشخص يدعى أحمد عبده وهو دكتور يعمل فى الإسماعيلية وهو م من بلد سيد قطب من أسيوط، باع ٣٧ فدانا من أجل الإنفاق على الجماعة.
المصور: هل هناك عوامل أخرى تساهم فى انتشار الأفكار المتطرفة وتمد الجماعات الإرهابية بعناصر جديدة؟
اللواء فؤاد علام: التفاوت الخطير بين المجتمعات وغياب العدالة الاجتماعية واساءة استخدام المال وتناول الإعلام لهذه الصور وعلى سبيل المثال، التناول بشكل كبير لأعياد الميلاد والأفراح لأشخاص معينة،هذا التفاوت يثير الحقد فى نفوس الطبقة البسيطة ضد الطبقة العليا، والجماعات الإرهابية تستخدم هذه الأمور فى عمليات تجنيد الشباب، أضيف إلى ذلك وعدم وجود عدالة ضريبية وعدالة اجتماعية، فهناك بعض من رجال الأعمال يتهربون من دفع الضريبة، والسؤال هنا لماذا لا توجد ضريبة تصاعدية ما هو المانع؟. . وتحدثت فى هذا الشأن قبل ذلك وحدثنى رجل أعمال بعدها فى هذا الموضوع وكان فى حالة ضيق.
المصور: الحواضن الاجتماعية مع تغيرات عالمية فى مصادر التمويل تؤكد أن هناك خطرا يهدد الدول بشكل عام.. تعقيبك؟
اللواء فؤاد علام: الخطورة ليست فى وجود هذه التنظيمات وإمكانية الاستيلاء على السلطة فى أى لحظة من اللحظات، الخطورة الحقيقية تتمثل فى انهيار الدولة، بمعنى الإصلاحات التى تم فعلها والتضخم الرهيب الذى حدث يمكن أن يولد انفجار، فالطبقات البسيطة بدأت تستغيث من الحياة اليومية والكثير من المناطق العشوائية فى أى لحظة يمكن أن تنفجر كما حدث قديما فى موضوع رغيف العيش، وكان لدى أمل كبير فى وزير التموين أن يصدر قرارات لتقليل حدة الغضب.
المصور: كان هناك اقتراح بتوفير أجهزة إلكترونية يمكن أن تحمينا من وقوع حوادث إرهابية.. هل هناك ميزانية متوافرة تكفى لشراء تلك الأجهزة؟
اللواء فؤاد علام: هناك جهاز مهم جدا يعمل على تعطيل الإشارة اللاسلكية هذا الجهاز لو تواجد سيفقد التنظيمات الإرهابية جزءا كبيرا من قدراتها وتحركاتها.
وفيما يتعلق بالجانب المالى، فمما لا شك فيه أن الدولة مثقلة بأعباء اقتصادية، والأجهزة التى تتحدثون عنها مكلفة إلى حد ما، وتمنى أن تهتم وسائل الإعلام والصحافة -وعلى رأسها مجلة المصور- هذه الفكرة مع رجال الأعمال كما حدث مع مستشفى مجدى يعقوب ومستشفى ٥٧٣٥٧ وأن تكون هناك جهة تتولى مهمة تلى هذه التبرعات.
كما أتمنى من رئيس الجمهورية أن يطلب من القوات المسلحة بما لديها من إمكانيات والتى لا تبخل بشىء عن المواطن أن تكون متواجدة إلى جانب رجال الأعمال.
المصور: ما رأيك فى اقتراح خصم جنيه من كل موظف؟
هذا الموضوع مهم جدا ونحتاج إلى أفكار خارج الصندوق ومؤتمر الشباب الأخير كان فى منتهى الروعة وشباب لديه أفكار ناضجة جدا.
المصور: كلمة اخيرا ورسالة توجها إلى الرئيس؟
اللواء فؤاد علام: أرجو أن يستكمل القرار الذى صدر بتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، وأتمنى ألا يكون قد تعثر فى الطريق وتم استبعاده، كما أتمنى أن يخرج به قرار جمهورى وليس قانون من مجلس النواب، وأن نستبعد فكرة أن يكون تشكيله من الحكومة لأننا لسنا فى حاجة إلى مجموعة وزراء، فالوضع القائم يشير إلى أننا نحتاج إلى شخصيات سياسية قادرة على تولى المسئولية، وأتمنى أن يصدر هذا القرار خلال ساعات وليس فى أسابيع وشهور.
المصور: لدينا خبرات أمنية كبيرة خاضت معارك مع الجماعات الإرهابية خلال عقود هل يمكن من وجه نظرك الاستعانة بها فى تشكيل المجلس الوطنى؟
اللواء فؤاد علام: بالطبع.. ممكن الاستعانة بهم داخل المجلس أو خارجه من خلال تشكيل مجلس استشارى على سبيل المثال، الأهم هو كيفية الاستفادة من خبراتهم فهناك أسماء لها خبرة طويلة فى التعامل مع الجماعات الإرهابية وحققت نجاحات واسعة فى ذلك ومن أهم الأسماء التى تحضر فى ذهنى الآن اللواء «رفعت أبو القمصان» الذى استطاع تقويض المنظمات الإرهابية بشكل كبير وناجح، وبالفعل تم الاستعانة به وأصبح مستشار رئيس مجلس الوزراء للأمن والانتخابات، وصدر قرار بذلك لكن للأسف الشديد يتم الاستعانة به فيما يخص شئون الانتخابات لكن على المستوى الأمن لم يحدث ذلك، والسؤال هنا من حيث الأهمية هل الاستعانة بخبرة مثل أبو القمصان تقتضى وضع أولويات المهم ثم الأهم فالمهم الآن الاستعانة به على مستوى الأمن القومى وليس على مستوى تنظيم الانتخابات.
«المصور»: نشكر سيادتكم علي هذا الحوار المطول والملئ بالتفاصيل المهمة.