حسن حسني.. «جوكر» الفن والرجل الذي صنع الضحك
صاحب موهبة كبيرة متفردة، قادر على أن ينتزع الضحكة من أوصال قلبك دون عناء يذكر معتمدا على خفة ظله وكوميديا الموقف، لا يهمه ترتيب اسمه على التتر، وحجم دوره بقدر بحثه عن أدوار يعبر من خلالها إلي قلوب الناس وتترك بصمة في كل دور يقدمه على الشاشة حتى ولو مشهد واحد، تنوعت أدواره والممثل واحدا تجده يجيد أدوار الشر ببراعة شديدة بينما يجعلك تضع يدك على قلبك من فرط الضحك عندما يجسد أدوارا كوميدية هو "الأسطى محمد" في فيلم "عفاريت الأسفلت" الحلاق الوحيد الذي لا تمل من حكاياته، و"ركبة" في "سارق الفرح"، و "عم بخ" الذي تحفظ إفيهاته وتضحك على مواقفه مع "اللمبي"، هو تميمة حظ جيل الشباب و"جوكر" الفن هو الفنان الكبير حسن حسني.
وُلد حسن حسني في 19 يونيو 1936، بحي القلعة في القاهرة"، بدأت موهبته تلوح في الآفق، وهو في المرحلة الإبتدائية، إذ عشق التمثيل من خلال مسرح المدرسة، وفي إحدى الحفلات المدرسية قدم دور "أنطونيو"، ومنه حصل على كأس التفوق بالمدرسة الخديوية، وفي 1956 حصل على شهادة التوجيهية، وفي إحدى لجان التقييم التي تشرف على مسابقات التمثيل في المدارس كان حاضرا الفنان الكبير حسين رياض ضمن اللجنة، ولفت أداء حسن حسني انتباهه، حينها تيقن "حسني" أنه لا يجب عليه أن يمتهن سوى التمثيل.
بداية الستينات بدأت رحلة حسن حسني عضواً في فرقة المسرح العسكري، ومع صدور قرار بحل المسرح تنقل بعدها إلي عدة مسارح "القومي، والحديث"، ومع فرقتي"جلال الشرقاوي" و"تحية كاريوكا"، وبالتزامن قدم للسينما عدة أفلام منها "لا وقت للحب، بنت الحتة"، ومع فرقة "حكيم" عدة مسرحيات أبرزها "المركب اللي تودي، عرابي".
بداية السبعينيات شارك في عدة أفلام أبرزها " أميرة حبي أنا، سوق الحريم، مدينة الصمت"، كان الحنين إلي المسرح يراوده بين الحين والآخر، وحقق مع المخرج سمير العصفوري نجاحا كبير في مسرحية "كلام فارغ" ما دفعه إلى الإنتقال إلي المسرح القومي، وعلى خشبة مسرحه قدّم عدة مسرحيات ناجحة، وبجانب المسرح قدم في السينما أدوار صغيرة في عدة أفلام منها "الكرنك، الحب تحت المطر، قطة على نار، المليونيرة".
لم يغيب التليفزيون عن ذاكرة حسن حسني وقدم عدة مسلسلات، لكن كانت الإنطلاقة الحقيقة مع مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرًا" ودخل من خلاله بيوت وقلوب الجمهور.
كان دائم البحث عن التنوع في أعماله ويتنقل بين أدواره، قدم نفسه في أول أدوار الشر بطريقة مختلفة في فيلم "سواق الأتوبيس" مع عاطف الطيب، وكان دوره نقلة في حياته الفنية، ما دفع بعض المخرجين على حصره في تلك النوعية من الأدوار، حتى وقع في يده سيناريو فليم "سارق الفرح" ومن شدة إعجابه به طلب من المخرج داود عبد السيد أن يشارك به ولو بدون أجر، وفي الفيلم قدم دور القرداتي "ركبة" في واحد من أجمل أدواره، واقتنص به 5 جوائز، وفيلم "المواطن مصري" مع عمر الشريف.
في التسعينيات، شارك في عدة مسلسلات أبرزها " رأفت الهجان 2، النوة، بوابة الحلواني"، وفي "أرابيسك" مع صلاح السعدني قدم دور "وفائي" الأب الطيب.
وفي تلك الفترة قدم للمسرح عدة مسرحيات أشهرها " اعقل يا مجنون، على الرصيف، جوز ولوز، حزمني يا".
أدرك كبار المخرجين حجم موهبته وأسندوا له الأدوار الصعبة، فتجده مع عاطف الطيب في "البريء" و" الهروب"، بينما مع محمد خان في "فارس المدينة" و "زوجة رجل مهم"، ومع رضوان الكاشف في "ليه يا بنفسج"، و"المغتصبون" مع سعيد مرزوق، ومع المخرج أسامة فوزي يخطف عقلك بأدائه في "عفاريت الأسفلت" بدور "الأسطى محمد" الحلاق الذي لا تمل من حكاياته.
مطلع الألفية كان حسن حسني على موعد مع المكانة التي يستحقها، عندما ساند جيل الشباب في بداية مشوارهم وكان قاسم مشترك في كل أفلامهم، مع الراحل علاء ولي الدين قدم "عبود على الحدود" و"الناظر" التي ما زالت إفيهاته تعيش بيننا، ومع عامر منيب في "سحر العيون"، و "محامي خلع" و"غبي منه فيه" مع هاني رمزي.
كان حسن حسني تميمة حظ الشباب والأب الروحي لهم، لم يتوانى لحظة في الوقوف جانبهم، وقف مع محمد سعد في أولى بطولاته السينمائية في "اللمبي" الذي حقق إيردات خيالية، وتوالت أعماهم "اللي بالي بالك، بوحة، كركر، عوكل، كتكوت"، ومع كريم عبد العزيز في "الباشا تلميذ"، و "أفريكانو" مع أحمد السقا، و"ليلة سقوط بغداد" مع أحمد عيد، و"عسكر في المعسكر"، و"يانا يا خالتي" مع محمد هنيدي.
وجود حسن حسني في أفلام الشباب كان بمثابة جواز المرور لعبور بوابة النجومية، تشاهده مع أحمد مكي في "إتش دبور"، ومع محمد إمام في "البيه الرومانسي" و"كابتن مصر" وكون مع أحمد حلمي ثنائيا في عدة أفلام "ميدو مشاكل، زكي شان" وكانت آخر أعماله "خيال مآتة".
تجاوز رصيده الفني 500 عمل ما بين السينما والمسرح والتليفزيون خلال مشوار طويل تجاوز النصف قرن رسم خلاله حسن حسني البسمة على وجوه الملايين، ولم يكن يعنيه طوال حياته سواء التكريم والحب من جمهوره، حتى جاء التكريم من مهرجان القاهرة في دورته الأربعين.
وقف "حسني" على المسرح ممسكا بجائزة فاتن حمامة التقديرية تكريميًا له عن مشواره الفني، ولم يستطع حبس دموعُه وقال "أنا سعيد أوي أوي وفرحان أوي أوي إنهم لحقوا يكرموني وأنا عايش، والله بكلمكم جد عشان أفرح بالتكريم ده وأنا وسطكم".
رحل حسن حسني عن عالمنا في 30 مايو 2020، عن عمر ناهز 89 عاما، إثر إصابته بأزمة قلبية، وترك خلفه أبتسامة على وجوه محبيه وجمهوره كلما مر من أمامنا على الشاشة.