العطور ومستحضرات التجميل على قياس حاجات كل شخص.. بفضل الخوارزميات
دخل الذكاء الاصطناعي عالم مستحضرات التجميل، وأطلقت العلامات التجارية في هذا المجال منتجات يمكن أن تكون مفصّلة على قياس تفضيلات كل شخص، سعياً إلى جذب الزبائن الذين يريدون أن يكونوا متميزين.
ففي الواقع، بات في إمكان كل شخص أن يحدد رائحة العطر الأنسب له، بفضل ما توفره دار "سيّاج" الصغيرة للعطور التي يعود تأسيسها إلى العام 2017. ففي صالة عرضها الأنيقة في الدائرة الحادية عشرة من باريس، تتيح الدار التي أسسها ماكسيم غارسيا جانان إيجاد عطر مركّب تبعاً لميول كل شخص تقريباً.
يتوافر في صالة العرض 67 نوعاً من المكوّنات التي تستخدم في تركيب العطور، يشمّها الزبائن، كالمر والبندق والبرغموت وزهرة الملح. وتستخدم "سيّاج" خوارزمية تسجل الروائح المفضلة للعملاء، ثم تحدد تدريجاً العطر المثالي للشخص من مجموعة واسعة من التركيبات التي ابتكرها العطارون.
وقال جانان إنها صناعة هذه العطور الراقية تركّز على الإنسان وتفضيلاته أو يعرف بـ"صناعة 3.0". ويعتمد جانان على نموذج عطر أصلي لا يوزّع في المتاجر ولا يخزّن، والأهم لا تنفق عليه أي تكاليف تسويق، وهو ما يشكّل عنصراً مهماً في السعر النهائي للعطر.
وتستخدم "سيّاج" كل التقنيات التي أصبحت في القرن الحادي والعشرين عدّة الشغل في مجال الجمال، من الذكاء الاصطناعي إلى الطلب عبر الإنترنت، مروراً بشبكة "إنستغرام" التي يتم من خلالها التوجه إلى الجمهور... ويُشحَن العطر إلى الزبون مع عينة لكي يجرّبه، وإذا لزم الأمر يمكنه أن يعيد يردّه إلى الدار.
وقال رائد الأعمال الشاب "نحن نواكب بذلك توجّه الناس المتزايد إلى الطلب عبر الإنترنت، إضافة إلى أن فكرتنا تتمثل في جعل العطور الباريسية الفاخرة في متناول الجميع، أينما كانوا".
ومع أن جانان فضّل عدم الإفصاح عن النتائج المالية لشركته، أشار إلى أن عدد موظفيها ارتفع من ثلاثة عام 2019 إلى ثمانية اليوم. وبدأ يحلم بأن يبدأ العمل في الولايات المتحدة.
وروى قائلاً "لم أجد نفسي في العطور التقليدية إذ انها متشابهة جداً. وفي المقابل، ثمة صناعة عطور راقية جداً متخصصة وحصرية، فخطرت في بالي فكرة إيجاد طريق ثالثة تتمثل في توفير عطور لا يمكن شمّ مثلها على الجميع، لكنها متاحة بفضل التقنيات الرقمية والتجارة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية".
واعتمدت العلامات التجارية الصغيرة والكبيرة على السواء تقنيات جديدة. وفي مقدّمها "لوريال"، شركة مستحضرات التجميل العالمية العملاقة التي يعوّل رئيسها التنفيذي نيكولا هيرونيموس، كسلفه جان بول أغون، على "تكنولوجيا التجميل".
وأحدث الابتكارات في هذا المجال جهاز يعمل بتقنية "بلوتوث" يتيح، بفضل خرطوشة يحويها، إنتاج أحمر الشفاه في المنزل، اعتماداً على مزاج الشخص أو لون بشرته. وأطلق هذا الجهاز الذي سميّ "بيرسو" في الولايات المتحدة لصالح "إيف سان لوران" ويمكن أن يمتد ليشمل أنواعاً أخرى من المكياج والعناية.
في متاجر سيفورا (مجموعة "إل في إم إتش")، يمكن أيضاً تشخيص البشرة باستخدام جهاز، ثم يتولى موظفو البيع اقتراح الرعاية المناسبة.
ولا يحتاج الشخص في كثير من الأحيان حتى إلى التحرك، إذ ما عليه سوى تشغيل وضع الصور الذاتية (السيلفي) على هاتفه. وعلى الموقع الإلكتروني الياباني "شيسيدو"، خوارزمية تقترح شراء المنتجات المناسبة لمعالجة مشكلات الشخص بعد تحديد مستوى احمرار جلده وجفافه. والأمر نفسه ينطبق على "نيفيا سكين غايد" (دليل نيفيا للبشرة) الذي يعطي الشخص "عمر" بشرته.
في الوقت الراهن، لا يزال إعداد المستحضرات بحسب حاجة كل شخص محصوراً بجزء صغير من مستحضرات التجميل، لكن من المتوقع أن ينمو هذا الاتجاه، وفقًا لخبراء الصناعة. وتتمثل الفكرة في جذب الزبائن في أسواق ناضجة، مثل أوروبا الغربية، حيث تشهد مبيعات مستحضرات التجميل ركوداً، أو جذب زبائن آسيويين جدد.
ورأت مديرة قسم "بيوتي براند" في "إيسيك" فيرونيك ديريك أن هذا الاتجاه سيستمر. ولاحظت أن "كل الكيانات الاجتماعية أظهرت اليوم إلى حد ما أنها محدودة. ونتيجة لذلك، بات الناس يركزون على ذواتهم". واعتبرت أن الاتكال على وجه شهير ليكون رمزاً لماركة كبرى لم يعد كافياً.
وشددت على أن "التغيير الحقيقي هو أن يؤثر اتجاه التخصيص هذا على كل فئات المجتمع"، أو عندما تجعل التقنيات الجديدة الرفاهية أكثر سهولة...