رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


حملة «القرش» نجحت من قبل فى التصنيع المحلى ووقف الاستيراد: «المصور» تتبنى حملة ادعم بلدك ولو بجنيه شهرياً

17-5-2017 | 12:33


تقرير: أميرة جاد

«علم الآباء واهتف قائلا.. أيها الشعب تعاون واقتصد، اجمع القرش إلى القرش.. يكن لك من جمعهما مال لبد»، الأبيات لأمير الشعراء أحمد شوقى يلخص فيها قصة تكاتف الشعب المصرى واستجابتهم لمبادرة «القرش» التى دعا لها الكاتب أحمد حسين والصحفى فتحى رضوان، لمساندة الاقتصاد المصري، وتحقيق الاستقلال الاقتصادى ووقف الاستيراد، وبالفعل نجحت الحملة فى جمع مبالغ مالية ساهمت فى إنشاء مصنع الطرابيش بدلا من استيرادها من الخارج. مبادرة «القرش» وإن كانت فى مجملها بسيطة؛ إلا أن التدقيق فى أهداف الحملة ونتائجها يؤكد أن إحياء المبادرة فى الظروف الاقتصادية الراهنة، قد يؤتى بنتائج غير مسبوقة مع مراعاة الفوارق الزمنية و تطور الآليات.

«المصور» تحاول من خلال هذا السطور تبنى حملة مشابهة لحملة «القرش» ولتكن لتجميع تبرعات بمبالغ متواضعة بجنيه واحد من جميع فئات المجتمع شهريا من أجل دعم فكرة الإنتاج والتشغيل، ومن ثم دعم الاقتصاد، فلا شك أن طلبة المدارس والجامعات سيقبلون على التبرع بجنيه شهريا من أجل إنشاء مصنع يضمن لهم فرصة عمل حرة وشريفه بعد التخرج. وماذا يضير موظفى القطاع العام والخاص حال تبرعهم بجنيه شهريا يضمن لهم زيادة الإنتاج.. وبالتالى زيادة المعروض من السلع والخدمات، وبالتبعية انخفاض الأسعار وهو ما يعود على الأسر المصرية كلها بالنفع وتحسين مستويات المعيشة من خلال خفض معدلات التضخم والحصول على السلع والخدمات بأسعار مناسبة.

الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يحصر أعداد الطلبة فى مرحلتى التعليم الأساسى والجامعى بنحو ٢١.٣ مليون طالب و ٢.٣ ملايين طالب على التوالى أى أن إجمالى عدد الطلاب فى مصر بجميع مراحل التعليم يبلغ ٢٣.٦ ملايين طالب، لو كل طالب تبرع طوعا بجنيه واحد شهريا لصالح المبادرة سيصل إجمالى تبرعات الطلبة لـ٣٥٠ مليون جنيه سنويا، والأمر نفسه بالنسبة للموظفين فنجد أن عدد العاملين فى القطاع العام نحو ٦ ملايين موظف يضاف إليهم نحو ١٨ مليون موظف وعامل بالقطاع الخاص، لو كل منهم تبرع بجنيه شهريا سيصل إجمالى تبرعات الموظفين نحو ٣٠٠ مليون جنيه سنويا، وبخلاف الموظفين والطلبة وهم الحلقة الأضعف من حيث الدخول لو امتدت المبادرة إلى أصحاب المهن الحرة بمختلف مستوياتهم المعيشية وتفاوت دخولهم وصار الأمر تقليدا شهريا لتمكنت المبادرة من بناء مئات المصانع سنويا ترفع معدلات الإنتاج وتوفر فرص عمل، جنيه شهرى تبرع من مختلف فئات المجتمع لن يكون هو الحل الوحيد لمشاكل الاقتصاد المصرى، ولكنها ستكون أحد الحلول غير المكلفة، فالجنيه لا يمثل شيئا لا للأغنياء ولا الفقراء.

خبراء اقتصاد رحبوا بمبادرة «المصور» والبعض الآخر طالب بقصرها على الأغنياء من خلال تحصيل نسب إضافية على فواتير ما أطلقوا عليه خدمات أولاد الذوات مثل الكافيهات والسيارات والمطاعم وحتى محال الملابس التى تتجاوز سعر القطعة فيها الألف جنيه.

