رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مرشحون بالجملة فى مواجهة السيسى!

11-5-2017 | 12:37


أحيانًا.. تضطر إلى أن تفتح عينيك فى العاصفة، غير مبالٍ بما سيدخل فيهما من التراب وربما ذرات من أحجار سبق أن تفتنت!

أحيانًا.. تضطر إلى أن تفتح عينيك فى العاصفة، لأن إغماض العينين قد يتحول فى لحظة ما.. إلى شروع فى انتحار!

فإذا فتحت عينيك، ودققت النظر، وتحملت الأتربة وبقايا الأشياء، فإنك سوف ترى الحقيقة كما هى، سترى الحقيقة وحدها!

هذا الاضطرار نفسه، سنكون جميعًا فى حاجة إليه فى الأيام القادمة، مع تغير مفاجئ فى المناخ العام، أتت به رياح مبكرة للانتخابات الرئاسية !

سوف نكون مضطرين إلى فتح العيون على آخرها.. لكن نرى الصواب من الخطأ، وقد تشابها علينا.. أو لنقل إنهما تشابها على كثير منا، فلا يزال بعضنا دقيق النظر حاد البصيرة !

الانتخابات الرئاسية القادمة بعد عام كامل، فى ٢٠١٨.. جرى تسخين أجوائها فجأة خلال الأسبوعين الماضيين.. بتسريبات إعلامية، وسفريات غامضة إلى لندن، ومؤتمرات صحفية مفاجئة واندماجات حزبية جديدة.. وجرى اتخاذ كل هذه الأمور كمنصات لإطلاق التكهنات غير المباشرة حينًا والترشح بشكل مباشر للرئاسة حينًا آخر.. وانهمرت الأخبار والتقارير الصحفية من كل حدب وصوب ورقى وإلكترونى على أدمغة القراء، وبدا كل هذا مثل شريط من اللقطات الأولية فى دراما ستطول ولن نشاهد لقطاتها الأخيرة سوى بعد عام من الآن !

وقبل استعراض هذه اللقطات الأولى وما وراءها من دلالات، نقول أن كل ما أثير خلال الأيام الماضية حول الترشح من عدمه للاستحقاق الرئاسى المقبل.. دليل قاطع على وجود حرية حقيقية فى مصر، وتعددية حقيقية لاشك فيها، وتداول عملى - لا بالكلام وحده - للسلطة فى بلادنا.. فمن أثيرت حولهم أنباء الترشح.. أو من أعلنوا أنهم سيترشحون، أو من نظن نحن أنهم سيكونون من المرشحين، لم يتعرض لهم أحد، ولم يعترض عليهم أحد، ولم يمنعهم أحد.. بل على العكس من هذا.. جرى تشجيع كل من يرى فى نفسه حق الترشح والمواصفلات الدستورية لذلك على أن يترشح، بدءًا من التشجيع الصريح المباشر لهم من الرئيس السيسى فى ملتقى الشباب بالإسماعيلية مؤخرًا، وصولًا إلى (تناغم إعلامى) واضح مع هذا التشجيع الرئاسى، صحيح أن المعركة الانتخابية سرعان ما سجلت لقطاتها الأولى، وبأسرع مما كنا نتصور، وربما بأسرع من الإيقاع الطبيعى المتوقع والمقبول، لكنها انطلقت بالفعل.. لتمحو كل ما كان يقال عن أن مصر ليس بها حريات سياسية، وطالما قلنا على صفحات «المصور» الغراء أن عدم وجود حريات سياسية هراء، وأن القائلين بأن الأوضاع الراهنة استبدادية لا يرون الحقيقة ولايعبرون عنها، وقلنا أيضا إن الرئيس السيسى من أهم المدافعين عن الحريات السياسية - وغير السياسية - فى بلادنا، لكن أحدًا لم يقرأ ولم يستمع، وهاهم الجميع يقرأون ويستمعون ويصدقون، بعد أن أطلق الرئيس - بنفسه - فكرة الاستعداد للاستحقاق الرئاسى المقبل، مذكرا الجميع بأننا أمام دولة ديمقراطية لها دستور عظيم وودعت الحكم الفردى مرتين لا مرة واحدة، الأولى بسقوط مبارك ١١ فبراير ٢٠١١ والثانية بسقوط مرسى ٣ يوليو ٢٠١٣، وأنه لا عودة إلى الوراء أبدًا، مصر سائرة على درب الديمقراطية، وعلى المصريين أن يختاروا من يرونه صالحًا للحكم وفق الظروف الواقعية الداخلية والخارجية لمصر، هذه حقيقة نؤكدها.. ونشدد عليها، فحين آن الأوان واقترب الاستحقاق الرئاسى - قليلا - لاحت فورًا بوادر المعركة الانتخابية الرئاسية فى ٢٠١٨ المقبل، ومن عاشوا ووعوا أيام مبارك فقط هم من يقدرون هذا الأمر، فكل ٦ سنوات لم يكن على المخلوع مبارك، سوى أن ينتظر توسلات الرأى العام لكى يترشح فى الاستفتاء الرئاسى الذى لم يكن له فيه من منافسين.. وفى الاستحقاق الهزلى «٢٠٠٥» جرى الزج بمرشحين شكليين أمام مبارك، فضلا عن أنه جرى تزوير الانتخابات كالعادة.. تغيرت مصر - كثيرًا - بعد ثورتين، ودعت الاستحقاقات الهزلية وتزوير الانتخابات إلى الأبد، وها هو رئيس الدولة الذى مضى على انتخابه ٣ سنوات يذكرنا بأنه لم يبق سوى سنة واحدة على الاستحقاق القادم، لتنطلق ماكينة الترشيحات بأقصى قدرة لها على الدوران..! ولتعطى للتجربة الديمقراطية المصرية أبعادا إقليمية وعالمية تستحقها هذه المنافسة التى استهلها الرئيس السيسى..!

