إن الإسلام محبة ورحمة ومكارم أخلاق أولا، الإسلام دعوة أتت للناس بما يحبون على يد قدوة يعرفونها بمكارم الأخلاق، ليس إصلاحا للناس بالعنف وليس إكراها للناس على غير طبائعهم، وإنما هو هداية للناس إلى الفطرة، إلى فطرتهم التى فطرهم الله عليها.
إن الإسلام موجود فى بيوتنا بالفعل، والأذان يدوى من المآذن (لا إله إلا الله) كل يوم خمس مرات، والناس تسعى إلى المساجد، ولذلك فلا بد أن يكون الداعية قدوة ومنبرا علميا رفيعا.
ولكن ما ابتلينا به هو شقشقة لسان من رجال لا يعرفون من دينهم إلا آية أو بضع آية، يسعون بها ويلوون معانيها على هواهم؛ ليسوقون جماعاتهم أمامهم بالعصا كالدواب إلى حيث يريدون!! أو يسعون لعنف تحت شعاراتمزيفه مدلسة.. دعاة عقيدتهم مبنية على الوصائية وامتلاك الحق المطلق.. واقتناعهم أن فكرهم هو فكر السادة ولهم السيادة، لذلك تجد اللغه الاستعلائية هى لغتهم.. والجفاء والتحجر والتكفير أو إخراج الناس عن الملة هم شغلهم الشاغل.. المهم تأسيس وترسيخ مبدأ تكفير التفكير.. منع التفكر وتدبر آيات القرآن.. وعدم إجازة استخدامة إلا للترتيل أو كموسيقى تصويرية خلفية لجلب البركة.. أو كحرز أو أيقونة تحفظنا من الشر.. عملية تحويل الناس لمجاذيب ومهاوييس.. ونجحت للأسف هذه العملية لأنهم لم يجدوا من أتباعهم من يناقشهم ويتبادل معهم الأفكار والرؤى من يضعهم فى موضعهم الصحيح من حيث حجم العلم والفكر والتفكر، وجدوا من يصنمهم ويقدم لهم فروض الولاء والطاعة، فكيف لا يستسيغون التكبر والاستعلاء!!.
إنهم قبل أن يفصحوا عن عواطفهم الخبيثة الحقيقية، اتفقوا فى البداية على تكتيف أيدى الضحايا، فوضعوهم فى اختلافات دينية وأغرقوهم فى الجدل والتنطع والسؤال على ماء الوضوء يصل إلى الكوع أو يشمله، وعلى الأيدى ترسل على الجانبين أثناء الصلاة أو تضم على الصدر، وعلى نقاب أم حجاب، لحية أم جلباب، أذان واحد لإقامه الصلاة أم أذانان، الجهر بالصلاة متى ونخافت متى، انتظار الإمام الغائب أم لا، تولية الفقيه أم السياسى، وضع الأموال فى البنوك أم فى دفاتر ادخار، فشككوا فى كل شيئ وبثوا الوسواس ونشروا الخلافات وأشاعوا المخاوف وبثوا الأحقاد وجعلوا من كل طائفة عدوة لأخرى وجعلوا من كل إنسان خصيما لأخيه.
فملأوا الأرصفة بتجارتهم السوء وبضاعتهم الفاسدة، ونادى أبالسة الشقاق ليشتتوا الناس شراذم وجذاذات.
ففى نهايات القرن الماضى رفعوا شعارات توظيف الأموال بالمرابحة الإسلامية، ورفعوا لافتات "لا ربا ولا ريبة"، وكانوا هم أنفسهم أهل الريبة، وكانوا حثالة ولصوصا، والقمم التى تتشدق الآن بالعدل وبحقوق الإنسان هى نفسها التى داست على العدل وحقوق الإنسان، وهى نفسها التى وقعت على أوراق بيع الأوطان وعلى مذابح الضحايا وشهداء الواجب وهم نفسهم الواقعون فى براثن التشدد وفى مستنقع الانحلال يجمعها عامل مشترك هو الانسلاخ من القيم الأخلاقية، المتشددون بعيدون عن قيم الدين يشرعون لأنفسهم كل شيء حتى القتل بغطاء الدين..ومن يسقطون فى وحل الانحلال يشرعون لأنفسهم كل شيء تحت غطاء الحريات.
هم أنفسهم الآن الذين يشنون حملات الحقد والكراهية على منصات التواصل الاجتماعى أمامنا والتى لا تحمل سوى كراهية تتأجج فى قلوبهم ولا تحمل سوى علوا واستكبارا وعنصرية وكفرا بواحا بوطنهم وبإنجازاته وبموقعه الذى أصبح فى الصدارة بين دول العالم.
ويأتون فى النهاية وأمام القضاء يتنصلون مما قالوا وفعلوا وخططوا ودمروا بفتوى صنعوها اسمها التقية كنوع من أنواع الهروب من المسائلة القانونية.. ولكن ليست هذه المشكلة الحقيقية!! ولكن الطامة الكبرى هى أن أتباعهم من قطيع الضلال كان سعيدا جدا، واعتبروا أن ما يحدث من شيوخهم هو منتهى درجات الذكاء إعمالا بأن الضرورات تبيح المحظورات.
أنار الله طريق الصواب لأجيالنا القادمة، وحفظ الله مصر وشعبها وجيشها وشرطتها من كل مكروه.