إستيفان روستي.. شرير ابن سفير
كتب : خليل زيدان
يعتقد كثير من جمهور السينما أن الفنان إستيفان روستي زعيم مملكة الشر الظريف في السينما، أو مجرد سنيد يقوم بدور عنصر الشر.. ولا يعرف الكثيرون أن إستيفان روستي أول مخرج في تاريخ السينما المصرية، وأيضاً أخرج روائع عديدة من الأفلام.. نتعرف على التفاصيل التي تفي هذا الفنان الرائع حقه في السطور القادمة بمناسبة ذكرى رحيله التي تحب اليوم.
ابن السفير
ولد إستيفان روستي في 16 نوفمبر1891 لأب يعمل سفيراً للنمسا في القاهرة وأم إيطالية عشقت مصر، وعندما ترك العمل السياسي ورغب في العودة إلي بلده رفضت الأم الرحيل معه وقررت البقاء مع ابنها في مصر وحتى تهرب من محاولة والده لأخذه، اختفت مع إستيفان وهربت به إلي الإسكندرية من محاولة والده لأخذه، وعاشا في منطقة رأس التين التي التحق إستيفان بمدارسها .. وأثناء دراسته ظهرت هواية التمثيل لديه حتى أنه عندما كان تلميذاً بمدرسة رأس التين الثانوية حذره المدرس من الاستمرار في عمله ممثلاً في بعض الفرق في الإسكندرية إلا أن إستيفان لم يمتثل وتم فصله من المدرسة لهذا السبب.
البوسطجية اشتكوا!
تقدم إستيفان إلي مصلحة البريد ليعمل كبوسطجي وتم قبوله واستلم عمله وقبل مضي ثمانية أيام علي استلامه لعمله جاء إلي مصلحة البريد تقرير من المدرسة الثانوية يفيد بأن إستيفان يعمل ممثلاً، فما كان من مصلحة البريد إلا أن طردته، وعندما وجد إستيفان نفسه بلا عمل وما يحصل عليه من التمثيل لا يكفيه هو ووالدته قرر السفر إلي إيطاليا بحثاً عن عمل ولدراسة التمثيل.. وفي إيطاليا أتاحت له الظروف أن يعمل مترجماً، ومن خلال عمله هذا التقي بكبار النجوم وأن يتردد علي المسرح الإيطالي ومتابعة الأوبرات الإيطالية وأتيحت له الفرصة لممارسة السينما عملياً هناك، ممثلاً ومساعداً في الإخراج ومستشاراً فنياً لشئون وعادات وتقاليد الشرق العربي للشركات السينمائية الإيطالية التي تنتج أفلاماً عن الشرق والمغرب العربي.. بعد ذلك سافر إستيفان إلى فرنسا وعمل في السينما هناك وكذلك في المسرح.
العودة إلى مصر
وفي عام1924 عاد إستيفان إلى مصر فسعي للقاء عزيز عيد فقد كان مثله الأعلى ي الصغر وعندما ذهب إليه رحب وأسند إليه دوراً في مسرحية "خلي بالك من إيلي"، وبعد فترة ترك عزيز عيد وانضم لفرقة الريحاني ليكون فيها الممثل الذي يشار إليه بالبنان، ثم عمل بعد ذلك في فرقة يوسف وهبي وفيها صال وجال ووصل إلي القمة، كما قام بتعريب الكثير من الروايات لفرقة يوسف وهبي والتي حققت نجاحاً كبيراً.
مخرج أول فيلم روائي
في ذلك الوقت استعانت السيدة عزيزة أمير بإستيفان روستي وهي أول سيدة تنتج فيلماً سينمائياً وهو فيلم ليلي عام 1927، بعد فشل المدعي التركي وداد عرفي في إخراج الفيلم، لذا وضع إستيفان خبرته السابقة في إخراج الفيلم بمساعدة عزيزة إمير نفسها وصمموا بأنفسهم الملابس والديكور ووضعت عزيزة الموسيقى للفيلم وساعدهم أحمد جلال في إعادة صياغة القصة.. ونجح إستيفان والمجموعة في إخراج الفيلم وعرض لأول مرة في 16 نوفمبر 1927 في نفس اليوم الذي كان يحتفل فيه إستيفان بعيد ميلاده السادس والثلاثون في حفل حضره طلعت باشا حرب وأمير الشعراء أحمد شوقي وحشد من الفنانين والصحفيين.. وبعدها سارت عجلة السينما في مصر.
مؤلف ومخرج وممثل
لم يكن فيلم ليلي هو الوحيد الذي أخرجه إستيفان، فهناك العديد من الأفلام التي أخرجها مثل عنتر أفندي عام1935، والورشة 1940، وابن البلد عام 1942، وأحلاهم 1945، وجمال ودلال عام 1946، كما كان لإستيفان روستي فضـلاً عن التمـثيل والإخـراج موهـبة التألـيف، فقد شارك في تأليف فيلم ابن ذوات عام1953 بطولة نجاح سلام وإسماعيل يس، وشارك زكي صالح تأليف فيلم قاطع طريق الذي مثله مع هدي سلطان ورشدي أباظة عام 1958 كذلك شارك في تأليف فيلم لن أعترف عام 1961 .. تفرغ بعد ذلك إستيفان روستي للتمثيل فقط ووجد نفسه محصوراً في أدوار الشر الظريف، ولم تعد أفلام السينما تخلو من وجود إستيفان روستي كعنصر للشر، لكن للحق نرصد أن شر إستيفان لم يكن به عنف أو دماء، بل حرص أن يكون شره مقبولاً وأضفى العديد من اللزمات في أدواره، منها نشنت يا فالح ؟ و مدام تسمحي لي بالرقصة دي؟.
رحيل زكي بشتكها
في مساء 12 مايو ذهب إستيفان روستي كعادته إلى مقهى سفنكس بشارع سليمان الحلبي ليلعب الطاولة كعادته، لكنه شعر بتعب مفاجئ نقله على أثره أصدقاءه إلى صديقه اليوناني الطبيب باراسكيفاس الذي اكتشف جلطة في قلب إستيفان ونصحهم بنقله إلى منزله بشارع دويريه القريب من المقهى.. وفي المنزل بعد ساعة تقريباً أسلم إستيفان الروح عن عمر يناهز 73 عاماً.