في إطار مشاركته في القمة الرابعة لرؤساء البرلمانات والجلسة العامة الثالثة عشر بالجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، والتي تعقد يومي 12 و13 مايو بالعاصمة الإيطالية روما، ألقى الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب، كلمة حول الموضوع الرئيسي لقمة رؤساء البرلمانات، بعنوان "التنمية المستدامة في المنطقة الأورومتوسطية".
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الدكتور على عبد العال حول هذا الموضوع: "الصديقة العزيزة لورا بولدريني رئيسة مجلس النواب الإيطالي.. الصديق العزيز بيترو جراسو رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي.. أصحاب المعالي رؤساء البرلمانات ورؤساء الوفود المشاركة.. السيدات والسادة الحضور..
يطيب لي في البداية أن أعرب عن عميق تقديري للأصدقاء في البرلمان الإيطالي على حسن الاستقبال وكرم الضيافة الذي لمسناه منذ أن وطأت أقدامنا هذا البلد الصديق، كما أعرب عن تقديرنا للجهود المخلصة والدؤوبة التي بُذِلت للخروج بمؤتمرنا هذا في أفضل صورة، وبما يكفل تحقيق أهدافه المرجوة منه.
يكتسب موضوع مؤتمرنا هذا أهمية كبيرة، فقد شهدت الفترة الأخيرة حراكًا دوليًا مُكثفًا بغرض خلق مناخ مناسب للتنمية المستدامة للجميع، تبلورت ملامحه في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لتمويل التنمية في يوليو 2015، وصولًا إلى أجندة التنمية المستدامة 2030 التي تم اعتمادها في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015، والتي تتضمن 17 هدفًا و169 غاية للقضاء على الفقر ومكافحة عدم المساواة ومعالجة قضايا المناخ على مدى السنوات القادمة حتى عام 2030.
إن تحقيق أهداف التنمية المستدامة في منطقتنا الأورومتوسطية هو هدف تجمع على أولويته دول المنطقة بضفتيها الشمالية والجنوبية، وهو ما يفرض علينا تكثيف التعاون في العديد من المجالات لوضع أهداف التنمية المستدامة موضع التطبيق على أرض الواقع.
السيدات والسادة الحضور،،
إن قضايا البطالة والهجرة غير الشرعية والإرهاب تمثل إشكاليات كبرى تواجه مجتمعاتنا في الوقت الراهن، تتطلب مواجهتها من خلال منظور تنموي شامل ومستدام يأخذ في الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والأمنية والسياسية والحقوقية.
فمن الضروري معالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلات من خلال القضاء على الفقر، وتطوير التعليم والتدريب ونقل المعرفة والتكنولوجيا وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب، وإكسابه المهارات اللازمة للانخراط بكفاءة في سوق العمل ورفع معدلات الإنتاجية والنمو، هذا بالإضافة إلى فتح قنوات للهجرة الآمنة والنظامية بين دول الجنوب والشمال.
السيدات والسادة الحضور،،،
لاشك في أن هناك العديد من التحديات التي تقف أمام جهودنا المشتركة في تحقيق التنمية المستدامة، وتواجه مسار التعاون بين شمال وجنوب المتوسط وتحول دون الاستفادة من الإمكانات المتاحة بالشكل المأمول، وأهمها الإرهاب الذي بات ظاهرة عالمية لا تعاني منها منطقتنا فحسب.. بل الكثير من بلدان العالم.
السيدات والسادة الحضور،،،
لم تكن مصر بمعزل عن الجهود العالمية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لاسيما وأن الدستور المصري ينص صراحةً على ضرورة تحقيق متطلباتها، وفي مقدمتها رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي.. ورفع مستوى المعيشة.. وزيادة فرص العمل.. وتقليل معدلات البطالة.. والقضاء على الفقر.
وقد تم ترجمة هذا الالتزام الدستوري في صورة أجندة وطنية لتحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030، والتي تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.. وتحسين بيئة الاستثمار.. وتعزيز رأس المال البشري.. كما تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.. وتوفير سبل العيش الكريم للمواطن المصري.
إننا في مصر لدينا هدف طموح في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ليس فقط لدورها الهام في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وإنما أيضًا لدورها الذي لا يقل أهمية في مواجهة الإرهاب، انطلاقاً من الرؤية المصرية التي ترى ضرورة وضع مقاربة شاملة في مواجهة تلك الظاهرة البغيضة، يكون المدخل التنموي أحد أركانها الأساسية.
السيدات والسادة الحضور،،،
أود أن أؤكد في ختام كلمتي على أننا مطالبون باستخدام جميع الآليات والأدوات التي توفرها لنا الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط لتوثيق التعاون بين دولنا لمواجهة التحديات والصعوبات المستجدة في منطقتنا والتي تُعرقل مسار التنمية المستدامة، وعلينا أيضاً بذل المزيد من الجهود في مجال الدبلوماسية البرلمانية من أجل التوصل إلى تسويات سلمية للنزاعات والصراعات التي تهدد الاستقرار في منطقتنا.
كما أؤكد على أن تحقيق متطلبات التنمية المستدامة ومواجهة التحديات المرتبطة بها، تتطلب في جانب مهم منها توجيه المزيد من الاستثمارات الأوروبية لدول جنوب المتوسط خاصةً في القطاعات الإنتاجية والخدمية كثيفة العمالة، وبما يشمله ذلك من نقل للمعرفة والتكنولوجيا، فضلاً عن توجيه المزيد من الدعم المادي والتنموي للدول المستقبلة للاجئين في جنوب المتوسط، تفعيلاً لمبدأ المشاركة في تحمل الأعباء.
كما يأتي في مقدمة هذه التحديات استمرار الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها الصراع "الفلسطيني – الإسرائيلي" الذي لا يمكن مع استمراره تحقيق التعاون الاقليمي الكامل في الفضاء الأورومتوسطي، وكذا النزاعات المسلحة في سوريا وليبيا التي تسببت في استثناء هاتين الدولتين الهامتين، بما تمتلكانه من إمكانات واعدة، من الاندماج في أطر التعاون الأورومتوسطي بشكل كامل حتى الآن.
من هنا، فإن هناك ضرورة ملحة للتوصل إلى تسويات سياسية دائمة لتلك الأزمات، كي نستطيع توجيه جهودنا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في منطقتنا الأورومتوسطية".