رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


49 عامًا على رحيل إسماعيل ياسين.. «سُمعة» هرب من السويس بـ6 جنيهات وتوفي بأزمة قلبية

24-5-2021 | 20:26


إسماعيل ياسين

محمد أبو زيد

كوميديان من طراز فريد، أحد أهم الفنانين في تاريخ السينما المصرية، لم تأتِ شهرته من فراغ حفر في الصخر وذاق ألوان التعب، كان حلمه أن يصبح مطربا حبا في موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ولكن تحول إلى واحد من أهم الممثلين في مصر، وصار معشوقا للجماهير في كل ربوع مصر والوطن العربي هو "أبو ضحكة جنان" و"صاحب السعادة" والذي رسم الابتسامة على وجوه الملايين، هو "ابن حميدو"، والوحيد صاحب سلسلة الأفلام التي تحمل اسمه الفنان الكبير إسماعيل ياسين.

 ولد إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر 1912، بمدينة السويس، لأب يعمل جواهرجي، رحلت والدته وهو في سن صغير، باتت موهبته تلوح في الأفق من صغره، وحلم أن يكون مطربا حبا في الموسيقار محمد عبد الوهاب، تكالبت الديون على والده وأفلس وباع المحل الذي يمتلكه، عانى "سُمعة" من قسوة زوجة أبيه، وهرب من قسوتها وعمل مناديًا للسيارات بأحد المواقف بالسويس.

 

كان السفر إلى القاهرة والعمل في مجال الغناء، حلما يرواده كل ليلة، عندما بلغ السابعة عشر من عمره أخذ من جدته لأبيه 6 جنيهات، وذهب إلى القاهرة، معتقدا أن الشهرة في انتظاره، ولم يكن يعرف أنه سيقضي أيامه الأولى بالعاصمة في تعب ليس له مثيل، أنفق كل ما معه ما أضطره للمبيت في مسجد السيدة زينب كل ليلة، حتى تم طرده ليذهب إلى مسجد "مارسينا" في نفس المنطقة وعندما وجده ممتلئا لم يجد مكانا ينام فيه عندما أحل عليه التعب سوى خلف الباب وما هي إلا لحظات حتى وجد شخصا يوقظه ويتهمه بأنه سرق "طقم شاي"، ما دفعه إلى أن يروي قصته لشيخ المسجد، فأخذه إلى منزله لينظف ملابسه ومنحه مبلغ 35 قرشا حتى يتمكن من العودة إلى السويس مرة أخرى.

وما أن رأى والده يجلس على "ترابيزة" في الشارع  ويعمل بيده بعد أن كان "صائغ" ويمتلك محل كبير شعر بالحزن وقرر العودة إلى القاهرة بعد أن اقترض من أصدقائه مبلغًا من المال، اضطرته الظروف أن يعمل نادلًا في مقهى بشارع محمد علي، وكان يذهب ليلًا للأفراح الشعبية، وعمل في مكتب أحد المحامين حتى قرر في أحد الأيام شراء مونولوج من أحد المؤلفين وذهب به إلى مدير إحدى صالات الغناء، وقام بغنائه أمامه فقرر تعيينه منولوجيست بمرتب 4 جنيهات شهريًا.

 

وفي منتصف الثلاثينيات، قاده حظه أن يتعرف على السيناريست أبو السعود الإبياري، والذي كان يمنحه منه المونولوجات والأغاني، يسدد ثمنها إسماعيل وقت يشاء، ثم قدمه للراقصة بديعة مصابني ليعمل في فرقتها بجوار المونولوجيست ذائع الصيت سيد سليمان، ومن فرقة "مصابني" كانت الشهرة  في انتظاره وفتحت له السينما ذراعيها، إذ وقع اختيار المخرج فؤاد الجزايرلي له ليشارك في فيلم "خلف الحبايب"، وبعده شارك في فيلم "مصنع الزوجات" عام 1941، ثم قدمه الفنان علي الكسار للمخرج توجو مزراحي ليشاركه في فيلم "علي بابا والأربعين حرامي"، ومع "مزراحي" شارك في عدة أفلام من إخراجه منها "نور الدين والبحارة الثلاثة، تحيا الستات، الطريق المستقيم".