صباحى

حمدين صباحى.. السياسى المعروف كان فى صدارة الترشيحات، على خلفية المؤتمر الذى عقده أواخر الأسبوع الماضى لدمج حزبه - الكرامة - مع حزب التيار الشعبى فى كيان حزبى واحد «حزب تيار الكرامة»، لكن حمدين استغل هذه المناسبة الحزبية، ليطلق تصريحات عجيبة ضد السيسى، لا يمكن لمن قرأها أو استمع إليها إلا أن يفهم أن حمدين صباحى «يناور» سياسيًا للترشح للرئاسة، وهذا حقه طبعًا، دستوريًا وقانونيًا وسياسيًا وشخصيًا، فهمنا هذا من قوله أنه «مؤيد لا مرشح فى ٢٠١٨ للمرشح الذى تتوافق عليه القوى الوطنية والديمقراطية»، وصباحى الذى يعمل بالسياسة منذ أكثر من ٤٠ عامًا، يدرك أنه لن يكون هناك مرشح تتوافق عليه القوى السياسية لا فى مصر ولا خارجها، وأن هذا لم يحدث من قبل ولن يحدث مستقبلًا، إلى هنا صباحى «يناور» ويريد أن يقول إنه هو هذا المرشح الذى يحظى بقبول القوى السياسية الوطنية والديمقراطية، وهذا مقبول فى سياق فكرة المناورة السياسية المعروفة..!

حظوظ صباحى فى الاستحقاق القادم قد تكون أقل من الـ ٣.٥٪ التى حصل عليها فى المرة السابقة، وقد تكون أكبر قليلًا.. لكن صباحى فى الحالتين، ولديه مرارة - شخصية - من أن قطاعًا عريضًا من الناصريين الذين ينتمى إليهم يؤيدون السيسى ولا يؤيدونه هو.. وأن قطاعًا عريضًا من اليسار المصرى لايزال يراهن على السيسى إلى الآن، ولا يراهن عليه هو.

أبو الفتوح

أبو الفتوح - عبدالمنعم - الذى سافر إلى لندن الأسبوع الماضى ليلتقى قيادات التنظيم الدولى لـ»المحظورة»، ثم ليجتهد هو وحزبه «مصر القوية» بكل ما أوتيا من قوة لنفى هذا الخبر - خبر لقائه بقيادات المحظورة - يبدو حاضرًا فى الصورة.. هناك فى الغرب من يصدق أن أبو الفتوح ليس من الإخوان، وهناك من يصدق - فى مصر! - أنه لا يمثل التيار الإسلامى السياسي، لكن علينا أن نمحو التاريخ، ونمحو ذاكرتنا الخاصة لنصدق ذلك.. علينا أن ننفى أن أبو الفتوح كان أحد أكبر قيادات هذا التنظيم الإرهابى إلى ست سنوات مضت، وأن نصدق أنه لم يظل عضوًا فيه لنحو ٤٠ عامًا، وأنه لم يؤسس للإرهاب فى أفغانستان فى أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات، وأنه لم يحول تمويلات «اتحاد الأطباء العرب» إلى (سبوبة) للإخوان لسنوات طويلة، خرج عبدالمنعم أبو الفتوح من كل هذا - إعلاميًا فقط - ويريد إقناع الناس بأنه لا يمثل الإخوان ولا الإسلام السياسي، ويعود ليقدم نفسه مرشحًا رئاسيًا، لا بأس.. نقول إن هذا حقه الدستوري، وأبو الفتوح رجل ماهر فى تخطى المراحل ومحو ذاكرة الآخرين، لاسيما الأجيال الصاعدة التى لم تعاصره..!

