رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الطاقة الكهربائية الذكية فى مصر

6-7-2021 | 17:51


د. علي عبدالنبي ,

 

منظومة الطاقة الكهربائية فى مصر تتكون من قطاعات مختلفة، مثل قطاع توليد الكهرباء، وقطاع نقل الكهرباء، وقطاع توزيع الكهرباء.

قطاع توليد الكهرباء يعتبر أهم قطاع، فهو القطاع الحاكم، وبدونه لا توجد طاقة كهربائية، ويتكون من محطات توليد كهرباء مختلفة، وذلك طبقا لمبدأ "خليط الطاقة". وخليط الطاقة المقصود منه تنوع المصادر التى تستخدم فى توليد الطاقة، وعلى سبيل المثال نجد محطات طاقة مائية، ومحطات طاقة شمسية، ومحطات طاقة رياح، ومحطات تعمل بالغاز الطبيعى أو السولار أو المازوت. لكن طبقا للخطة الاستراتيجية لقطاع الكهرباء "خليط الطاقة"، فمن المتوقع خلال 6 سنوات من الآن، أن ينضم لهذا الأسطول من محطات توليد الكهرباء، مصدر جديد لتوليد الكهرباء، وهو المصدر النووى "محطة الضبعة النووية". محطة الضبعة النووية لها فوائد كثيرة على منظومة الطاقة الكهربائية فى مصر.

الكهرباء المنتجة من محطات التوليد، مطلوب نقلها للمستهلك، وهنا تأتى مسئولية قطاع نقل الكهرباء وقطاع توزيع الكهرباء. يقوم قطاع نقل الكهرباء باستلام الكهرباء من محطات التوليد على الجهدين الفائق والعالى، وضخها على شبكة النقل، ونقلها لمسافات بعيدة عن طريق خطوط هوائية أو كابلات أرضية، ومحطات محولات، وتسمى بالشبكة الموحدة، تبدأ من السد العالى بأسوان وحتى القاهرة، كما أنها تتفرع جنوبا للربط مع السودان، ومن القاهرة تتفرع شرقا حتى تصل لمدن القناة وللربط مع الأردن، وتتفرع شمالا لتغطى الدلتا، وتتفرع غربا للإسكندرية وللربط مع ليبيا

إمداد الكهرباء للمستهلك سواء كان منازل أو قطاع صناعى أو زراعى أو تجارى، يقوم بها قطاع توزيع الكهرباء، وهى عبارة عن شركات لتوزيع الكهرباء. شركات توزيع الكهرباء تقوم باستلام الكهرباء على الجهدين المتوسط والمنخفض، وتقوم بتوزيعها على المشتركين، عن طريق شبكات توزيع كهرباء، وهى تشمل كابلات أرضية أو خطوط هوائية، ومحولات

بعد إنشاء السد العالى تم إنشاء الشبكة الكهربائية الموحدة، وتطلب ذلك مجهوداً بدأ من سنة 1964، للربط بين الشبكات التى كانت تختلف فى نوع التيار "متردد أو مستمر"، وفى قيمة جهد التيار الكهربى وتردده، وأدى ذلك إلى توحيد جهد التيار ونوعه وتردده، على مستوى شبكات النقل والتوزيع.

وبعد هذا العرض نستطيع أن نقول: أن الشبكة الكهربائية هى شبكة مترابطة لتوصيل الكهرباء من محطات التوليد إلى المستهلك. تختلف الشبكات الكهربائية فى الحجم، يمكن أن تغطى دولة أو عدة دول أو قارات بأكملها. والمكونات الرئيسية للشبكة هى، محطات توليد كهرباء، محطات تخزين كهرباء، ومحطات محولات لرفع أو خفض الجهد، وشبكات نقل هوائية أو كابلات أرضية ذات الجهد الفائق والعالى لنقل الطاقة الكهربائية لمسافات طويلة حتى تصل لشركات التوزيع، ثم شبكات توزيع من كابلات أرضية أو هوائية ذات الجهد المتوسط والمنخفض لتوصيل الكهرباء للمشتركين.

