اعتبره البعض أفضل من جسد شخصيته على الشاشة .. أحمد شاكر: الأطرش وش الخير على
حوار: محمد سعد
أعماله التنويرية التى تمثل قدوة للشباب كانت سبباً لحصوله على لقب «سفير النوايا الحسنة». خاض أكثر من تجربة فنية أكدت قدرته على تقمص الشخصيات بشدة. كرَّمه د. أحمد زويل إعجاباً بأدائه لشخصية د. مصطفى مشرفة، كما يعد أفضل من جسد شخصية فريد الأطرش على الشاشة فى مسلسل «أسمهان»، فنال أداؤه استحسان الجمهور والنقاد.
إنه الفنان أحمد شاكر، الذي أبدع وتألق فى تجسيد شخصية ملك العود، فريد الاطرش فى مسلسل «أسمهان»، ونحن نحتقل بذكرى فريد حاورت «الكواكب» شاكر لإلقاء الضوء على أوجه الشبه بينهما، ودوافعه لقبول هذا العمل، وكيف استطاع أن يصل إلى مكنون الشخصية بهذا القدر من الاحترافية.. وهل استطاع العمل أن يغطى كل جوانب حياة فريد أم يحتاج عملاً كاملاً مخصصاً له.. التفاصيل كاملة فى حوارنا معه..
تهانينا أولاً على لقب سفير النوايا الحسنة؟
شىء مشرف أن أحصل على هذا اللقب، الذى يعد بمثابة مسئولية كبيرة، وأنا كفنان تشغلنى جداً فكرة تحقيق السلام بين كل الشعوب.
معظم أعمالك كانت تنويرية وفيها قدوة للشباب.. ماذا تقول عن ذلك؟
نعم، فأهم دور للفن من وجهة نظرى أنه يشيع فكرة السلام الاجتماعى، ورغم أن الفن لا يقدم مجتمعاً مثالياً إلا أنه على الأقل لابد أن يقدم النماذج القدوة التى تنير الطريق أمام المشاهد، خاصة الشباب والأطفال.
قدمت شخصية فريد الأطرش في مسلسل«أسمهان» بشكل رائع.. كيف وجدت هذه الشخصية كفنان وإنسان؟
- كان تقديم هذه الشخصية فى المسلسل المتميز جداً «أسمهان» شرفاً كبيراً، فقد ضم العمل كوكبة كبيرة فى التأليف والإخراج والتمثيل والتصوير والإنتاج، والحمد لله، عندما يذكر المسلسل يتذكر الجمهور دائماً شخصية فريد الأطرش، ولا تمر مناسبة خاصة بفريد إلا ويذاع المسلسل فيها.
هناك كثيرون يؤكدون أن المسلسل كان لابد أن يحمل اسم «أسمهان وفريد» لقيمة فريد الفنية الكبير.. ما رأيك؟
- نعم، هذا يتبادر بالفعل إلى أذهان الجمهور، فقد قدمنا شخصيتين قريبتين جداً من قلوب الجمهور العربى. لكل منهما مكانته الفنية العظيمة، وأعتقد أن فريد لم يأخذ حقه، فخلال قراءاتى الكثيرة عنه أدركت كم كان يحمل من قيم وأخلاق راقية، كما كان يمتلك طاقة حب وتفاؤل غير عادية، ولكل ذلك أدركت قيمة فريد الأطرش الحقيقية وحاولت الاجتهاد حتى يخرج أدائى مرضياً، وكانت ردود الأفعال أكثر من رائعة بالنسبة لى.
من خلال قراءاتك عن فريد.. ما الذى كنت تتمنى أن يبرزه المسلسل عنه ولم يفعل؟
حياة فريد كلها، لأن المسلسل ينتهى مع وفاة أسمهان، وفريد الأطرش الذى نعرفه لم يبدأ فى التألق إلا بعد وفاة أسمهان، وبالتالى لم يستطع المسلسل رصد كل نجاحاته ومواقفه وإبداعاته على كافة المستويات سواء فى التلحين أو الغناء أو السينما، والعزف على العود أيضاً فى الفترة ما بعد وفاتها وحتى مماته، ورغم ذلك أؤكد أن الناس فرحت جداً بما قدمته فى المسلسل عن فترة صغيرة من عمره، وأعتقد أنه يستحق أن نصنع أعمالاً فنية كثيرة عنه.
