مبادرة «بر أمان».. هل تكون طوق نجاة للصيادين بعد المعاناة من الإهمال لسنوات؟
يغادرون منازلهم قبل شروق الشمس وهم حاملين أدواتهم متجهين إلى الشواطئ، لا يُبالون بثقل الأدوات، أو الرطوبة التي تكون في ذروتها إلى أن تطلع الشمس، أو قشعريرة أجسادهم بسبب البرودة في الشتاء، يبدأون في تجهيز قواربهم وأدوات الصيد حسب طريقة كل منهم في الصيد، وبعدها ينطلقون بقواربهم في البحر باحثين عن الرزق وقوت أولادهم.
أكثر من 80 ألف صياد في الإسكندرية يواجهون مشاكل كبيرة تؤثر في حياتهم وأسرهم منذ سنوات عديدة حتى أصبحوا فئة منسية، وهو الأمر الذي تسعى الدولة المصرية الآن لتغييره وإيجاد حلول لتلك المشكلات من خلال مبادرة "بر أمان" لدعم صغار الصيادين.
تهدف المبادرة التي أطلقتها نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، بالتعاون مع صندوق "تحيا مصر" والهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، إلى دعم صغار الصيادين على مستوى الجمهورية، وذلك من خلال الاهتمام بأساليب الصيد والرعاية الصحية المقدمة للصيادين وتوفير زريعة لزيادة معدلات الصيد، مع رصد 150 مليون جنيه لتوفير مشروعات التمكين الاقتصادي لصغار الصيادين، بما في ذلك 50 مليون جنيه وفرها صندوق تحيا مصر لدعم المبادرة.
تغطي مبادرة بر أمان 42 ألف صياد يعملون في البحيرات الداخلية ونهر النيل، وتشمل المرحلة الأولى منها بحيرة الريان بالفيوم وبحيرة مريوط بالإسكندرية وإدكو والمنزلة، فيما تضم المرحلة الثانية بحيرات البرلس والمرة والتمساح، وتغطي المرحلة الثالثة الصيادين بمناطق "دسوق والقناطر وبنها ومنوف وكفر الزيات والزقازيق والمنصورة والقاهرة والجيزة وأبشواي وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج والأقصر وأسوان"، بينما تشمل المرحلة الرابعة بحيرتي ناصر والبردويل ومناطق "العريش وبئر العبد ورمانة".
تتضمن المبادرة في مرحلتها الأولى توزيع مهمات صيد على 1200 صياد في بحيرة مريوط، وتصنيع 100 مركب على نفقة وزارة التضامن الاجتماعي لدعم صيادي بحيرة مريوط، وهو ما أشاد به محمد الفار، أمين عام نقابة الصيادين بالإسكندرية سابقًا، مبينًا أن الصيادين يواجهون مشكلات عديدة منذ سنوات، وهذه المشكلات لا تقتصر على صيادين الإسكندرية فقط، بل يعاني منها الصيادون في جميع أنحاء الجمهورية.
وثمّن "الفار" خطوة تطوير البحيرات وتطهيرها من الملوثات، فهي خطوة جيدة ومؤثرة.
واختتم حديثة قائلًا: "أغلب الصيادين لا يرغبون في توريث المهنة لأبنائهم مثلما ورثوها من آبائهم لما يواجهونه من مشكلات وظروف معيشية صعبة، وهو ما يعد ناقوس خطر لاندثار مهنة الصيد"، متمنيًا أن تكون مبادرة بر أمان بداية لحل جميع المشكلات التي يعاني منها الصيادين وإنقاذ مهنة الصيد.
فيما أشاد الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا، بمبادرة بر أمان، موضحًا أنها تهدف إلى تسجيل عمال الصيد في القطاع الرسمي وغير الرسمي، وإنشاء قاعدة بيانات تفصيلية عن جميع أصحاب المراكب الآلية والشراعية والقوارب الصغيرة والعاملين بها، بجانب تبني وتنفيذ خطة لتحديث البنية التكنولوجية لمكاتب الصيد وربطها بقواعد بيانات وزارة التضامن الاجتماعي وهيئة الثروة السمكية.
وأيضًا وضع آلية لمد صغار الصيادين بجميع سبل الحماية لدمجهم في كيانات كبيرة، وكذلك دمجهم في القطاع الرسمي بالتعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وتوفير أجهزة حاسب آلي وكابلات الشبكة والكهرباء لتجهيز 44 مكاتب مصايد.
وأشار "عرفة" إلى أن الدولة تعمل على مد مظلة الحماية الاجتماعية للصيادين وأسرهم، وتقديم مختلف سبل الدعم والحماية والتمكين لهم، لافتًا إلى أن عدد العاملين بمهنة الصيد وفقًا لقواعد بيانات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي يبلغ نحو 65600 عامل بنسبة تغطية تأمينية 81.4%، ويصل عدد الجمعيات التعاونية لصائدي الأسماك والمسجلة لدى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية إلى 101 جمعية تعاونية، منها 88 جمعية للمصايد الطبيعية، و13 جمعية في مجال الاستزراع السمكي.