دائما مع شبكة الكهرباء التقليدية يتواجد مركز تحكم قومى "تقليدى"، ومراكز تحكم إقليمية، وهى تعمل من خلال الحاسبات الآلية. يقوم مركز التحكم القومى بمتابعة حالة الشبكة بالكامل، ويشرف على تشغيلها، ويحافظ على استقرارها، ويقوم بتوزيع الأحمال بالشكل المناسب، ويراقب خطوط ودوائر الجهد الفائق والعالى، كما يسمح له بتشغيل وإيقاف محطات توليد الكهرباء، سواء كانت وحدات تقليدية أو محطات طاقة شمسية أو مزارع طاقة رياح أو طاقة مائية. محطات التوليد يتم متابعة تشغيلها ومتابعة أحمالها من مركز التحكم مع مشغل المحطة. وفى حالة انقطاع التيار، يتم تحديد المنطقة ويتم الاتصال بمركز التحكم التابعة له هذه المنطقة، ويتم تحديد خطوط بديلة لتوصيل التيار لحين إصلاح العطل. أما بخصوص شبكات الجهد المتوسط والمنخفض، نجد أن مركز التحكم القومى يقوم بتسليم أحمال الكهرباء لمراكز التحكم الإقليمية المسئولة عن هذه الشبكات، والتى تقوم بإدارة التشغيل وتحديد الأحمال وكشف الأعطال، وما إلى ذلك .

معظم مكونات الشبكة الكهربائية التقليدية تعمل بالحاسبات الآلية، لكن دائما التفاعل هو فى اتجاه واحد، من مركز التحكم التقليدى والذى يعمل بالحاسبات الآلية، إلى عناصر الشبكة المختلفة، مثل محطات التوليد ومحطات المحولات ودوائر الربط الكهربى، ولذلك فهى تسمى منظومة طاقة تقليدية.

منظومة الطاقة الذكية، تعمل أيضا من خلال الحاسبات الآلية، لكن هناك تفاعل بين مكونات الشبكة، وبذلك يكون التفاعل فى اتجاهين، ومثال على ذلك، يكون هناك تفاعل متبادل بين محطات التوليد ومحطات المحولات ومحطات تخزين الكهرباء والمستهلك، وهو أسلوب عمل ثنائى الاتجاه. فالمنظومة الذكية تعمل على دعم نظم نقل وتوزيع الكهرباء، للحفاظ على بنية تحتية للطاقة الكهربائية قوية وذات موثوقية عالية وآمنة، وتساهم بشكل كبير في تحسين كفاءة منظومة الطاقة الكهربائية، ويمكنها التوسع بلا حدود، لتلبية نمو الطلب المستقبلى على الطاقة الكهربائية.

تشغيل المنظومة الذكية يعتمد على جمع معلومات عن كل جزء وكل عنصر من مكونات المنظومة، من نقاط الاستهلاك، والتوليد والنقل والتوزيع والتخزين، ولوحات التوزيع وقواطع الدوائر، ومن ثم يتم التعديل فى تشغيل الشبكة والمناورة بناء على هذه المعلومات، وهى معلومات دقيقة وضخمة جدا، وبناء على نتائج تحليل هذه المعلومات تتخذ القرارات والأوامر التشغيلية والتصحيحية آليا، وبذلك يمكن حل مشاكل المنظومة فى أسرع وقت، وكذلك يتم التحكم فى تشغيل وإيقاف مكونات الشبكة، طبقا لما يتطلبه العنصر الفنى للمكونات والعنصر الاقتصادى والعنصر البيئى والبيانات المتنبأ بها عن أحوال الطقس. ولا ننسى أن هذه الشبكة تتفاعل مع المستهلك من خلال بيانات استهلاكه للكهرباء، وتستطيع شراء ما ينتجه من كهرباء، فى حالة امتلاكه وحدات توليد طاقة متجددة.

تستطيع أن تشاهد مدى أهمية منظومة الطاقة الذكية من خلال إدارتها لأصعب جزء فى المنظومة، وهى شبكات توزيع الكهرباء، هذه الشبكات متشعبة داخل شوارع مدن وقرى الجمهورية، وتواجه مخاطر معظمها من صنع الإنسان، مثال لذلك: سرقات الكهرباء وزيادة الأحمال عن قدرة المحولات فى كثير من المناسبات. الإجراءات التصحيحية المبنية على نتائج تحليل مراكز التحكم فى الشبكة الذكية للبيانات الضخمة، والمتعلقة باستهلاك الكهرباء، وكذلك من خلال التنبؤ بالمشاكل أو الأعطال المحتمل حدوثها بالشبكة ومع تحديد الأماكن، تكون المنظومة الذكية قد عززت من قدرات الشبكة الفنية ورفعت من كفاءتها، وقللت من الفقد فى الطاقة الكهربائية.

