قانون الأحوال الشخصية الجديد للمسيحيين.. هل يكفي لإنهاء معضلة الزواج والطلاق؟
مع قرب ظهور قانون الأحوال الشخصية للأسر المسيحية الجديد إلى النور، عقب الانتهاء من المسودة النهائية له، وموافقة الكنائس المصرية، بجميع طوائفها عليه، تمهيدًا لإرساله إلى لجنة التشريعات بمجلس النواب، في الانعقاد الأول بالدورة الثانية له، ليتم الموافقة عليه وتنفيذه أمام دوائر المحاكم المختصة للعمل به، فهل يحل هذا القانون معضلة الزواج والطلاق لدى المسيحيين؟
روشتة سحرية لحل المشكلة
قال القمص اثناسيوس فوزى، عضو المجلس الأكليريكي الإقليمي، للصعيد، إن الرؤية المسيحية في الأحوال الشخصية، تقتصر على نقطتين، هما "المشكلة وعلاجها"، موضحًا أن المشكلة التي تواجه الأسر المسيحية، تحتاج في حلها إلى الاعتماد على الأساس التربوي السليم، كالنشأة الأولى، والبيئة، والتربية الكنسية، والروحية، بالإضافة إلى ضرورة النضج اللازم للزواج.
وأوضح "فوزي" في تصريح خاص لـ"دار الهلال"، أن المشكلات الأسرية، التي تعرض على المجلس الأكليريكي، من الآسر المسيحية، وخلال مناقشتها كان أساسها الرئيس هو سوء الاختيار قبل الزواج، وتدخل الأهل من الطرفين في الشؤون الداخلية المختصة بالزوجين، وعدم الفطام عن الأب والأم، لافتًا إلى أن الظروف التي تواجه الأسرة هي تشويه مفهوم العلاقة الزوجية، والبطالة وتعظم المعيشة والغلاء وسوء التدبير المنزلي والأنا والذات والكبرياء.
وأضاف عضو المجلس الإكليريكي الإقليمي، أن من أبرز المشاكل التي تواجه الأسر المسيحية هو أن بيت الزوجية مبني علي الرمل وليس مؤسس علي الصخر، مؤكدًا أن البيت المسيحي الذي لم يدخله المسيح من الباب يتسلل إليه الشيطان من الشباك
وأشار إلى أن علاج تلك المشاكل التي تواجه هذه الأسرة، يكمن في العودة إلى الحق الإلهي والكتابي، كما أوصى به الكتاب المقدس، وهي الوصية التي تقرأ خلال عقد مراسم إكليل الزواج للعروسين (متي 19: 1-6)، مؤكدًا أن هناك 7 أساسيات تحفظ سلامة الأسرة المسيحية، أولاً هي: " كلمة الله على الكنيسة وعلى التعليم النقي، والنشأة الروحية والكنسية وتصحيح المفاهيم التي يحاول العالم تشويهها، التي تبدأ منذ طفولة الزوجين، قبل أن يكبرا ويصيرا إلى كرسي الإكليل".
ثانيا: تبعته جموع كثيرة وهي: "التغيير بالتوبة بعمل النعمة الذي يشفي الإنسان من تشوهات الأنا والذات والشهوة والخطيئة"،
ثالثًا: بحسب ما أشار الكتاب المقدس، فيما سأل أحد الفريسين للسيد المسيح ليجربه قائلًا: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ؟» 3 فَرَدَّ عَلَيْهِمْ سَائِلاً: 4 «بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ مُوسَى؟» فَقَالُوا: «سَمَحَ مُوسَى بِأَنْ تُكْتَبَ وَثِيقَةُ طَلاقٍ ثُمَّ تُطَلَّقَ الزَّوْجَةُ». 5 فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «بِسَبَبِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ مُوسَى هَذِهِ الْوَصِيَّةَ. 6 وَلكِنْ مُنْذُ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ جَعَلَ اللهُ الإِنْسَانَ ذَكَراً وَأُنْثَى. 7 لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَتَّحِدُ بِزَوْجَتِهِ، 8 فَيَصِيرُ الاِثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. فَلا يَكُونَانِ بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَداً وَاحِداً. 9 فَمَا جَمَعَهُ اللهُ لَا يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». ( مر 10 2- 10)، موضحًا أن كل ما كان يهم الفريسين هو الطلاق فقط ولكن السيد المسيح أجابهم وأوضح لهم أن القصد الإلهي من البدء هو بأن خلقهم ذكرًا واثنى، أما المفهوم الرابع أن يترك الرجل هنا أباه وأمه ويلتصق بأمراته .
