العيد القومي للإسكندرية.. ذكرى رحيل الملك فاروق على متن المحروسة
تحتفل محافظة الإسكندرية في يوم 26 يوليو من كل عام بعيدها القومي، وهو اليوم الذي يوافق ذكرى خروج الملك فاروق من مصر.
وكان الملك فاروق غادر مصر في تمام الساعة السادسة والعشرون دقيقة مساء يوم 26 يوليو 1952، مستقلًا اليخت الملكي "المحروسة" من ميناء رأس التين بالإسكندرية، متجهًا إلى نابولي بإيطاليا، وهو نفس اليخت الذي غادر به جده الخديوي إسماعيل مصر عند عزله عن الحكم، وذلك بعد أن تنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد الثاني بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952.
وتشكلت لجنة الوصاية على العرش من الأمير محمد عبد المنعم، وبهي الدين باشا بركات، والقائمقام رشاد مهنا، إلى أن تم إعلان الجمهورية في 18 يونيو 1953.
ووقع الملك وثيقة التنازل في قصر رأس التين بالإسكندرية، لتكون بذلك الإسكندرية شاهدة على حدث تاريخي هام مهد الطريق لنهاية حكم الأسرة العلوية.
وجاء في وثيقة التنازل: "نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان، لما كنا نتطلب الخير دائمًا لأمتنا ونبتغي سعادتها ورقيها، ولما كنا نرغب رغبة أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب التي تواجهها في هذه الظروف الدقيقة، ونزولًا على إرادة الشعب، قررنا النزول عن العرش لولي عهدنا الأمير أحمد فؤاد، وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه".. صدر في قصر رأس التين في 4 ذي القعدة 1371 هجرية الموافق 26 يوليو 1952 ميلادية.
وكان في وداعه اللواء محمد نجيب وعدد من الضباط الأحرار والسفير الأمريكي بالقاهرة جيفرسون كافري، وقد أطلقت المدفعية 21 طلقة لتحية الملك عند وداعه.
وفي مثل هذا اليوم بعد أربع سنوات من رحيل الملك فاروق، كانت الإسكندرية شاهدة على أهم حدث في تاريخ مصر المعاصر، وهو إعلان تأميم قناة السويس، حين أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرار تأميم شركة قناة السويس في يوم 26 يوليو 1956، من ميدان المنشية بالإسكندرية، بعد أن سحبت الولايات المتحدة الأمريكية عرض تمويل السد العالي، وتبعتها بريطانيا والبنك الدولي، وكان قرار التأميم سببًا للعدوان الثلاثي الذي قامت به إنجلترا وفرنسا وإسرائيل على مصر.
وعن قصة العيد القومي للإسكندرية، قال الدكتور إسلام عاصم، أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر، نقيب المرشدين السياحيين السابق بالإسكندرية: "ليس من الغريب أن يتم الاحتفال بالعيد القومي للإسكندرية في يوم 26 يوليو الذي يواكب خروج الملك فاروق من مصر، فالإسكندرية لطالما وقفت مع ثورة يوليو، وكانت شاهدة على معظم أحداث الثورة، مما ينعكس بشكل كبير على ارتباط الاحتفال بأعياد الثورة بمدينة الإسكندرية".
وتابع: "رجال الثورة حرصوا من اليوم الأول على أن يطوفوا المدينة، ولاقوا ترحاب وقبول من جميع أهالي الإسكندرية، وكانت جامعة الإسكندرية (جامعة فاروق الأول سابقًا) أول من أعلنت تأييدها لثورة يوليو، مع التأييد الشعبي، وكان يحرص الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على الاحتفال بعيد الثورة في مدينة الإسكندرية، فدائمًا ما كان يلقي فيها خطاب بالتزامن مع احتفالات الثورة، حتى أنه أعلن عن تأميم شركة قناة السويس من مدينة الإسكندرية".
وأضاف لـ"دار الهلال" أن الإسكندرية مدينة ثائرة عبر التاريخ، خرجت منها ثورات كثيرة على الظلم والفساد، وأهلها لا يصمتون عن الظلم، مشيرًا إلى أنها مدينة كوزموبوليتية دائمًا ما كانت رمز للتعايش والتسامح والتنوع الثقافي والعرقي.
عندما ساءت الأحوال في أواخر عهد الملك فاروق وطغى النفوذ الأجنبي كان لدى أهل الإسكندرية إحساس بتمييز طبقات وفئات بعينها وشعروا أن خير بلدهم لغيرهم، فاستجابوا سريعًا لثورة يوليو ورحبوا بها، فبرزت الإسكندرية كمدينة مُرحبة بالثورة والضباط الأحرار. وكان لاختيار الرئيس جمال عبد الناصر لمدينة الإسكندرية ليُعلن منها تأميم قناة السويس، دلالة واضحة ورمزية لمكانة المدينة وعودتها لأهلها بعد الثورة.
ولفت "عاصم" إلى أن يوم 26 يوليو شهد العديد من الأحداث الهامة في الإسكندرية، أبرزها الإعلان عن تأميم قناة السويس، وأيضًا افتتاح متحف الفنون الجميلة، أحد العلامات الثقافية البارزة في المدينة، في يوم 26 يوليو 1954 تزامنًا مع الاحتفال الثاني لثورة يوليو.