حظوظ أبو الفتوح أكبر من حظوظ صديق عمره القديم حمدين صباحي.. أبو الفتوح قد يحظى ببعض أصوات السلفيين، وبعض أصوات الإخوان (الكامنين) الذين لا يفصحون عن انتمائهم السياسي، لكن بقى أن نقول إن عموم الناخبين فى مصر قد أصبح لديهم من الوعى ما يكفى لعدم توصيل هذا التيار العفن إلى السلطة مرة أخرى، وليعقد أبو الفتوح ما يشاء من الصفقات السرية، فهو - يقنيًا - لن يصل إلى كرسى الرئاسة! لقد طوت مصر هذه الصفحة إلى الأبد فى يوليو ٢٠١٣..!

عنان

هذا هو الاسم الآخر الذى تتكلم ألسنة عن أنه سيكون «المرشح السري» للمحظورة فى انتخابات الرئاسة ٢٠١٨.. الرجل نفسه لا يتكلم، يترك الساحة لمن يتكلمون عنه تارة، ومن يتكلمون بلسانه تارة، ومن يتجاهلون وجوده تارة!

الفريق سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، يحق له بالطبع أن يترشح، وله منا كقائد عسكرى كل الاحترام والتقدير، مثل كل ضباط وأفراد وجنود قواتنا المسلحة البواسل، لكنه - كسياسى - عرضة للنقد بالطبع!

الأفكار السياسية لعنان غير معروفة.. يقال إنه كان محببًا إلى الإدارة الأمريكية السابقة، ويقال إنه مقرب من دوائر الحكم فى بعض الدول الخليجية الشقيقة، ويقال إنه مقرب من بعض رجال الأعمال الكبار، ويقال إنه مقرب من (المحظورة) ويملك تفاهمات سياسية معها، لاحظ أننا ذكرنا كلمة (يقال) أربع مرات.. فالرجل صامت، ويبدو غامضًا حقًا فى توجهاته كسياسي، فإذا نوى أن يترشح.. فعليه فقط أن يكشف للناخبين توجهاته وعلاقاته «وتربيطاته» السياسية، وإلا فإنه سيظل رقمًا غامضًا فى المعادلة الانتخابية القادمة!.

شفيق

اجتهد الفريق «أحمد شفيق» رئيس وزراء مصر الأسبق فى نفى أنباء ترشحه، ربما أكثر من اجتهاد جميع من تناولت الترشيحات أسماءهم «قابع فى الإمارات منذ أيام المعزول مرسى المشئومة، شفيق رجل يحسن التفكير، ليس من السهل معرفة ما فى رأسه من الأفكار، وهو - وإن لم يعلن ترشحه - تلوك الألسنة فى مصر سيرة ترشحه هذا ليل نهار، ومنذ فترة، ربما كان الاسم الأول فى المرشحين أمام الرئيس السيسى فى استحقاق ٢٠١٨، ونعرف عن شفيق أكثر مما نعرفه عن عنان.. فشفيق وثيق الصلة بدوائر الحكم فى الخليج (الإمارات تحديدًا)، وثيق الصلة بدوائر المال والأعمال فى مصر، جرب الحكم طويلًا، إذ قضى فى منصبه وزيرًا للطيران المدنى سنوات، وانتهى به المطاف كآخر رئيس للحكومة فى زمن المخلوع مبارك.. قبل كل هذا كان الفريق شفيق قائدًا للقوات الجوية المصرية لسنوات.

شفيق- الذى نقول عنه كما قلنا عن السابقين إنه يحق له الترشح بالطبع- لم يعلن حتى الآن هذا الترشح بل على العكس.. أعلن- مثل حمدين صباحى!- أنه لن يترشح ما دام السيسى مرشحًا.. فإذا كان الأمر هكذا، فإن إصرار شفيق على البقاء خارج البلاد برغم عدم وجود أيه إشكاليات قانونية تعوق عودته هذه، يبدو إصرارًا عجيبًا.. كأن ثمة شيئًا ما فى الأفق ولا يزال مخبوءًا.. وعلى أية حال، فإن شفيق إذا ترشح فإنه سوف يحظى بدعم بقايا نظام مبارك، سواء السياسيين أو رجال الأعمال، وسوف يشكل (رقمًا مهمًا) فى الاستحقاق الرئاسى.. هذا (إن) ترشح!

خالد وحجازى

المحامى «خالد على» و«د.مصطفى حجازى» كلاهما اسمه مطروح أيضًا فى الاستحقاق الرئاسى!

