الملء الثاني لسد النهضة.. خبراء يوضحون تداعياته والنتائج المتوقعة لجلسة مجلس الأمن
واصلت إثيوبيا تعنتها وسياستها الأحادية في أزمة سد النهضة، بشان الملء الثاني لسد النهضة، والذي ترفضه كل من مصر والسودان لما له من أضرار على كلتا الدولتين، مع ترقب لجلسة مجلس الأمن التي ستعقد الخميس المقبل بدعوة من مصر والسودان، حيث توجه وزير الخارجية سامح شكري إلى نيويورك أمس للتحضير لتلك الجلسة.
فيما قالت إثيوبيا إنها ستنفذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة خلال موسم الأمطار الذي يبدأ في يوليو، موضحة في رسالة موجهة إلى مجلس الأمن الدولي أن الملء الثاني لسد النهضة سيتم وفقا للجدول الزمني الذي تم الإعلان عنه سابقا.
فيما أكد خبراء بالموارد المائية أن إثيوبيا بدأت بالفعل الملء الثاني لسد النهضة وإن كان بكمية أقل من التي كان مخططا لها من قبل، بسبب مشاكل هندسية، حيث ستكون الكمية المقرر حجزها نحو من 3 إلى 5 مليارات متر مكعب من المياه وليس 13.5 مليار متر مكعب كما كان معلنا في السابق.
وبشأن الجلسة المرتقبة في مجلس الأمن الخميس المقبل، أوضحوا أنه من المتوقع أن يصدر مجلس الأمن توصيات باستمرار التفاوض، لكن من المفضل أن يعين لجنة دولية كوسيط، لأن استمرار التفاوض بدون وسيط دولي سيجعلها بدون نتيجة كالسنوات العشر الماضي، مشددين في الوقت نفسه على أن مصر والسودان ترفضان أي تصرف أحادي من الجانب الإثيوبي.
تفاصيل الملء الثاني لسد النهضة
وفي هذا السياق، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا بدأت فعليا الملء الثاني لسد النهضة خلال الساعات القليلة الماضية، لاستكمال تخزين المياه بعد ملء 5 مليارات متر مكعب خلال الملء الأول العام الماضي، تم تفريغ مليار منها لكن إثيوبيا أعادت تخزينه الأسبوع الماضي، وبدأت الملء الثاني.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال" أنه من المتوقع أن تصل كمية المياه بعد الملء الثاني إلى نحو 8 مليارات متر مكعب بعد أسبوعين، أي سيكون التخزين الثاني بكمية 3 مليارات متر مكعب، مشيرا إلى أن إثيوبيا لديها عدة مشاكل هندسية في الإنشاءات وسيكون التخزين الثاني محدودا، نتيجة الصعوبات التي تواجهها.
وأشار شراقي إلى أن الملء الثاني كان مقررا له أن تكون كميته 13.5 مليار متر مكعب وانخفض إلى نحو 3 مليارات متر مكعب حاليا، ومن المقرر أن ينتهي بعد أسبوعين من الآن، وستمر مياه الفيضان فيما بعد من أعلى جسم السد إلى مصر والسودان، مضيفا أن إثيوبيا تسمح بتمرير كميات بسيطة من المياه إلى مصر والسودان من خلال فتحتين في السد إثيوبيا فتحتهما منذ شهرين تقريبا.
وأضاف أن هاتين الفتحتين تمرران نحو 50 مليون متر مكعب في اليوم، والأمطار حاليا تقدر بنحو أكثر من 150 مليون متر مكعب يوميا، يمرر 50 مليون منها ويتبقى 100 مليون للحجز، ومع الأيام المقبلة ستزداد كمية الأمطار، حتى أغسطس حيث سيكون الإيراد اليومي أكثر من 600 مليون متر مكعب يوميا وجميعها ستمر من أعلى جسم السد.
وعن موقف مصر والسودان، أكد خبير الموارد المائية أنهما يرفضان أي ملء بأي كمية، وأرسلتا إلى مجلس الأمن عدة خطابات وحُددت جلسة الخميس المقبل لمناقشة القضية، مضيفا أن تصريحات المندوب الفرنسي غير مطمئنة حيث قال إن المجلس ليس بإمكانه عمل شيء سوى دعوة الدول الثلاثة لاستمرار التفاوض، وهو أمر لا يكفي.
ولفت إلى أن تأثير الملء الثاني بكمية 3 مليار أهون بكثير من الكمية التي كانت محددة سلفا وهي 13.5 مليار متر مكعب، والسد العالي تلجأ إليه مصر عند أي نقص في المياه، مضيفا أن هذا الاحتياطي هو لسنوات قد يكون جفاف وغير معلوم متى ستأتي، فقد تكون هناك سنوات جفاف في الأمطار، وسحب كميات كبيرة من المياه في السد العالي يعرض البلاد للخطر، لأن هذا المخزون يحمي مصر من أي مشاكل قد تواجهها مثل الجفاف أو تهديدات كما في حالة سد النهضة.
وأكد أن المواطن المصري لن يشعر بأي شيء من تداعيات الملء الثاني نتيجة أن وزارة الري ستعوض هذا النقص من بحيرة السد العالي، مضيفا أن الموقف الدولي من إثيوبيا وسياستها المتعنتة يتوقف على قرارات مجلس الأمن، ومن المتوقع أن يصدر مجلس الأمن توصيات باستمرار التفاوض، لكن من المفضل أن يعين لجنة دولية كوسيط، لأن استمرار التفاوض بدون وسيط دولي سيجعلها بدون نتيجة كالسنوات العشر الماضية.
