«سر المعمودية» أحدثها «كنائس مصر».. المجلس الغائب فى أزمات الأقباط
تقرير: سارة حامد
وثيقة «سر المعمودية» لم تكن آخر أزمات الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، فقد سبق وأن اشتعلت أزمة «دعوات التبشير» بين الطوائف من جديد بعد أن قام خدام كاثوليك بجذب عدد من الأطفال الأرثوذكس لحضور مدارس الأحد، ومن جانبها تواصلت الكنيسة الأرثوذكسية مع نظيرتها الكاثوليكية بعد احتدام الخلاف واشتعال الاتهامات بتقديم هدايا وقبول إغراءات مادية وعينية كوسيلة للتبشير بين رعايا الكنيستين خوفا من تصاعد الفتنة.
الأزمات تلك، وغيرها، والتى يمكن القول بأنها تحولت لـ«قنابل موقوتة»، كشفت كذلك أن مجلس الكنائس الذى يضم الخمس كنائس الكبرى فى مصر، لم يقم بدوره المنوط به لحلها، وهو أمر أكدته أيضا قيادات كنسية، فمن جانبه قال القمص سرجيوس سرجيوس، وكيل بطريركية الأقباط الأرثوذكس: مجلس كنائس مصر هو فى الأساس اقتراح من البابا شنودة قبل رحيله، لتجميع كنائس مصر فى كيان واحد، والمجلس قائم بصورة شكلية وودية ليس له قرار على أى أحد من الكنائس المشتركة فيه، وحين فكر البابا شنودة الثالث فى إنشائه كان تقليدا لصورة مجلس الكنائس العالمى أو مجلس كنائس الشرق الأوسط.
فى حين قال القس رفعت فكري، رئيس لجنة الحوار والعلاقات المسكونية بمجمع القاهرة: سبب عدم قيام مجلس كنائس مصر بدوره المنوط به يتمثل فى التعصب الدينى وعدم قبول الآخر، لذلك الأمر يتطلب مجهودا كبيرا ليصل إلى أغراضه القائم من أجلها، كما أن المجلس ليس له دور واضح على كل الأصعدة لأن كل كنيسة لها عقائدها المستقلة والمؤمنة بها، والمجلس يتفاعل فيما هو مشترك بين الكنائس وبعضها من خلال عقد اجتماعات وندوات بين كل الطوائف ويمثلهم قساوسة وآباء كهنة خلال اجتماعات مستمرة بين لجانه.
«فكرى» واصل حديثه قائلا: مفهوم الوحدة بين الكنائس لا يعنى أن تتوحد جميعها فى كنيسة واحدة، لأن ذلك أمر مستحيل، فكل منهم له عقيدته وفكرة وإيمانه، لكن الوحدة المقصودة تتمثل فى التعامل والتعاون فيما بينهم مستغلين الكيان المشترك بينهم وهو مجلس كنائس مصر.
و يؤكد القس لوقا راضي، كاهن الكنيسة الأرثوذكسية، على الأمر بقوله: البابا شنودة الراحل حين فكر فى تشكيل مجلس كنائس مصر لم يكن ذلك تصوره عن الكيان، لأن سر أزمات أى كيان ينشأ حديثا فى مصر هو أننا ننشئ الكيان ثم نضع آليات العمل والاختصاصات وهو حال مجلس كنائس مصر الذى لم يقم بدوره المنوط به.
وأوضح «راضي» أن «المجلس يكاد يكون روحيًا أو اجتماعيًا أكثر من تصنيفه إلزاميًا حسب لائحته التنظيمية، لذلك هو ليس له تأثير واضح على قرارات الكنائس فى مصر، ناصحا بوضع آليات لعمل المجلس وخطط واضحة للعمل من خلالها فى الفترات المقبلة لتنشيط إنتاج المجلس وإظهار دوره كما كان يريد البابا الراحل.
على الجانب الآخر قال القس رفعت فتحي، أمين عام مجلس كنائس مصر: كل كنيسة لها الحرية التامة فى قراراتها التى تتخذها، لأن ذلك شأنها الداخلى ولا سلطان لمجلس كنائس مصر على أحد وليس بديلا عن الأسرة الكنسية الواحدة ولن تدمج الكنائس جميعها فى كنيسة واحدة فهو أمر من المستحيلات، كما أن المجلس يكون بناء على حرية العقيدة والإيمان التى لا دخل لأحد فيها ولا يتناولها خلال جلساته لأنها ليست ضمن اختصاصاته.
وأضاف: أية أزمات تحدث على الكنائس منفردة حلها ما لم تطلب مساعدة المجلس، وفيما يتعلق بمشكلة توقيع اتفاقية المعمودية البعض ردد أن المجلس كان غائبا، رغم أن الأزمة لم تكن بين الخمس كنائس التى يشملها مجلس كنائس مصر ، بل كان أحد أطرافها الفاتيكان وهو غير خاضع لمجلس كنائس مصر، ورغم هذا هناك حوار سيبدأ قريبا بين الكنيسة الإنجيلية والأرثوذكسية حول المعمودية المشتركة وهو أحد الأدوار الفاعلة للحوار بين كنائس المجلس.
وأكمل: هدف المجلس هو التكامل بين الكنائس الخمسة رغم الاختلاف العقائدى بينها الذى لا يتم التطرق إليه وفقا للائحة المجلس التى تشدد على عدم مناقشة الخلافات العقائدية داخل جلساته ومن حق أى كنيسة الانسحاب فى حال تراءى لها ذلك، ومن ثم المجلس ليس لديه صلاحيات لفرض عقوبات على الكنائس المكونة له، لكنه أشبه بمجلس كنائس الشرق الأوسط والمجالس المسكونية التى تعد تشاورية وليست إشرافية فى تجميع الكنائس فى دائرة حوار واحدة وتطور أفكارها لتخدم المجتمع المصري، لذلك فليس معنى مجلس كنائس مصر أن يذوب الجزء فى الكل فيصبح الجميع واحدًا.
وذكر «فتحي» أن المجلس يتكون من ١٣ لجنة لدراسات اللاهوتية والحوار وهم لجنة الدياكونية أى الخدمة الاجتماعية، لجنة الطفولة، لجنة الشباب، لجنة المرأة، لجنة التربية الكنسية، لجنة الطوارئ،لجنة خدام الرعايا أى الكهنة والقسوس، اللجنة المالية، اللجنة القانونية، لجنة الرؤى والتخطيط والمتابعة، لجنة العلاقات، لجنة الإعلام والنشر، مشيرا إلى أن كل لجنة تتكون من ١٥ عضوا بالتساوى بين الكنائس الخمس، ويتكون مكتب كل لجنة من خمسة أعضاء من الكنائس الخمس وهم الرئيس ونائب الرئيس والسكرتير وأمين الصندوق وعضو.