وشدد القمص أثناسيوس فوزي، على ضرورة عدم تدخل الأهل من الطرفين، في شؤون الزوجين، كما نصح للزوجين، بالتدرب على الفطام العاطفي، وتطبيق وصية الترك والنسيان دون الجور على حق أحد، لكن يبقى تكريم الزواج، وإعلاء شأنه هو الهدف.
ولفت إلى أن مفهوم الالتصاق تم تشويهه، وتحول لمفهوم جنسي جسدي فقط، مؤكدا أن الالتصاق هنا، هو التصاق النفس بالله، والتفاهم بالطاعة والحُب والعشرة، ثم يليها الاتحاد بالتناول من الأسرار المقدسة.
وأوضح أن مفهوم الاتحاد، وهو سر عجيب من أسرار الروح القدس، الذي يحل على العروسين خلال صلاة الإكليل، ليتحدا، ولا نفهمه، لكن نؤمن به ونحياه، وليس يعني أن طرفا يلغي الآخر، أو يدوس عليه، لكن تمايز واتحاد، وأخيرًا العلة، وهي أن الاتحاد الزوجي في سر الإكليل لا توجد قوه تفصله، لا إنسان ولا زمان ولا مكان، إلا بعله الخطيئة (الزنا) أو الموت.
وأوضح أن ما يحدث أو يصدر من قرارات تصريح زواج ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، ولكن لكل ملف خصوصيته وأسراره، مؤكدًا أن يتم دراسته دراسة جيدة جدًا، مع استيفاء الأوراق القانونية والتقارير السرية بدقة متناهية، حتى يستريح ضمير الكنيسة المتمثلة في قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، والأساقفة والآباء الكهنة أمام الله والروح القدس لقرارات المجلس الاكليريكي بشان تصاريح الزواج.
متى يجوز للمسيحيين الزواج الثاني عبر التواصل الاجتماعي؟
قال القس دوماديوس عوض، مُدرس القانون الكنسي والأحوال الشخصية بالكلية الإكليريكية، سكرتير المجلس الإكليريكي بإيبارشية البلنيا للأقباط الأرثوذكس، إن أبرز المشاكل التي تواجهها الآسر المسيحية، هي: تدخل الأهل من الطرفين في الحياة الزوجية، والعناد، والشك، موضحًا أن تكوين علاقات عن طريق الإنترنت، والمخدرات، وعدم الإنفاق، هي أسس المشاكل التي تواجه الزوجين.
وأوضح " دوماديوس" في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن هناك فروقا كبيرة بين أسباب البطلان وأسباب التطليق في المسيحية، فالأولى تتنتج عن الإكراه أو العجز الجنسي عند المرأة أو الرجل، فضلًا عن السن، أي الزواج قبل سن 18 سنة، لافتًا إلى أن عدم قانونية إتمام الزواج خارج الكنيسة، أو على يد كاهن، أو موقوف، أو بالمجنون المطبق، أو الغش في غشاء البكارة، أو الغش في الشخص، فهذه الحالات يعتبر فيها الزواج باطلا.
وأضاف أن من أسباب بطلان الزواج هو أن يكون هناك وجود أمراض تؤدي إلي الوفاة قبل الزواج وإخفائها علي الطرف الثاني مثل أمراض، القلب والفيروس الكبدي في مراحله الأخيرة وغيره.
وعن أسباب التطليق في المسيحية، كشف مُدرس القانون الكنسي والأحوال الشخصية بالكلية الإكليريكية، سكرتير المجلس الإكليريكي بايبارشية البلنيا للأقباط الأرثوذكس، أن الزنا الفعلي أو الزنا الحُكمي مثل هروب الزوجة من منزل الزوجية دون ادن الزوج وجود مكاتبات تفيد وجود علاقة أثمة، أو اعتراف الزوجة بوجود علاقة أثمة وتحريض الزوج للزوجة علي ارتكاب الخطيئة.
وعن ظهور صفحات إلكترونية تعلن عن توافق الزواج للأرامل أو من حاصل علي تصريح بالزواج الثاني، قال القس دوماديوس، إذا حصل شخص علي تصريح الزواج الثاني من المجلس الاكليريكي فلا يوجد مانع من زواجه مره أخرى، ومن الممكن أن تكون هذه المواقع وسيلة للتعارف، لافتًا إلى أن هناك صعوبة في الارتباط بالنسبة لشخص حاصل على تصريح زواج أو شخص أرمل، مشددًا على ضرورة تحري الدقة حتى لا يقع تحت الغش أو التدليس، ويفشل زواجه الثاني.