رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قال لي مكرم: عاوز تشتغل مع ابن كمال الشاذلي قدم استقالة من دار الهلال(2-2)

26-5-2021 | 11:20


سليمان عبد العظيم

 

صباح اليوم التالي للقائي مع الوزير كمال الشاذلي، أخبرني الأستاذ صلاح طه، سكرتير رئيس التحرير، أن الأستاذ مكرم ينتظرني بعد نصف ساعة. 

في مكتبه قال لي رئيس التحرير: كمال الشاذلي كلمني عشان تشتغل مع ابنه في الجورنال الجديد اللي عمله.. أنا طبعا لم أرفض لكن عاوزك انت اللي ترفض..
 
وفجأة سألني: هما عارضين عليك مرتب كام؟!.. وشجعني هذا السؤال على الرد كالتالي: أستاذ مكرم أولاً لك أن تفخر بأن أحد تلاميذك سيكون مديراً لتحرير جريدة أسبوعية جديدة.. ثانياً لماذا تريد أن تحرمني من فرصة كبيرة، وتضيع عليا مرتب شهري مغري قدره 4000 جنيه.. أي أربعة أمثال مرتبي في دار الهلال.

رد بغضب: يعني انت مش عاوز تعتذر.. طيب يا سيدي لو عاجبك الشغل مع كمال الشاذلي وابنه، قدم استقالتك من دار الهلال.. لأن معنديش إجازات بدون مرتب.. قدم استقالتك وريحني..

لم يعجبني كلام الأستاذ مكرم.. كيف أعتذر للوزير الشاذلي رغم أنني وافقت بالأمس على هذا العرض الطيب، الذي كان جيدا للغاية، وفرصة لا يجب أن تفلت من يدي على حد تعبير صديق عمري الأستاذ ربيع أبو الخير رئيس تحرير مجلة طبيبك الخاص.

في تلك اللحظة التي قال لي فيها الأستاذ مكرم (قدم استقالتك وريحني) قررت أن أتكلم وأواجهه بكل شجاعة.. قلت: يا ريس.. أنا مش بحب أقول اشمعنى أنا اللي حضرتك واقف معاه هذا الموقف المتشدد؟ 

وقلت: حضرتك مشكور وافقت أن يؤسس صديقي العزيز عزت بدوي، جريدة خاصة هي "التحدي"، ويرأس تحريرها، عندما شرح لك أنه مضطر لذلك بسبب ظروف مادية صعبة للغاية كان يمر بها رحمه الله في ذلك الوقت.

 وقلت: حضرتك مشكورا وافقت على طلب الصديق الجميل عاصم رشوان بتجديد إجازته بدون مرتب، ربما للسنة العشرين على التوالي، عندما شرح لك ظروفه الصعبة التي تدفعه دفعأ لتجديد أجازته للمرة العشرين رغم تأشيرتك على طلبه فى العام الماضي (موافق على أن تكون الإجازة الأخيرة)..!!

و قلت: ليه حضرتك كل تصرفاتك معنا وجميع قرارتك تقول وتؤكد أنه لا يهمك إلا مصلحة مجلتك.. وأنه مش مهم عندك أن زملاءك وأولادك الصحفيين يكونوا مرتاحين ماديا، بل المهم أن يشتغلوا في المجلة ليل ونهار.. 24 ساعة.. فحت وردم..؟! 

لم يكن هذا هو كل ما قلته.. قلت: حضرتك يا أستاذ مكرم لم تفكر في العبد لله مرة واحدة.. لم تطيب خاطري وتكبرنى وسط أهلي وناسي وجيراني، عندما مات أبي عام 1986 مثلما فعلت مع زملاء آخرين.. اكتفيت بأن تعزينى وتواسيني في مكتبك، ولم تكلف خاطرك حتى أن تأتى إلى مكتبي وتقدم واجب العزاء! 

تقريبا قلت للأستاذ مكرم في تلك الدقائق العشرين، كل ما كان يجيش في قلبي.. من ذهوله لم ينطق أو يعلق.. تركني أتكلم وأشكو.. دون مقاطعة. 

 استغرق وجودي حوالي ثلث ساعة، أنهاها رئيس التحرير بقوله، وهو يهم بدخول الحمام كعادته في إنهاء أي مقابلة، بينما كنت أمسك بباب غرفة مكتبه مغادرا: عاوز تروح تمسك جورنال ابن الشاذلي قدم استقالتك من المؤسسة!

قلت قبل أن أرزع الباب: أنا مش ها أقدم استقالتي.. أنا عملتها مضطراً عام 1994 بسبب تعنتك الشديد معي، بدون أي سبب.. ومش ها أعملها تاني يا أستاذ مكرم.. كفاية ما ضحيت به خلال عامي 1995، و1996 من خسائر مادية، بسبب هذه الإستقالة التي ظلمتني فيها كثيرا باعترافك أمام الكثيرين، (أنا جيت على سليمان كتير قوي.. أنا متأكد أني ظلمته). 

وفي مكتبي رحت أفكر وأقلب في حكاية إصرار رئيس التحرير على أن أعتذر للوزير الشاذلي ،وأرفض قبول عرضه.. ربيع أبو الخير صديقي الصدوق، منذ عام 1977، كان رأيه أن رفض مكرم كان بهدف أن يرسل رسالة صريحة لا لبس فيها لمن يهمه الأمر في الدولة، من أجهزة وسلطات وقيادات عليا، بأنه ليس على وفاق أو اتفاق مع الوزير كمال الشاذلي في أي شيء!  

و في مطعم الركيب بالسيدة زينب قلت لربيع قبل أن يضع سفرجي المطعم طلب الكوارع والفتة على مائدتنا: يا ريت الأستاذ مكرم يعمل اللي بيعمله الأستاذ إبراهيم نافع، اللي بيرشح بنفسه صحفيي الأهرام، عشان يمسكوا الصحف الحزبية ومكاتب الصحف والمجلات العربية في القاهرة، دون أن يقدموا إجازة بدون مرتب!  

 في مطعم الركيب بدأت أشكو لصديقي ظلم رئيس التحرير: ده يا ربيع بيدي بعض الزملاء والزميلات من أصحاب الحظوة، والمقربين إليه كل سنة علاوات سرية، لا نكتشفها إلا في دفاتر استلام المرتبات أول كل شهر!

 لقد وجدت نفسي بعد لقائي مع رئيس التحرير في موقف لا أحسد عليه.. فقد وافق معتز الشاذلي أو بالأحرى الوزير الشاذلي على مطلبي بزيادة مرتبي إلى 5000 جنيه، بعد أن سألت وعرفت أن مرتب رئيس التحرير 7500 جنيه. 

والخلاصة...... أصر الأستاذ مكرم أن أبلغ الوزير اعتذاري عن عدم قبول المنصب، ولكنني لم أفعل.. وحين اتصل بي الصديق الوفي عبد الحليم منصور، أخبرته بما دار بيني وبين رئيس التحرير، وطلبت منه أن يبقى هذا سرا فيما بيننا.. لكنه فاجأني: أنا عارف كل اللي جرى بينك وبين الأستاذ مكرم في مكتبه.                           

وبعدها لم يفتح الوزير الشاذلي معي هذا الموضوع مرة أخرى.. لقد طير الأستاذ مكرم ـ رحمه الله ـ هذه الفرصة الذهبية من يدي.. وضاعت "الجماهير".. وقتها لم أكن أملك سوى كلمة واحدة قلتها وأجري على الله: حسبي الله ونعم الوكيل.. بس خلاص!