خالد على «يستثمر ما حققة فى قضية (تيران وصنافير مصرية) والتى أحرز فيها حتى الآن نجاحًا قانونيًا، ود. مصطفى حجازى يستثمر ما حققه من لمعان سياسى خلال شهور قضاها كمستشار إلى جانب الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، لكن- وكلاهما يحق له الترشح بالطبع- هل يكفى قضية تيران وصنافير أو تكفى شهور اللمعان الإعلامى، كمؤهلات جادة لانتخاب أى من الاسمين اللذين لم يعلنا- حتى الآن- عن ترشحهما للرئاسة؟ هذا ما ستقوله صناديق الاقتراع إذا ترشح الاسمان، ونحسب أن شريحة من اليسار قد تعطى أصواتها لخالد على، وأن شريحة من الليبراليين فى مصر قد تعطى أصواتها لمصطفى حجازى، لكنهما لا يشكلان- مثل شفيق أو عنان أو حتى أبو الفتوح- رقمًا حقيقيًا فى الانتخابات الرئاسية القادمة!

السيسى

يبقى اسم «عبدالفتاح السيسى» الذى آثرنا أن نختتم به السطور لأنه فى المربع رقم واحد بين المرشحين والأكثر شعبية فيهم يبقى اسمه إلى الآن أوفر حظًا من كل الأسماء التى ذكرناها، وحتى لو أعلنت جميع هذه الأسماء ترشحها للرئاسة.. نحسب أن السيسى سيحظى بفترة رئاسية ثانية بأصوات جموع الناخبين.. أولًا لكون المصريين يدركون أن للسيسى خطة تنموية شاملة وممتدة ستؤثر إيجابًا لأجيال قادمة على مستقبلهم ومستقبل أولادهم وأحفادهم ويجب أن يستكملها، وثانيًا لكون المصريين يدركون أن السيسى هو الأقدر على استكمال حرب مصر ضد الإرهاب، وثالثًا لكون المصريين لا ينسون للرجل مصداقيته ووضوحه ولا ينسون له موقفه التاريخى فى ٣ يوليو ٢٠١٣ حين خلّص مصر من حكم (المحظورة) وأوقف مخططًا استعماريًا متكاملًا فى الشرق الأوسط.. ورابعًا لكون المصريين لا ينسون أن السيسى هو الذى أحيا آمالهم فى مصر الجديدة العظيمة التى لا تركع إلا لله، مصر التى رفعت رأسها فى مواجهة أعتى القوى العالمية وخرجت من هذه (المعركة السياسية) منتصرة.

لاتزال قطاعات كبيرة فى المجتمع المصرى تراهن على السيسى.. وتسأل السؤال: أين كان هؤلاء الآخرون الذين ينافسونه الآن حين كانت مصر تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت حكم المحظورة؟.. دون شك، يبقى الملف الاقتصادى- الاجتماعى موضوعًا واحدًا للنقاش بين الناخبين والسيسى، تحديدًا (التهاب الأسعار) وجنون الدولار.. «الأزمة الاقتصادية» الراهنة التى يوصى السيسى جموع المصريين بالصبر عليها، لاتزال هذه الأزمة هى الشىء الوحيد الذى نرى أن على الرئيس السيسى أن يضع - من الآن- تصورًا شاملًا وواضحًا للخروج منها يعلنه للمصريين فى برنامجه الانتخابى، عموم الناس فى مصر لا يعنيهم حديث النخب السياسية- ومعظمه مكذوب- عن الحريات، ولكن يعنيهم الاستقرار الاقتصادى والقدرة على الحياة الكريمة.. يفرح المصريون كلما سقطت قلعة من قلاع الفساد بضربة من الرقابة الإدارية، لكنهم لا يفرحون كلما ارتفع سعر سلعة ضرورية أو اختفت هذه السلعة من الأسواق.. يفرح المصريون كلما حققت الدولة نصرًا جديدًا على الإرهاب فى سيناء أو فى وادى النيل، لكنهم لا يفرحون حين يرون ضعف العملة المصرية أو حين تعجز رواتبهم المحدودة عن ملاحقة مقتضيات المعيشة.. المصريون فى حاجة إلى من يحنو عليهم- كما قال السيسى قبل ذلك- وهذا هو جوهر البرنامج الانتخابى الذى نقترحه على الرئيس فى الفترة القادمة خلال استحقاق الرئاسة فى ٢٠١٨، ونحسب أن الرئيس يعلم ذلك، ونحسب أنه يستعد له..!

الجميع ممن استوفوا شروط الترشح لهم الحق فى الترشح، وللمصريين الحق فى أن يأتوا بالرئيس الذى يشاءون، فقط على الجميع أن يضعوا مصر نصب عيونهم..!