رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


معارك عبد المعطي حجازي.. من العقاد إلى شعراء القصيدة النثرية

8-6-2021 | 19:05


عبد المعطي حجازي

بيمن خليل

خاض الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي معارك كثيرة منذ بداية مشواره الأدبي ولا ننسى بالطبع أولى معاركه وأشدها، حين اصطدم بقامة أدبية كبيرة مثل عباس العقاد في ذلك الوقت حيث لم يتجاوز عمره حينها الـ 20 عامًا، فدافع عن الشعر الحديث؛ إيمانًا منه بقيمة هذا النوع من الشعر، والذي كان يقدمه الشاعران الشباب صلاح عبدالصبور وحجازي.

احتد العقاد بتصريحاته المتصلبة تجاه هذا النوع من الشعر ووصفه "بالعبث النثريّ"، ووصل الأمر من العقاد أنه رفض مشاركة هؤلاء الشعراء في مهرجان الشعر بدمشق وأحال قصيدة حجازي وعبد الصبور إلى لجنة النثر بالمجلس الأعلى للثقافة وهدد أيضًا بالانسحاب من المجلس الأعلى للفنون والآداب، وتدخل يوسف السباعي وقتها، وطالب منهما عدم المشاركة حتى لا ينسحب العقاد، وكانت المعركة في أشد حميتها بين العقاد وحجازي، وأثارت تصريحات العقاد استفزاز الشاعر عبد المعطي حجازي لأنه شعر بمبالغة كبيرة في رد فعل العقاد تجاه شعره.

ونتج عن هذا الاختلاف ما بين البناء الشعري الحديث الذي ينتهجه حجازي وعبد الصبور والشعر التقليدي الذي كان مؤمنًا به العقاد إيمانًا وثيقًا، خصومة شديدة بين العقاد وأحمد حجازي وعبد الصبور، ووصف "حجازي" فيما بعد في حواراته أن الحوار الذي دار بجانب زملاء جيله مع العقاد كان حادًّا وقاسيًّا ووصل الأمر إلى خلافات كبيرة وصراعات أدبية فيما بينهم وبينه.

وكتب حجازي قصيدة هجاء للعقاد فور عودته حيث كان غاضبًا مما حدث وكانت القصيدة مضبوطة وزن وقافية على بحر الوافر ولكنها كانت صريحة إلى حد كبير وشديدة الحدة، ليقول ويثبت للعقاد بأنه قادر على كتابة القالب الشعري التقليدي الذي يريده وليس عن عجز كما أشار العقاد، وكتب حجازي:

من أى بحر عصى الريح تطلبه ... إن كنت تبكى عليه فنحن نكتبه

يا من يحدث فى كل الأمور ... ولا يكاد يحسن أمرا أو يقربه

أقول فيك هجائي وهو أوله / وأنت آخر مهجو وأنسبه/ تعيش فى عصرنا ضيفا وتشتمنا/ إنا بإيقاعنا نشدو ونطربه

 

وكانت القصيدة تشير للعقاد بأنه لا يمكنه منعهم من كتابة نوع الشعر الذي يفضلونه ويحبونه فيما يفيد بأن "هذا الزمن زماننا" وأن على العقاد أن يحترم هذا، وإذ بعدها بالعقاد في أحد حواراته يرد عليهم: "إنهم هم الذين يعيشون في عصر العقاد وضيافته".

لم تنته معارك عبد المعطي حجازي برحيل العقاد عن الحياة بل أخذت المعارك مسارات أخرى وكأن التاريخ يعيد نفسه، كأن الماضي الذي شهد الخلاف الشديد بين العقاد وحجازي يعيد نفسه من جديد ويشهد خلاف مشابه له، فنفس المنصب الذي كان يشغله العقاد شغله عبد المعطي حجازي مقررًا للجنة الشعر بعد سنوات طويلة، ولكن كانت معركة عبد المعطي حجازي هذه المرة مع شعراء القصيدة النثرية أشد وأسوأ على حد قول الكثيرين، عن سابقتها مع العقاد، وكان رد حجازي حينها: "أن الصراع بين الجديد والمحافظ سمة كل عصر، ولكن الفرق بيني وبين العقاد أنّه استخدم سلطة الدولة لمواجهة النص الذي كنّا نكتبه، ولكنني أظن بأنَّني لم أستخدم سلطة الدولة لفرض تصوراتي".

وأبدى الشاعر الكبير عبد المعطي حجازي أكثر من مرة رفضه للقصيدة النثرية، ورصد في كتابه "القصيدة الخرساء" أن القصيدة النثرية لا تنتمي للشعر لعدم انتهاجها قواعد الوزن، وعدم احتوائها على موسيقى وإيقاع، مما تسبب ذلك في إثارة أزمة بينه وبين شعراء القصيدة النثرية، ورفض شعراء قصيدة النثر دور حجازي في إبعاد قصيدتهم الجديدة عن الشعر.

وتعرض الشاعر عبد المعطي حجازي إلى هجوم وانتقادات شديدة من قبل الشعراء المصريون، منددين بأهمية تنحي حجازي عن رئاسة لجنة الشعر "بمؤتمر الشعر العربي" لأنه يرفض الاعتراف بقصيدة النثر واعتبارها شكلاً من أشكال التجريب الذي لا زال يبحث عن نفسه وعن نقاده وجمهوره.

 

يذكر أن أحمد عبد المعطي حجازي هو شاعر وكاتب وصحفي وناقد مصري، ولد بمحافظة المنوفية في يونيو من عام 1935م، ويعدّ أحد أهم رواد حركة التجديد في الشعر العربي والمعاصر في مصر والعالم العربي.