«شخصيات بلا ألقاب».. من هي المرأة الخاطئة التي غسلت قدمي المسيح بدموعها؟
«شخصيات بلا ألقاب».. عنوان لمسلسل نقدمه للقارئ القبطي عن شخصيات مجهولة وبلا ألقاب في الكتاب المقدس؛ ففي العهد الجديد، جاءت امرأة خاطئة للسيد المسيح خلال وجوده في بيت سمعان الفريسي لتعلن عن حبها له لتقدم التوبة بدموعها ولم يذكر الكتاب اسمها.
فكر التوبة
فكرت هذه السيدة في عقلها وقالت ليت لي رجُل لأن الإثم الذي في قلبها قد ربطته بسلاسل العذاب ودموعه، وبدأت تندب في ذاتها قائلة: ماذا نفعني هذا الزنا؟ ماذا أفادني هذا الفسق؟ لقد لوثت الأبرياء بدون خجل، إذ قالت في نفسها: "لقد أفسدت اليتامى، وبدون خوف سرقت من البائعين بضائعهم، ولم يكتفِ جشعي لقد كنت كالنبّال في الحرب، وقد قتلت الصالح والطالح، لقد كنت مثل عاصفة في البحر وغمرت سفن الكثيرين، لماذا لم أربح رجلاً واحداً؟ فقد كان ليصلح فسقي، لأن رجلاً واحداً هو من الله أما كثيرون فهم من الشيطان، لقد قالت هذه الأشياء في داخلها ثم بدأت تتصرف بالظاهر، غسلت عينيها ومسحت الصبغة التي أعمتهما وتفجرت الدموع من عينيها على هذا الصباغ المميت".
تطهير قلبها
خلعت عن جسدها غطاء الدعارة، وألقته بعيداً، وقررت أن تمضي وتزيّن نفسها بثوب المصالحة مع الله، فخلعت من رجليها حذاء الفسق المزيَّن ووجهت خطواتها في طريق النسر السماوي، ثم أخذت ذهبها بديها وحملته إلى وجه الملكوت وراحت تبكي في سرها إلى الذي يسمع في العلن وقالت في سرها: "هذا يا رب ما جنيته من الإثم، به سوف أشتري لنفسي العتق هذا ما جمعته من الأيتام، به سوف أكسب رب الأيتام".
الشيطان يُطاردها
ومضت بعجلة، عندما رأها الشيطان غضب وحزن حزنًا عظيمًا في فكره للحظة ابتهج ومن جديد للحظة أخرى حزن لقد فرح في داخله لأنها تحمل الزيت المعطر، لكنها مكتسية بلباس خسيس هذا العمل أخافه، عندها شق طريقه إليها وتبعها كما يتبع السارق التاجر تنصت إلى تمتمات شفتيها كي يسمع صوت كلماتها.
راقب مقلتي عينيها عن قرب ليعرف أين يتوجَه بريق عينيها، وكان يمشي بقرب رجليها حتى يعرف أين هو ذهابها، الشيطان مليء بالدهاء، من كلامنا يعرف هدفنا، هكذا علمنا ربنا ألا نرفع صوتنا عندما نصلي، حتى لا يعرف الشيطان كلماتنا ويقترب ويصبح خصمنا.
وهكذا إذ رأى الشيطان أنه لا يستطيع تغيير رأيها اكتسى بزي رجل وجمع حوله حشداً من الشبان، مثل محبيها في الأوقات الغابرة، وعندها توجّه إليها هكذا: بحياتك أيتها المرأة، أخبريني أين توجهين خطواتك؟ ماذا تعني هذه العجلة؟ فأنت مستعجلة أكثر من أي يوم آخر، ماذا يعني هذا الخنوع، فنفسك خانعة مثل خادمة؟ بدل ثياب الحرير الرفيع، وأسفاه! أنت ترتدين ثوب حداد قذراً بدل أساور الذهب والفضة، لا يوجد حتى خاتم في إصبعك بدل الصنادل الجميلة لقدميك لا تنتعلين حتى حذاء بالياً، أجابت المرأة الخاطئة وقالت له، للشيطان بعد كلامه: حسناً قلت أني أذهب لأدفن الميت، الميت الذي مات من أجلي فخطيئة أفكاري قد ماتت، وأنا أذهب لأدفنها.