وأشار إلى أن مجلس الأمن قادر على رعاية المفاوضات ويعين بعض المنظمات الدولية كوسطاء في التفاوض ويحدد فترة زمنية لهذه المفاوضات لأنه لا يجوز استمرار التفاوض إلى مدى بعيد، مضيفا أنه من المهم أيضا أن يوصي المجلس بعدم اتخاذ أي قرار أحادي من أي طرف من الأطراف الثلاثة في الفترة المقبلة لتعقيد المشكلة، لأن التخزين الثاني لا يمكن منعه لأسباب هندسية.
وكشف عن استعداد إثيوبيا لبدء التخزين الثالث بعد موسم الفيضان وإن لم يكن هناك اتفاقا قبل تلك الخطوة ستزداد الأمور تعقيدا، مضيفا أنه يمكن أن يصدر مجلس الأمن قرارا بوقف أي إنشاءات في سد النهضة لحين الانتهاء من التفاوض وهو أمر يتوقف على قوة مصر وعلاقاتها بالدول العظمى الأعضاء في مجلس الأمن، والجميع ينتظر ما سيسفر عنه اجتماع المجلس الخميس المقبل.
6 مليارات متر مكعب
ومن جانبه، قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا بعد تعلية الحاجز الأوسط لسد النهضة بدأت حجز المياه في بحيرة السد لذلك قامت بفتح فتحتين لإخراج كميات من المياه إلى مصر والسودان تعويضا عن بدء حجز مياه النيل الأزرق، لكنها لن تتمكن من تعلية الحاجز إلى 30 متر كما كانت تستهدف وسيكون طوله 13 مترا فقط.
وأوضح في تصريح لبوابة دار الهلال أن هذا سيخفض المخزون الذي يمكن أن تخزنه في الملء الثاني للسد هذا العام إلى ما بين 5 أو 6 مليار متر مكعب بدلا من 13.5 مليار متر مكعب، مضيفا أن الفتحتين السفليتين للسد لن تعوضان مصر عن هذه الكمية لأنها تمرر من 60 إلى 70 مليون متر مكعب يوميا أي نحو 1.8 مليار متر مكعب في الشهر فقط بينما كانت مصر تستقبل أثناء الفيضان 11 مليار متر مكعب في يوليو ونفس الكمية في أغسطس.
وأضاف نور الدين أن الكمية التي ستستقبلها مصر هذا العام ستسبب الصدمة المائية والذي يجب البحث عن تعويض لهذه الكمية وكيفية تدبيرها هل هناك مخزون في بحيرة السد يمكنه تعويضها أو البحث عن سبل أخرى، موضحا أنه لهذا السبب يجب الاتفاق بين الدول الثلاث قبل الملء في أي مرحلة حتى تستطيع الدول تدبير بدائل للكمية المرتقب تخزينها.
وحول كمية النقص الذي سيسببه الملء الثاني للسد في حصة المياه لمصر والسودان، أشار إلى أنها ستكون بين 5 أو 6 مليار متر مكعب، وهو قد يكون متعمدا من إثيوبيا بعدم تعلية الجدار للتهدئة مع مصر والسودان خاصة بعد للمناورات العسكرية التي أجرتها مصر والسودان مرتين معا نسور النيل وحماة النيل، والتي كانت رسالة لإثيوبيا أن مصر جادة للدفاع عن حقوقها في المياه.
وبشأن جلسة مجلس الأمن المرتقبة الخميس المقبل، أكد أن وزير الخارجية سامح شكري توجه إلى نيويورك أمس للتحضير لتلك الجلسة والاجتماع مع الأعضاء الدائمين في المجلس كل على حدى لإقناعهم بعدالة الموقف المصري، وأنها لا تعرض الموضوع على مجلس الأمن لتحديد حصص مائية أو شكوى التعنت الإثيوبي في المفاوضات.
وأوضح أن هناك قانونا لمياه الأنهار الدولية العابرة للحدود صادر عن الأمم المتحدة وهو القانون سنة 1997 وتم اعتماده في 2007، والسد الإثيوبي به مخالفات جسيمة لهذا القانون وينبغي لمجلس الأمن أن يبحثه، حيث أقامت إثيوبيا سد كبيرا وهي دولة منبع وهو أمر محظور في القانون وأهملت الإخطار المسبق والتعاون مع شركاء النهر وأهملت أيضا عدم الضرر لأي سدود سابقة لها أو مخازن مياه وهي السدود الموجودة في السودان ومصر، وبالتالي هي شكوى مصر من مخالفات لقانون أممي، لذلك لا ينبغي للاتحاد الأفريقي بحثها لأن القانون صادر عن الأمم المتحدة.
ولفت إلى أنه طبقا للبند السادس سيصدر مجلس الأمن توصية بشأن السد ولكن مصر تأمل أن يكون هناك خطوة أكثر جدية بإحالة الأمر لخبراء البنك الدولي لتحديد الأضرار المتوقعة من السد على مصر والسودان أو لجنة من خبراء منظمة الأمم المتحدة للمياه لمعاينة وتحديد وتقرير أضرار السد على مصر والسودان ثم ينظرها مجلس الأمن في اجتماعه القادم إذا قرر انتداب لجنة من الخبراء لتحديد تلك الأضرار.