الزواج في الإسكندرية.. "النصف بالنصف".. واستشاري علم نفس: العادات ترهق الأسر
الأسرة هي نواة المجتمع، والزواج هو أساس تكوينها، وبالطبع لا يدع المصريون هذا الحدث المهم يمر مرور الكرام، بل تسبقه العديد من الخطوات والتحضيرات والمراسم والتي تعرف بـ"عادات وتقاليد الزواج"، وتختلف تلك العادات في مصر من محافظة لأخرى، بل أحيانًا تختلف من مكان لآخر في المدينة ذاتها، وبالطبع تتأثر بثقافة الأسرتين والإمكانيات المادية.
قديمًا كان الزوج يتحمل كل تكاليف الزواج ويكون المسئول عن شراء كافة المنقولات وأثاث منزل الزوجية، ولكن مع تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية وغلاء الأسعار، أصبح الأمر مشترك بين الطرفين، أي يشارك كلا الطرفين في شراء أثاث منزل الزوجية حسب اتفاق بينهما، وهي العادة المتبعة في أغلب محافظات مصر، وتختلف بين المدن فيما يتحمله كل طرف.
وفي بعض المدن تتقاسم العروس نصف تكاليف الزواج، وفي مدن أخرى يتحمل العريس الجانب الأكبر من تكاليف الزواج، وبأماكن أخرى قد تتحمل العروس أكثر من نصف التكاليف مساعدة للعريس ليفي بالالتزام الرئيسي عليه وهو شراء شقة الزوجية.
الإسكندرية كغيرها من المدن يتشارك فيها الزوجين في شراء أثاث الزوجية، المعروف بـ"شوار" أو "جهاز العروسة"، حسب الاتفاق المبرم بين أسرتيهما، والذي قد تتحمل فيه العروس نصف تكاليف الزواج تقريبًا، بما في ذلك تكلفة صالة الأفراح، وهو الأمر الذي قد يكون مرهق ماديًا للطرفين على حد سواء.
وجرت العادة في الإسكندرية أن تتفق الأسرتين على تكاليف الزواج وما يتحمله كل طرف في جلسة قراءة الفاتحة، والتي تأتي بعد جلسة التعارف بين الشاب والفتاة وأسرتيهما.
وبعد جلسة التعارف التي تقتصر على أسرتي الشاب والفتاة، وقبول الطرفين لبعضهما، تأتي جلسة قراءة الفاتحة والاتفاق، ويتم بها تحديد الطلبات المُلزم بها كل طرف.
ويختلف الاتفاق حسب رغبة الطرفين والإمكانيات المادية، وغالبًا ما يتقاسما الطرفين الغرف، فيكلف العريس بشراء غرفة النوم و(الانتريه "الصالون" أو السفرة)، وفي المقابل تتحمل العروس شراء الغرفة الأخرى، فإذا كان العريس سيتحمل شراء غرفة الانتريه، تتحمل العروس شراء غرفة السفرة والعكس، وهي الشروط الأساسية في أي اتفاق.
وعادةً ما تختار العروس بين غرفة المعيشة "الركنة" أو غرفة الأطفال، وتكون مُلزمة بشراء إحداهما، وبذلك يلتزم كل طرف بشراء غرفتين، أي يتم تقسيم الغرف بالتساوي بين الطرفين.
والزيادة في عدد الغرف تُلزم العريس بشراء غرفة إضافية (بعض الأسر لا تُلزم العريس بشرائها مع باقي الأثاث، وبعد الزواج يشتريها العريس حسب رغبته).
بالنسبة للأجهزة الكهربائية، فعادةً ما تكون من نصيب العريس في الإسكندرية، بالإضافة إلى النجف ودولاب المطبخ باعتبارهما جزء من تجهيزات الشقة، بينما تتحمل العروس شراء المفروشات (السجاد والستائر والمراتب وملاءات الأسرّة وغيرها).
وتُلزم العروس بشراء أدوات ومستلزمات المطبخ، وأيضًا أدوات التنظيف، فيما يتحمل العريس شراء محتويات النيش، وأحيانًا تلتزم العروس بشراء محتويات النيش أو بعض الأطقم.
وتقول الدكتورة إيمان عبد الله، استشاري علم النفس والعلاج الأسري، إن كان في مقدور أهل الفتاة مساعدة الشاب، لا مانع من ذلك، فالزواج تيسير، مضيفة أن التركيز على "جهاز العروسة" والمغالاة في الطلبات يجعل الزوجين يبدأون حياتهم الجديدة وهم محملين بالأعباء المادية والتعب النفسي.
وتتابع: "الالتزام بتلك العادات يشكل ضغط على الأسر الفقيرة، وحينها سيصبح الزواج للعروس المقتدرة ماديًا فقط والتي تستطيع تحمل تكاليف الزواج مع العريس"، مشيرة إلى ضرورة تيسير الأمور وعدم المغالاة في الطلبات لكلا الطرفين، والابتعاد عن العادات والتقاليد التي تجعل الشباب يعزفون عن الزواج، وفي الوقت ذاته تزيد أعداد الغارمات ممن يلجأن للاستدانة لتزويج بناتهن.
وتلفت إلى ضرورة نشر الوعي الاجتماعي من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية بعدم المغالاة في الشروط والطلبات للشاب والفتاة، وكذلك عدم المغالاة في التجهيزات نفسها، فكلها عادات لا تمد للرباط المقدس بصلة.
وتؤكد أن تلك العادات البالية تحتاج لوقفة، للأسف عادات الزواج في بعض المدن تكبل الشاب بالديون وتكون أحد أسباب العزوف عن الزواج بسبب المغالاة في الطلبات، وفي أماكن أخرى تفرض العادات على الفتيات أعباء مادية تمثل ضغط على الأسر الفقيرة وقد تسبب زيادة نسبة العنوسة، فالعادات يجب ألا تفرض نفسها على ظروف الأسر وترهقها ماديًا.
وتضيف أن العادات المجتمعية ما هي إلا إرهاق شديد للأسر وعبء وتجعل مننا أفرادًا مستهلكين وغير منتجين، فالزواج يمكن أن يتم بطريقة بسيطة وسهلة، فلا يجب فرض العادات البالية والتركيز على شراء الجهاز والأمور المادية بدلًا من التثقيف ودراسة كل طرف لشخصية الآخر خلال فترة الخطوبة، ويجب أن يراعي كل طرف الحالة المادية والمعنوية للطرف الآخر، وأيضًا المشاركة، فإذا كان أهل الفتاة لديهم المقدرة المادية لمساعدة الشاب، فهو أمر مقبول، وإذا لم تكن لديهم القدرة، فلا داعي للمغالاة.