صلاح قابيل.. لاحقته شائعة الدفن حيًا والنزيف أودى بحياته
ملامح تحمل قدر كبير من الهيبة، وتختلط فيها الطيبة بالشر في آن واحد، يجيد تطويعها لصالحه، تارة يقنعك أنه طيب القلب مظلوماً يبحث عن حقه الضائع وتارة أخرى شرير يستحق العقاب، هو المعلم "حمدان" في "المدبح"، و"العميد عادل" في "بطل من ورق"، والمجرم "عسران الضبع" في "الهلفوت"، و"علام السماحي" في "الحلمية"، والسياسي "خالد مدكور" الذي أضاعته الراقصة، هو الفلاح والنصاب ورجل الأعمال والضابط، وصاحب كل الشخصيات الفنان الكبير صلاح قابيل.
ولد صلاح قابيل في قرية نوسا الغيط بمركز أجا محافظة الدقهلية، في مثل هذا اليوم من عام 1937، انتقل مع أسرته للعيش في القاهرة بحي مصر القديمة، ما إن أنهى دراسته الثانوية حتى التحق بكلية الحقوق، ولكن نداهة الفن خطفته ليترك دراسته في الحقوق ويلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
فور تخرجه من المعهد التحق بفرقة مسرح التليفزيون، ومنها كانت البداية، إذ قدم عدة مسرحيات أبرزها "اللص والكلاب، شيء في صدري، ليلة عاصفة جداً" لفتت موهبته أنظار المخرجين ليتم إسناد أدواراً صغيرة له في عدة أفلام بدأها بفيلم "بين القصرين" 1962 للمخرج حسن الإمام في دور "فهمي عبد الجواد"، وفي العام التالي "زقاق المدق" 1963، وتوالت أعماله في فترة الستينيات فى عدة أفلام أبرزها "هارب من الأيام" و"الدخيل".
مطلع السبعينيات شارك صلاح قابيل في نحو 23 فيلماً أبرزها "نحن لا نزرع الشوك، أغنية على الممر، الشيطان والخريف، امرأة من القاهرة، لا شئ يهم"، وفي مطلع الثمانينات اتجه ناحية التليفزيون وشارك في مسلسل "زينب والعرش" 1980، وقبل تصوير المسلسل أخذ رأي أولاده في الدور ولم يلقى اعجابهم على الورق ولكنه صمم على أداء الدور وقدمه بشكل متقن.
لم تكن مساحة الدور تشغل صلاح قابيل بقدر أن يعيش دوره ويترك خلفه بصمة، وفي نفس العام قدم مع عادل إمام "دموع في عيون وقحة"، وتوالت أعماله الدرامية أبرزها "عصر الحب، أبواب المدينة 2، غداً تتفتح الزهور، علي الزيبق، الحب وأشياء آخرى، بكيزة وزغلول".
نحو 25 فيلما حصيلة صلاح قابيل في فترة الثمانينات؛ أبرزها "الهلفوت" في دور "عسران الضبع" القاتل المأجور، و"المدبح" مع نادية الجندي، و"الحرافيش" في دور "عتريس"، والكاتب "رشاد عويس" في "البرئ" مع أحمد زكي.
وحقق نجاحا كبيرا في دور "العقيد عادل" في "بطل من ورق" مع ممدوح عبد العليم، وقدم مع محمود عبد العزيز "يا عزيزي كلنا لصوص" في دور "عبد الله بهنس".
وفي فترة التسعينيات قدم للسينما نحو 22 فيلما أبرزها "الراقصة والسياسي" 1990 مع نبيلة عبيد في دور "خالد مدكور"، وعدة أفلام منها "مسجل خطر، تصريح بالقتل، دنيا عبد الجبار"، وفي التليفزيون "ضمير أبلة حكمت، رجل آيل للسقوط"، ووصل عدد أفلامه إلى 72 فيلماً.
وعمل "قابيل" في هدوء ولم يتعرض للشائعات خلال مشواره الفني، ولكن بعد وفاته طاردته الشائعات التي لا تمت للواقع بصلة؛ أولها زواجه من الفنانة وداد حمدي، ولكنه لم يتزوج إلا مرة واحدة من سيدة خارج الوسط الفني وأنجبا 4 أبناء "آمال ودنيا وصفاء وعمرو".
وكانت الشائعة الثانية هي الأغرب والأشهر وهي دفنه حيا بعد أن أصيب بغيبوبة سكر جعلت الأطباء يعتقدون أنه مات وبعد دفنه فاق من غيبوته ليجد نفسه داخل القبر ليبدأ في الصراخ وبعد فشله في الخروج أصيب بأزمة قلبية ومات على سلالم القبر، الرواية الخيالية قابلها نفي من نجله "عمرو" في عدة حوارات صحفية، ونفي من "التُربي" الذي دفن جثمان صلاح قابيل خلال حديثه مع الإعلامي عمرو الليثي في برنامج "واحد من الناس".
أصيب صلاح قابيل في الأول من ديسمبر 1992 بنزيف في المخ ودخل في غيبوبة، وتدهورت حالته الصحية وفي يوم 3 ديسمبر توفي داخل المستشفى، وبعد وفاته تم حذف دوره "علام السماحي" من سيناريو مسلسل "ليالي الحلمية" الجزء الخامس، باعتباره ميتاً، رحل "قابيل" وبقيت أعماله شاهدة على موهبته وإخلاصه لمهنته التي منحها الباقي من عمره.