ما زال علم ليبيا في عهد الزعيم المخلوع الراحل معمر القذافي يرفرف في بعض مناطق مدينة بني وليد، وتعج الشوارع بالإهمال لكن سكانها لديهم أمل جديد في مستقبل مدينتهم وبلادهم.
وخلال زيارة قام بها مؤخرا رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة الذي يقود حكومة وحدة وطنية جديدة، لوح الناس بأغصان الزيتون لدى مرور موكبه عبر المدينة، التي ظلت معزولة لفترة طويلة بسبب
الخلافات السياسية. ورفع أطفال أيديهم بعلامة النصر.
وجرى تعيين الدبيبة في مارس آذار، وأدى اليمين أمام برلمان ليبيا المنقسم بعد أن تم اختياره عبر عملية حوار برعاية الأمم المتحدة، وهي خطوة اعتبرت على نطاق واسع توفر أفضل فرصة للسلام في
سنوات، رغم ما قد تتسم به من هشاشة.
وحلت حكومته المؤقتة محل إدارتين متناحرتين في الشرق والغرب، وأتت بمجموعات تمثل مصالح فصائل أو أقاليم إلى مواقع السلطة أو الرعاية.
لكنها ما زالت تواجه تحديات ضخمة، تشمل وجود العديد من الجماعات المسلحة على الأرض، وانعدام الثقة بين المجتمعات، والنزاعات على توزيع الثروة النفطية.
وتلك المشكلات جلية في بني وليد، إذ ترك عقد من القتال والعزلة والانقسام أثره الغائر، الذي تجسد في شوارع مليئة بالحفر وبنايات محترقة مليئة بآثار الرصاص.
ويقول عبدالفتاح جبارة وهو معلم وصانع قهوة في وسط المدينة "المدينة مهمشة ومعزولة وتحتاج للكثير من الدعم".
وسلط وجود عربات مصفحة من قوات اللواء 444 الذي مقره طرابلس لحماية الدبيبة وموكبه ووزراء الحكومة لدى مرورهم في بني وليد الأسبوع الماضي الضوء على المخاوف من العنف.
وتولى المقاتلون الذين كانوا يرتدون الزي الرسمي والأقنعة مسؤولية تأمين كل نقاط التفتيش من ضواحي طرابلس وحتى مشارف بني وليد.
وعندما انتفض الليبيون ضد القذافي في 2011 ودعم حلف شمال الأطلسي انتفاضتهم، كانت بني وليد معقلا للزعيم المخلوع. وبعد عام تقاتلت مع قوات أغضبتها الحماية التي منحها سكان المدينة لمقاتل متهم بارتكاب انتهاكات.
وبدأت تلك المعارك عقدا من العزلة لبني وليد، إذ انقطعت صلتها بالفصائل الرئيسية التي حكمت معظم ليبيا من العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي في الشرق.
ولا تزال بعض البنايات تحمل أثر القصف من ثقوب ونوافذ مهشمة وجدران عليها علامات الاحتراق. وعند مدخل المدينة لا يزال علم البلاد الأخضر قبل الثورة يرفرف، وملصقا يحمل صورة القذافي معلقا.والطرق غير ممهدة أو كانت مليئة بالحفر. ونمت الحشائش في مداخل
بنايات مهجورة، كما انتشرت برك من مياه الصرف الراكدة تغطيها الطحالب قرب مجمعات سكنية.
الدبيبة هو أول مسؤول حكومي كبير يقطع المسافة بين طرابلس وبني وليد والتي تبلغ 180 كيلومترا منذ ما يقرب من عقد من الزمن. وغطت حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها على المشكلات الداخلية
بالسخاء، حيث استخدمت عائدات البلاد النفطية لمنح عقود وإصلاح البنية التحتية وبدء مشروعات.
وفي مصنع للسجاد عُرف قبل 2011 بمنتجاته عالية الجودة من الصوف الطبيعي، انتشرت بيوت العنكبوت والأتربة على آلات غزل متوقفة. ولا يعمل منها الآن إلا القليل.
وتقول فاطمة مسعود (50 عاما) التي تعمل في المصنع منذ 20 عاما "المصنع يحتاج إلى الدعم... لا شيء في المدينة يمكن أن يقدم مرتبات جيدة".
ووعد الدبيبة بزيادة مرتبات العمال في المصنع بنسبة 70 في المئة، وبتخصيص أموال للتطوير. وقال "بني وليد لن تكون ساحة للحرب مرة أخرى. وسنخلق فرص عمل للشباب".
لكن محللين سياسيين يقولون إن التركيز على الإنفاق يخاطر
بإضعاف حكومة الوحدة الوطنية، مع معارضة البرلمان في شرق البلاد لميزانيتها.
كما أضافوا أن فرصة المحسوبية والثروة قد تثني الدبيبة عن الوفاء بتعهده بإجراء انتخابات لتشكيل حكومة دائمة لتحل محل حكومته.
لكن أهالي بني وليد رحبوا بزيارة الدبيبة. ويقول أحد السكان ويدعى علي عبدالقادر، في حفل تخرج حضره رئيس
الحكومة "الحياة هنا شبه معدومة في المدينة. نحتاج إلى دعم عاجل"