بذلك نستطيع أن نقول: أن جميع عناصر المنظومة الذكية تطبق المعالجة الرقمية والاتصالات الرقمية على شبكة الطاقة بالكامل، حيث تمكنها من إرسال واستقبال المعلومات بمرونة، فهى تعمل من خلال التواصل بين عناصرها ومكوناتها، من لحظة توليد الكهرباء حتى عداد كهرباء المشترك، فهناك لغة للتخاطب فيما بينهما. الشبكة الذكية تتولى إنتاج الطاقة وتنسق استهلاكها، مع تحسين ديناميكية عمليات الشبكة ومواردها، من أجل ضمان نظام طاقة مستدام وفعال اقتصاديا، وزيادة كفاءة التشغيل مع خسائر منخفضة ومستويات جودة عالية فى تقديم خدمة إمداد الطاقة، مع الأمن السيبرانى الكامل، لضمان أمن وسلامة الإمداد بالطاقة. كذلك تقوم بإنشاء بيئات افتراضية للتنبؤ باحتياجات الصيانة فى الشبكة وتقليل نفقات الإصلاح.

على سبيل المثال، فى حال تضرر أحد خطوط النقل أو خطوط التوزيع، وحدث انقطاع للتيار الكهربائى، تقوم مجسات الاستشعار مع أجهزة الشبكة الذكية، بجمع وتحليل البيانات، وإعادة توجيه التيار الكهربائى أو التغذية بتيار كهربائى من مصدر آخر، وكذلك إبلاغ أطقم صيانة الشبكة بالحاجة إلى أعمال الإصلاح. تستطيع شبكة الطاقة الذكية التنبؤ بأحوال الطقس بواسطة الذكاء الاصطناعى، وتتوقع حالة  الغيوم والرياح، والتنبؤ بالأماكن التى قد تضربها العواصف والمدة التى قد تستغرقها، وتقوم بالانتقال آليا من الإنتاج المعتمد على الطاقة الشمسية والرياح إلى البدائل، مثل محطات الطاقة الأحفورية أو الطاقة النووية، من أجل ضمان استمرار الإمداد بالكهرباء. ديناميكية المناورة فى  الشبكات الذكية تعطيها القدرة على إيجاد حلول بديلة لإنتاج الكهرباء وتوصيلها، وحلول بديلة لخطوط نقل وتوزيع الكهرباء فى حالة حدوث أعطال بها، فهى أكثر مرونة من الشبكة التقليدية، وبذلك تقلل من احتمالية انقطاع التيار الكهربائى للمستهلكين. وفى حالة وجود فائض فى كميات الطاقة عن الحاجة، فتقوم المنظومة الذكية بتخزين الطاقة الزائدة عن الحاجة أوتوماتيكيا فى وحدات التخزين المتاحة.

القلب النابض لمنظومة الطاقة الذكية هى مراكز التحكم الذكية، ولذلك فلقد أولت الخطة الاستراتيجية ضمن خطة خليط الطاقة اهتماما خاصا بمراكز التحكم. فشبكة مراكز التحكم الذكية سوف تغطى الجمهورية، وهى تشمل مركز تحكم قومى فى الطاقة لشبكة الكهرباء الموحدة ومقره العاصمة الإدارية الجديدة، و 6 مراكز تحكم إقليمية خاصة بشبكات نقل الكهرباء، وهى تغطى 6 مناطق على مستوى الجمهورية، وهى القاهرة الكبرى، والإسكندرية، والقناة، والدلتا، ومصر الوسطى، ومصر العليا، ثم هناك 47 مركزا خاصا بشبكات التوزيع على مستوى الجمهورية. المنظومة الذكية يمكنها التوسع، سواء فى عدد محطات التوليد وتنوعها أو فى شبكات النقل أو شبكات التوزيع أو فى زيادة مراكز التحكم. ولاكتمال عمل المنظومة الذكية، فسوف تعمم العدادات الذكية على مستوى الجمهورية.

منظومة الطاقة الذكية فى مصر، معناها العالمية، وأبناء مصر مشهود لهم بالتميز على مستوى العالم، ومصر تستطيع بأبنائها إعادة مجدها.