فنان من طراز خاص، برع في أدوار الكوميديا، وقف أمام كبار النجوم وأثبت موهبته، ساعدته خفة ظله في أن يتنزع منك الضحكة بسهولة، له رصيد كبير من الأفلام، وعشق المسرح وكان يؤدي أدواره بكل ما أوتي من موهبة، هو الفنان الكوميدي محمد عوض.

ولد محمد عوض بحي العباسية في 12 يونيو 1932، في حي العباسية بالقاهرة، درس الفلسفة وحصل على ليسانس الآداب  من جامعة عين شمس في 1957، حبه للتمثيل دفعه أن يلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج منه في 1962، شارك في فرقة "نجوم الريحاني" وكانت أول أدواره مسرحية "جلفدان هانم"، وحصل على أول أجر له من الفرقة 8 جنيهات تم خصم 3 جنيهات، وكانت الفرقة تتنازل عن جزء من أجرها حتى يستطيعوا دفع أجر الفنان عبد الفتاح القصري دعما منهم له في مرضه بعد أن فقد بصره وكان أوائل من يتنازلون عن جزء من الأجر هي الفنانة ماري منيب.

انضم"عوض" إلي  برنامج "ساعة لقلبك" في 1953، وهو أشهر برامج الإذاعة المصرية، والذي استمر حتى فترة الستينات،  وضم عدد كبير من كتاب الكوميديا والفنانين منهم" فؤاد المهندس، أمين الهنيدي، خيرية أحمد، جمالات زايد، نبيلة السيد، أحمد الحداد" وفؤاد راتب الشهير بـ "الخواجة بيجو"، محمد أحمد المصري الشهير بـ"أبو لمعة".

في بداية الستينيات التحق محمد عوض بمسرح التليفزيون، ومنه قدم عدد من المسرحيات لعل أبرزها "مطرب العواطف، الطرطور، نمرة 2 يكسب"، ومع فؤاد المهندس كون"فرقة الكوميدي المصرية" وكانت الفرقة تعرض أعمالها على مسرح الزمالك،  كان المسرح يمثل له الحياة وعلى خشبته قدم نحو  50 عملا مسرحيا، منها"الأراجوز، طبيب رغن أنفه، مركب بلا صياد، حب ورشوة ودلع" ومن الأدب العالمي مسرحية "مقالب سكابان مولير"، وغيرها من المسرحيات.

فتحت له السينما ذراعيها وشارك في فيلم "شجرة العائلة" 1960، وقدم عدد كبير من الأفلام الكوميدية في فترة الستينات، بلغت ما يقرب من 30 فيلما، وفي فترة السبيعنات بدأ يسند له عدد من الأدوار الكبيرة وشارك كبار الفنانين في أفلامهم، ولعل أشهر أفلامه "البحث عن فضيحة" مع عادل إمام وميرفت أمين في دور "عزيز"، "السيرك، بابا عايز كده، مدرسة المشاغبين، اخواته البنات، وقدم للسينما نحو 80 فيلمًا.

للتليفزيون قدم عدد من المسلسلات أبرزها "بنت الحتة، أهلا يا جدو العزيز، البراري والحامول"، وكان من أنجح أعماله الدرامية مسلسل "برج الحظ" عندما جسد دور "شرارة"، وخاض تجربة الإنتاج في فيلم "احترسي من الرجال يا ماما" 1975، كان هو العمل الوحيد الذي خاض محمد عوض من خلاله تجربة الإنتاج.

تزوج محمد عوض من زميلته قوت القلوب عبد الوهاب، وأنجبا 3 أولاد  عملوا في الوسط الفني، المخرج عادل عوض، ومصمم الرقصات عاطف عوض والممثل علاء عوض، وحفيدته الفنانة جميلة عوض.

كان آخر أدواره للسينما فيلم "آي آي" 1992 للمخرج سعيد مرزوق، وبطولة ليلى علوي، وأشرف عبد الباقي، جسد محمد عوض في الفيلم دور رجل مسن يدعى" السيد الوزير"، وكانت أمنيته أن تقام له جنازة مهيبة عند وفاته، وعندما يشتد عليه المرض تدخله أبنته "زينب" مستشفى استثماري، وعند وفاته داخل المستشفى تجد نفسها مطالبة بمبلغ كبير تعجز عن سداده ويرفض مدير المستشفى تسليمها جثة والدها فتضطر أن تقوم بسرقتها بالإشتراك مع زوجها "أبو سريع" أشرف عبد الباقي، إلا أن جثة والدها  تتبدل بجثة أحد الوزراء، وللخروج من الأزق يضطر مدير المستشفى أن يضع جثة "السيد الوزير" في نعش الوزير وتحقق "زينب" أمنية والدها.

المفارقة أن محمد عوض تشابه دوره في الحقيقة، كما حدث في أخر أفلامه "آي آي"، إذ عانى من المرض وظل في المستشفى لمدة طويلة، حتى رحل عن عالمنا في 27 فبراير 1997 عن عمر ناهز 64 عاما، وكأنه في الفيلم جسد دور وفاته في السينما ليتحقق في الواقع، رحل "عوض" وترك خلفه بسمة على وجوه محبيه وأعمالا شاهدة على موهبته.