وقدم أولى بطولاته المطلقة في السينما عام 1949 في فيلم "الناصح"، لم يتوقف بعدها أبدا عن العمل وشارك في العديد من الأفلام وارتبط اسمه مع صديق عمره أبو السعود الإبياري الذي كتب له معظم أفلامه حتى فيلم "سكر هانم" والذي قام ببطولته الفنان عبد المنعم إبراهيم في أولى بطولاته المطلقة كان في الأصل مكتوبا لإسماعيل ياسين حتى صدر قرار بمنعه من أداء شخصية سيدة في السينما بعد أن  قدّمها من قبل في عدة أعمال، ليقوم إسماعيل ياسين بترشيح عبد المنعم إبراهيم ليقدم الفيلم بديلا عنه وجسد دور "فتافيت السكر" الذي أحدث نقلة فنية في حياة عبد المنعم إبراهيم، وشارك في بطولة الفيلم كمال الشناوي، عمر الحريري، سامية جمال، عبد الفتاح القصري، وحسن فايق، وأخرجه السيد بدير.

كان إسماعيل ياسين كتلة نشاط يعمل ليل نهار للدرجة التي جعلته يصور ما يقرب من 5 أفلام في اليوم الواحد في نفس التوقيت، كان وش السعد على المنتجين ففي فيلم "ابن حميدو" تكلف إنتاجه 18 ألف جنيها ليحقق 300 ألف جنيه وهو رقم خيالي في ذلك الوقت، ارتبط أسم المخرج فطين عبد الوهاب والمؤلف أبو السعود الإبياري به وقدم إسماعيل ياسين سلسلة أفلام تحمل أسمه وارتبط بها الجميع، وظلت راسخة في وجدان الجماهير وكون مع رياض القصبجي ثنائيا في معظمها وهو "الشاويش عطية".

سلسة أفلام حملت اسمه ومن تأيف صديقه أبو السعود الإبياري بدأها بـ"عفريتة إسماعيل يس" 1954، للمخرج حسن الصيفي، و"إسماعيل يس يقابل ريا وسكينة" 1955، للمخرج حمادة عبد الوهاب، و"إسماعيل يس في جنينة الحيوانات" 1957، للمخرج سيف الدين شوكت، و"إسماعيل يس طرزان" 1958، للمخرج نيازي مصطفى، و"إسماعيل يس في دمشق" 1959، للمخرج حلمي رفلة، وفي نفس العام "إسماعيل يس في الطيران" للمخرج فطين عبد الوهاب.

ولم تقتصر سلسلة أفلامه على تأليف أبو السعود الإبياري فقدم "مغامرات إسماعيل يس"، للمخرج يوسف معلوف، وتأليف يوسف عيسى، و"إسماعيل يس في الجيش" عام 1955، تأليف سامي داوود وعبد المنعم السباعي، وإخراج فطين عبد الوهاب، وعند عرضه الأول في سينما "ديانا" حضر العرض الرئيس جمال عبد الناصر، وفي عام 1956 قدم "إسماعيل يس في البوليس" تأليف السيد بدير، وإخراج فطين عبد الوهاب، و1956 "إسماعيل يس في متحف الشمع" للمخرج عيسى كرامة، وتأليف جمال حمدي.

وقدم "إسماعيل يس في الأسطول" في 1957 تأليف حسن توفيق والسيد بدير، وإخراج فطين عبد الوهاب، وفي نفس العام "إسماعيل يس للبيع" تأليف كامل الحفناوي، للمخرج حسام الدين مصطفى، و"إسماعيل يس بوليس حربي" في  1958 تأليف علي الزرقاني، للمخرج فطين عبد الوهاب، وفي نفس العام "إسماعيل يس في مستشفى المجانين" للمخرج عيسى كرامة، ومن تأليف عباس كامل وعبد الفتاح السيد، وفي عام 1961 "إسماعيل يس في السجن" عن رواية سيد سرحان، وسيناريو وحوار جليل البنداري، وإخراج حسن الصيفي، وفي عام 1964 "إسماعيل يس دكتور"، تأليف أنور عبد الله، وإخراج عمر بدر الدين.

 

وتزوج إسماعيل ياسين 3 مرات، كانت آخرها زوجته فوزية وأنجب منها ولد واحد هو المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين، وقدّم للسينما نحو 166 فيلما للسينما، وبعد مشواره الفني الطويل كانت الدنيا أشد قسوة عليه، تراكمت عليه الديون والضرائب وخسر ثروته، ما اضطره في عام 1966 إلى حل فرقته المسرحية التي كانت تعمل لمدة 12 عاما، وقدمت ما يزيد عن 50 مسرحية جميعها من تأليف أبو السعود الإبياري، شد رحاله إلى لبنان ليعمل في أدوار صغيرة، وعاد بعدها إلي مصر ليعمل مؤديا للمونولوجات في مصر كما بدأ في بداية مشواره، وظل فترة طويلة يعاني من الحزن الذي أصاب قلبه بالمرض حتى رحل عن عامنا في مثل هذا اليوم 24 مايو 1972 إثر أزمة قلبية حادة، ورحل وترك خلفه بسمة على وجوه الملايين، وضحكة تخرج من القلب كلما رأيته على الشاشة.