ما أكثر المناطق التى حاولت التركيز عليها أثناء تقديم شخصية فريد فى المسلسل؟
ركزت جداً على طيبته الشديدة وولعه الشديد بالفن، وحبه للموسيقى والغناء بشكل جنونى، وكذلك حاولت التركيز على الجوانب الإنسانية الراقية فى شخصيته، لأن الفنان هو حزمة من المشاعر والأحاسيس والأخلاق، فلا أعتقد أن هناك فناناً دون أخلاق. يكفى اليوم أن هناك قمماً عندما يبحث الناس عن تاريخهم يكتشفون أن هناك جوانب سلبية كثيرة فى شخصياتهم، وهذا الأمر بالتأكيد ينتقص من مكانة الفنان، لكن فريد لم يكن لديه ما يخجل منه، فقد كان يحب كل الناس لدرجة السذاجة أحياناً، فركزت على كل ما سبق، بالإضافة لمحاولة الاقتراب من شكله الخارجى واللهجة.. لا لأقدم فقط شخصية فريد التى شاهدها الجمهور فى الأفلام، ولكن لأقدم رؤيتى لشخصية فريد الحقيقية، وهذا التقمص لا يأتى من فراغ لأنه يحتاج جهداً ووقتاً وقراءات كثيرة، ومشاهدة عدد كبير من الأفلام، والحمد لله أننى أملك القدرة على تقمص الشخصيات المعروفة، فحينما قدمت شخصية العالم مصطفى مشرفة، أشاد بأدائى العالم الكبيرد. أحمد زويل ، وقام بتكريمى في سابقة لم تحدث من قبل.
وهل اعتمدت فى تجسيد الشخصية على أوجه الشبه الخارجية بينكما؟
وقتها لم أكن أرى أى تشابه بينى وبينه فى الشكل، ولكن عندما تقمصت شخصيته أصبحت شبهها رغماً عنى، وكثيراً ما أسمع من الجمهور أننى شبه فريد، وهذا الأمر يسعدنى جداً لأنه دليل على نجاحى فى أداء الشخصية، وأعتقد أن ما يجمعنى به حقيقة حب الفن جداً وإيمانى بأن الفن رسالة سامية، وهذا ما دفعنى لإضافة جملة حوارية، بعد استئذان المؤلف والمخرج، فى أحد المشاهد بين فريد وأخويه فؤاد وأسمهان عندما استنكر فؤاد أن يعمل شقيقه بالغناء فرد فريد: «الفنان فى العصر اللى إحنا فيه يقدر يجمع أهل العروبة على معان راقية، ويقدر كمان يقاتل بفنه زى ما الجندى فى الميدان بيقاتل بسلاحه بالظبط».
هل ترى أن فريد الأطرش يستحق مسلسلاً كاملاً ؟
نعم بالتأكيد، فرغم إنجاز أكثر من عمل عن بعض الشخصيات الفنية والسياسية مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وأسمهان وعبد الناصر، وظهر فريد الأطرش فيها جميعاً، إلا أنها لم تقدم فريد بالشكل الذى يشبع ويلبى رغبات الجمهور، كأحد أفضل نجوم الغناء والموسيقى العربية.
ماذا أضاف لك سيناريو المسلسل حول فريد؟
أشياء كثيرة جداً، مثل الحياة الصعبة التى عاشها فى بداياته ومعاناته الأسرية، وهو ما يؤكد أن المعاناة تصنع الفنان، فرغم أنهم من عائلة «الأطرش» الكبيرة فى سوريا، إلا أنهم عندما جاءوا لمصر أنفقوا كل ما كان معهم من أموال، ومرت عليهم أيام صعبة جداً، فكان عليهم جميعاً أن يثبتوا أنفسهم من خلال مجهودهم وكفاحهم، إيماناً منهم بأن الوساطة غير مجدية فى الفن، فصنع نفسه بنفسه هو وأسمهان، وهذا الجانب جذبنى جداً لشخصيته.
وكيف ترى قراره بعدم الزواج؟
الفن يأخذ الفنان من الدنيا كلها، خاصة إذا كان فناناً حقيقياً، فعندما ينتهى الفنان من عمل ويخوض عملاً آخر لا يشعر بمرور العمر من بين يديه، دون الالتفات لأى شىء غير فنه، لذلك فلم يكن فريد الأول، ولن يكون الأخير، فهناك فنانون كثيرون لم يتزوجوا، ومنهم أنا، حيث كنت أسمع من الفنانين السابقين مقولة إن الفن يسرق العمر، وكانوا يوصونى دائماً بالاهتمام بحياتى الشخصية والعائلية.
وما أكثر أغنية تدندن بها لفريد؟
كل أغنياته بالتأكيد، فأغانيه تحمل طاقة إيجابية عالية، مهما كنت مكتئباً أو حزيناً فلابد أن تغير مودى للأفضل، وفصل الربيع دائماً مرتبط باسمه فلا يصح أن يأتى الربيع دون أن نستمع لأغنيته الشهيرة. فكل من عاصره أجمع على أنه كان عبقرية نادرة اكتسبت احترام الجميع، فقد قرأت أن الموسيقار عبد الوهاب قال عنه إن إبداعه غير متوقع وإنه يغرد خارج السرب، فلا يقدم أعمالاً تقليدية بل كان سابقاً لعصره.
ماذا تحب أن تقول عنه ونحن نحيى ذكراه؟
أحب أن أقول له أنت إنسان رائع، ومصر كلها تحبك والوطن العربى كله أيضًا يحبك، وقد تشرفت أن أقدم شخصيتك وكنت «وش الخير» عليّ، فقد أحبنى الناس من خلال دور أتحدث فيه عنك، وقد أمتعتنا بألحان خالدة ممتلئة بالحب والطاقة الإيجابية. سيرتك الجميلة جعلتك خالداً فى وجدان الوطن العربي كله، وأدعو الله أن يرحمك.