« الأزبكية».. الحديقة الأعرق تتحول لمأوى للكلاب الضالة
كتبت: أماني محمد
رغم كونها أعرق وأقدم حدائق مصر أصبحت حديقة "الأزبكية" اليوم في حالة يرثى لها، فهي التي فقدت أراضيها بمرور الزمن، فبعد أن كانت مقامة على مساحة تصل إلى 18 فدان أصبحت اليوم لا تتجاوز عشرات الأمتار، يحيطها الإهمال من كل جانب داخل سورها وخارجه.
ولم تشفع أطلال الماضي لتحافظ الحديقة على ما تبقى من عراقتها، فقد أضحت اليوم مأوى للكلاب الضالة التي تنتشر بين أرجائها، فضلًا عن غياب الأمن والنظام بها فهي خالية من أفراد الأمن إلا المتواجدين على بوابتها لقطع تذاكر دخول الأفراد، فضلًا عن غياب الاهتمام بالنظافة وسلال للتخلص من المخلفات، كما رصدت "الهلال اليوم" عمليات حرق للمخلفات الشجرية حرقًا داخل الحديقة.
وعن تأمين الحديقة، قالت أميرة عبد الله، الفتاة العشرينية، إنها زارت الحديقة مؤخرًا ودخلتها لقضاء فترة انتظار لإحدى صديقاتها كانت ستتأخر لساعة ففضلت التوجه إلى الحديقة بدلًا من الانتظار بالشارع، تضيف: "ما إن دخلت وبدأت في التجول بحثًا عن مكان نظيف للجلوس حتى شعرت أن أحدهم يتبعني وبدأ التحدث معي بحجة أنه خاف عليا من الدخول بمفردي وما كانت تلك إلا محاولة منه لمعاكستي".
هذا السبب جعلها تخرج قبل أن تكمل عشر دقائق بالداخل، وفي تقييمها قالت: "هي حديقة رديئة ليست ذات جمال أو نظافة أو أمان فضلًا عن ارتفاع ثمن تذكرتها التي تقدر بخمس جنيهات دون وجود خدمة أو ميزة للحديقة عن غيرها فما هي إلا ساحة خضراء محاطة بسور حديدي".
وترجع الأزبكية إلى العصر المملوكي حينما أهدى السلطان قايتباي قطعة أرض مساحتها 60 فدانًا لقائد جيوشه سيف الدين أيبك فأنشأ الأخير فيها الحديقة، وظلت بدائية التصميم غير ممهدة حتى عصر الخديوي إسماعيل فجددها وتحولت في عصره إلى مكان ذات طراز معماري فريد بها دار للأوبرا الخديوية وتمثال لإبراهيم باشا، واللذان انفصلا عن الحديقة فيما بعد ليتحول إسم الميدان هناك على ميدان الأوبرا.
وتأسس في الحديقة مسرح وكشك للموسيقى، فكانت وقتها ساحة للاحتفالات الرسمية والشعبية فشهدت الاحتفال بعيد الملكة فيكتوريا من قبل الجالية الإنجليزية في مصر، وكذلك احتفال الجالية الفرنسية بعيد 14 يوليو، والاحتفالات المصرية بعيد الجلوس السلطاني وكذلك احتفالات الجمعيات والمطربين عبده الحامولي ومحمد عثمان.
وكان سورها الحديدي يحميها ويحددها عن بقية ما حولها، حتى أمر المسئولون بعد ثورة 23 يوليو بهدمه وإقامة سور حجري مكانه والذي تحول مع مرور الزمن إلى مكتبة مفتوحة ومعرضًا ثقافيا دائمًا، فـ"سور الأزبكية" حتى اليوم يكتسب أهمية خاصة وشهرة واسعة ربما أكثر من الحديقة ذاتها كمكان لبيع الكتب بمختلف المجالات الثقافية والتعليمية بأسعار زهيدة.
ولم يكن هدم السور الحديدي أول ما خسرته الحديقة، فقد قسمت مساحتها إلى قسمين وشيد على جزء منها سنترال الأوبرا، وخسرت جزء من مساحتها أيضًا ورونقها بعد إنشاء المترو فقد تسلمتها شركة مترو الأنفاق ووزارة النقل من سنوات أثناء عمل توسعة المترو وإنشاء الخط الثالث لمترو الأنفاق.
وكشف اللواء محمد سلطان، مدير الحدائق المتخصصة بمحافظة القاهرة، إنه سيتم مخاطبة شركة مترو الأنفاق ووزارة النقل للوقوف على مدى حاجتهم الآن للحديقة وتحديد موعد تسليمها مرة أخرى لمحافظة القاهرة، مضيفًا أن الحديقة تحتاج إلى التطوير حاليًا لعودتها لمظهرها الحضاري والتاريخي الذي كانت عليه من قبل.