بقلم : ناصر جابر

أبداً لم يكن الفنان فريد الاطرش مجرد مطرب جاء من دولة عربية شقيقة ليصنع شهرته ونجوميته في مصر، هوليود الشرق، ولكنه مطرب عشق تراب مصر وجرى حبها في عروقه مجرى الدم وكانت الوصية الوحيدة التى اوصى بها قبل رحيله ان يدفن في تراب مصر ..ورغم انه كان يحمل اربع جنسيات هي السورية والاردنية واللبنانية والمصرية ولكن تظل الاخيرة هي التى تربعت على عرش قلبه وجاءت العديد من اغانيه وألحانه معبرة عن حبه لمصر وللعروبة كلها.

عندما أوفدته الإذاعة المصرية إلى لندن سنة 1939 في رحلة لتقديم بعض الأعمال الغنائية هناك وأثناء ذلك اندلعت الحرب العالمية الثانية أرسل لأحد أصدقائه من الشعراء ليكتب له أغنية تعبر عن حنينه للبلد في هذه الظروف وظهرت للنور أغنية جميلة له اسمها ( يا مصر كنت في غربة وحيد) وبعدها قدم العديد من الأغاني الوطنية التي تسكن الوجدان المصري بقوة مثل (نشيد بورسعيد) في 56 ولكن قبل هذا العمل كان عطاؤه مميزا ، فحين قامت ثورة يوليه 52 وفتح باب التبرعات لتسليح الجيش ذهب فريد والتقى الزعيم جمال عبد الناصر وأعطاه شيكا بعشرة آلاف جنيه وكان مبلغا كبيرا في حينها مساهمة منه فى هذا التسليح ..وقدم لمصر فى مناسباتها الوطنية العديد من الألحان والأغنيات مثل المارد العربي الذي صورته إدارة الشئون العامة للقوات المسلحة كشريط سينمائي وعرض في جميع دور العرض وأيضا أغاني ( يا بلادي يا بلادي فيك عاش الأوفياء )(واليوم يوم الشجعان ) (ودعى الفجر هيا يا رجال الغد )

وتظل أغنيته الوطنية الشهيرة ( سنة وسنتين) أقوى أغانيه التي كتبها صديقه الشاعر مأمون الشناوي التي شدا بها بعد فترة غياب طويلة لمصر حتى أنه سالت دموعه أمام جمهوره وهو يناديها فيها ...تقول كلماتها (سنة وسنتين سنة وسنتين وانت يا قلبي تقول انا فين

وتهت ودبت في اشواقي وشفت النيل وعرفت انا فين

في مصر يا عمري يا نور العين

ع الشطين انا شفت احبابي واخواتي واهلي واصحابي

وهواكي والنخل العالي ونجومها ف الليل بتللالي

بكيت من الفرح وطاب الجرح غني يا قلبى اتهني يا عين

في مصر يا عمري يا نور العين)

ويعتبر فريد الاطرش اكثر المطربين تأثيرا وتأثرا بالاحداث السياسية التى عاشتها مصر، فقد غنى للسد العالي أغنية جميلة جدا يا أسطى سيّد لفتحى قورة كلمات اسماعيل الحبروك وغني لبور سعيد اغنية من ألحان مدحت عاصم كلمات احمد خميس.

ايضا فريد الاطرش عاش ومات عاشقا لعروبته، فقد لحن وغني اغنيته الشهيرة بساط الريح للشاعر بيرم التونسي وعبر فيها بصدق عن عشقه لتراب الوطن العربي واكد فيها عشقه الاكبر لتراب مصر فبعد ان زار كل الدول العربية يأمر البساط بأن يعود به الى معشوقته ومحبوبته مصر ونيلها وترابها (بساط الريح قوام يا جميل أنا مشتاق لوادي النيل

أنا لفيت ولقيت البعد عليّ يا مصر طويل)

رحم الله المطرب فريد الاطرش عاش ومات عاشقا لتراب مصر والعروبة.