كنت أعمى والآن أبصر
ذهبت تلك الزانية لتنال الضوء لعينيها، وتأعطي النور لكثيرين، لقد كانت مقيدة بإحكام ولم تعرف بأن هناك مَن يقلب الأوثان، عجبًاً! فذهبت لكي تُتلف أوثانها، وهكذا لتُتلف حماقات كثيرين، لقد كانت جريحة ولم تعرف أن هناك مَن يبلسم الجراح وعجباً، ذهبن لتُبلسم جراحها، هذه الأشياء فعلتها بنت الهوى للشيطان بحكمتها، حيث جعلته يئن، ويحزن وينوح، ويصرخ بصوت عالٍ وتكلّم هكذا: لقد غُلبت بك أيتها المرأة ولا أدري ماذا أفعل.
الشيطان يتكلم في قلبه
قال الشيطان في قلبه عندما شعر أنه لم يتحرك، ثم غيّر سبيل فكره، وهكذا كان ما تكلم به: "كيف سوف أدخل إلى حضرة يسوع، إذ أن الأشياء السرية مستعلنة لديه؟ إنه يعرفني، يعرف مَن أكون، وأن غايتي ليست أية خدمة حسنة إذا اتفق وإن وبخني فأنا أفشل وكل خدعتي تضيع.. سوف أمضي إلى بيت سمعان إذ أن الأشياء السرية ليست مستعلنة له وفي قلبه سوف أضعها، وهو قد يُعلق على هذه الصنارة وهكذا سوف أقول له: "بحياتك يا سمعان أخبرني".
دخول المرأة الزانية لبيت سمعان:
دخلت تلك العاهرة إلى بيت سمعان، حيث كان المسيح جالسًا في مأدبة عشاء لقد عدها سمعان له، واقتربت هذه المرأة ووقعت تحت قدمي المسيح وعيناها أصبحتا تنزف دموعًا كجداول مياه كثيرة تجري في نهر وأخدت تمسح قدميه بشعرها ولم تكُف عن تقبيلهما وكسرت قرورة من الطيب كثير الثمن والتي باعت ما تملكه من مصاغ لتشتري به هذا العطر.
الشيطان يتحدث في قلب سمعان
وتحدث الشيطان في قلب سمعان، وقال في سره: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ المَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ».
رد المسيح على سمعان
شعر المسيح بما يدور في فكر سمعان فرد عليه موبخًا إياه قائلَا: في فكرك تخيّلت وفي داخل نفسك قلت: لقد دعوتُ هذا الرجل باراً ولكن للأسف! بنت الهوى تقبّله، لقد دعوته ليبارك ممتلكاتي وللأسف! بنت الهوى تعانقه، يا سمعان كان هناك مديونان لدائن واحد؛ الأول له عليه خمسمائة فلس والآخر خمسون، ولما رأى الدائن أن الاثنين لا يملكان شيئاً البتة سامحهما وترك لهما دينهما، أي منهما ينبغي به أن يؤدي الشكر الأعظم؟ ذاك الذي تُرك له خمسمائة أم ذاك الذي تُرك له خمسون؟، أجاب سمعان وقال ليسوع عند انتهائه من الكلام: ذاك الذي تُرك له خمسمائة يجب أن يؤدي شكراً أعظم، أجاب يسوع وتكلم هكذا: أنت هو الذي عليه الخمسون وهذه المرأة عليها الخمسمائة، عجباً! أتيتُ إلى بيتك يا سمعان وماءً لقدميّ لم تقدم؛ وهذه المرأة التي قلتَ عنها أنها كانت بنت هوى، ومنذ حداثتها تلوثت، فقد غسلت رجليّ بالدموع ومسحتهما بشعرها أينبغي بي أن أبعدَها يا سمعان من دون الحصول على المغفرة؟
ثم التفت إلى المرأة وقال: «لسمعان أتنظر هذه المرأة إنى دخلت بيتك وماء لرجلى لم تعط وأمّا هى فقد غسلت رجلىّ بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها قبله لم تقبلّنى، وأما هى فمنذ دخلت لم تكف عن تقبيل رجلى بزيت لم تدهن رأسى، وأما هى فقد دهنت بالطيب رجلى من أجل ذلك أقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيرا والذى يغفر له قليل يحب قليلا ثم قال لها مغفورة لك خطاياك فابتدأ المتكئون معه يقولون فى أنفسهم من هو الذى يغفر خطايا أيضا، فقال للمرأة إيمانك قد خلصك إذهبى بسلام».