رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الجمهورية الثانية

15-6-2021 | 11:54


حسام العادلي,

تثير دائمًا الاتجاهات النظرية السياسية جدلا واسعًا متى تطرقت إلى زاوية التقسيم التحقيبي للتاريخ بوجه عام، وهو ما تحقق - بالأخص - مع الحالة المصرية خلال تاريخها الحديث، فمنذ عهد محمد علي وهناك بعض التحليلات والرؤى الفكرية التي تعتبر أن هناك تقسيمات أكثر نفاذا إلى داخل البنية التاريخية بشكل ميكروسكبي، إذ تخصص لعصر الوالي "محمد علي" باشا حقبة تاريخية سياسية بعينها، ثم تستمر في التسميات التخصيصية المتتالية بأسماء الحكام مثل (عصر إسماعيل، عباس الثاني، الملك فؤاد، وصولا للملك فاروق).

 غير أن هناك اتجاه آخر – وهو ما نميل إليه – يدمج الفواصل الزمنية بالحكام آنفة البيان في حقبة زمنية واحدة، يتم تسميتها حكم أسرة محمد علي ( 1805- 1952) ، أو -مجازا- فترة الحكم الملكي، وبنهاية تلك الحقبة بقيام ثورة يوليو، تحققت الجمهورية المصرية، وتم الإعلان عنها بشكل رسمي في عام 1953 بعدما ألغيت الملكية المصرية، وتم انتخاب أول رئيس مصري اللواء محمد نجيب.

 وقد شهدت الجمهورية المصرية آنذاك فترة بينية هي ما بين إعلان مجلس الوصاية على العرش وحتى إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وهي الفترة ما بين 1952 حتي العام التالي عليه 1953؛ وآخذا بهذا التقسيم الواسع وبالبناء عليه وتطبيقه على الواقع المعاصر؛ نرى أن الجمهورية المصرية قبيل انتهاء حكم الرئيس مبارك هي الجمهورية الأولى، وأن العهد السياسي الحالي هو الجمهورية الثانية، ومن المؤكد أن صك اصطلاح الجمهورية الثانية أمر يستوجبه الظرف الراهن، ونسترشد في التدليل عليه بالمعطيات السياسية التي حدثت في الفترة التي تلت أحداث 25 يناير، وما أعقبها من تحولات كبيرة في الحالة السياسية والذهنية المصرية بشكل عام، فلم يتوقف قطار الفوضى والانفلات الأمني والتخبط السياسي طيلة عامين ونصف، لتنتهي بانفجار مكتوم كان حتمي الحدوث، في 30 يونيو هب الشعب المصري بشكل حقيقي وصادق، بعدما عاني من ويلات حكم الإخوان المسلمين، أوجع الجموع الثائرة في يونيو ما تلقته من طعنات غدر وتخابُر من قبل القائمين منهم - الإخوان - على حكم البلاد، لتبدأ صفحة جديدة تطوي الجمهورية الأولي ما شهدته من ملابسات تالية لها، إلي جانب بعض القوي السياسية وقتها رفعت شعارات جوفاء، بمثابة إرهاصات كانت واجبة الحدوث باعتبارها رد فعلي طبيعي من قوى سياسية شاخت مع الزمن وأعلنت إفلاسها، ثم خلّفت حالة ضبابية انتهت وانقشعت تماما، بعد 30 يونيو، لتقوم الجمهورية الثانية .

 اصطلاح الجمهورية الثانية لا يرادف فقط مفهوم تحقيبي للدولة المصرية طوال تاريخها الحديث قدر ما يواكب الفكر الحديث للعالم، وعودة جديدة للدولة المصرية في ثوب القوة والعافية، يرادفه تنمية اجتماعية واقتصادية وحضور سياسي ودولي فاعل .