من جانبه، يقول الدكتور على عبدالعزيز أستاذ الاقتصاد بالجامعة البريطانية، إن العمل الأهلى لا يمكن لأحد أن ينكر إسهاماته فى العديد من الأنشطة الإنسانية والاجتماعية، مؤكداً إن نجاح مبادرة التبرع لصالح الوطن يجب ألا تكون فى المُطلق فلا يجب أن نطلق مبادرة لدعم الاقتصاد فهذا أمر عام، ولا يجذب ثقة المواطنين، لذا يجب أن تكون للمبادرة هدف واضح ومعلن، فمبادرة «القرش» فى القرن الماضى نجحت لأنها حددت هدفها والمتمثل فى التصنيع المحلى ووقف الاستيراد، لافتا إلى أن إحياء هذه المبادرة من السهل أن ينجح فى هذه الأيام، لأنه يمس احتياجات المواطنين وأهمها سلعة جيدة سعر مناسب وفرصة عمل، لذا لو تم إطلاق مبادرة تهدف للتبرع لإنشاء مصانع فمن المستحيل آلا تلاقى جاذبية وقبول من الجميع ولابد أن يصاحبها تجفيف لمنابع الفساد الإدارى والمالي، حتى يستعيد الجمهور الثقة فى الحكومة والمسئولين القائمين على هذه التبرعات.

ولفت «عبد العزيز» إلى أن سر نجاح مبادرات التبرعات المختلفة فى ثلاثينات وخمسينات القرن الماضى كان أساسها ثقة المواطنين فى الحكومات القائمة على زمام الأمور وقتها. وألمح «عبد العزيز» إلى أن أهم عوامل نجاح حملات التبرع للصالح العام تكمن فى ضرورة تراجع الحكومة عن تأميم العمل العام، فقد لجأت الحكومة فى السنوات القليلة الماضية إلى إغلاق كثير من الجمعيات الخيرية والمنظمات الأهلية.

مؤكدا أن سياسة الدولة فى التعامل مع منظمات المجتمع المدنى لابد أن تكون انتقائية، فمن هو فاعل ومُجد، عليها الإبقاء عليه، ومن يمارس تمويل الإرهاب والعنف فعليها التعامل معه.

مطالبا بمساندة أهداف مبادرات التبرعات بزيادة إيرادات الدولة العامة وأهمها الضرائب، مؤكدا أن الضرائب فى مصر تمثل نحو ١٥٪ من إجمالى الناتج المحلى وهى نسبة أقل بكثير من المستوى الدولى للدول التى تماثل مصر فى مستويات دخول أفرادها ومؤسساتها، حيث تبلغ نسبة الضرائب للناتج الإجمالى المحلى فى الدول المثيلة نحو ٢٧٪، مضيفا: أن حصيلة الضرائب منخفضة فى مصر نتيجة تخفيض الضريبة على كل مستويات الدخول المرتفعه، حيث خفض القانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٤ الضريبة على الشريحة الأعلى دخلا من ٤٠٪ إلى ٢٠٪ بالنسبة للأفراد، كما خفضت الضريبة على الشركات من ٣٢٪ إلى ٢٢.٥٪، كما يوجد بعض الأنشطة والقطاعات معفيه ضريبيا ويجب أن تخضع لزيادة الإيرادات فى مجملها.

فى السياق نفسه، قال الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، إنه لا يوجد اقتصاد قوى وحقيقى يقوم على التبرعات، ولكن إذا كانت التبرعات بهدف الأنشطة الإنسانية أو الإنتاجية لمساعدة الحكومة فهذا أمر لا شك إذا تم بطرقة سليمة فسوف يؤتى ثماره، لافتا أن تبنى مبادرات من أجل دعم الإنتاج والتشغيل بعيدا عن الحكومة ستقابل شعبيا بالقبول والرواج حتى لو بمبالغ رمزية، مؤكدا أن مشروع القرش لأحمد حسين كان يهدف لعمل قومي، وأن استهداف التبرع لعمل مشروع قومى مثلما كان يهدف أحمد حسين حتما سيلاقى قبول شعبيا، على ألا يكون التبرع هو الأساسى الذى يقوم عليه الاقتصاد.

وأشار «النجار» إلى أن الدولة فى مثل هذه الأهداف القومية أو المشروعات الإنتاجية الشعبية عليها أن تتوجه بسلطاتها إلى الأغنياء لتحصيل مساهمات لتلك المشروعات، فعليها أن تتوجه لأثرياء مصر وتخاطبهم من خلال القنوات المتواجدين فيها مثل أندية الروتار، ومنظمات الأعمال المختلفة, وأماكن تجمعاتهم المختلفة، مشيرا إلى أن الأغنياء هم المحرك الأساسى فى المياه الراكدة لقصة التبرعات، وخاصة بعد تآكل الطبقة المتوسطة الملحوظ بعد قرار التعويم، وهو ما يؤكده أيضا الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، مضيفا: أن مبادرات التبرع على وجه العموم كان يمكن أن تكون مجدية أكثر فى مراحله ما قبل تعويم الجنيه، نظرا لأن التعويم أدى إلى تراجع مستويات الدخول بمقدار الثلث.. وبالتالى لا يوجد مدخرات لدى الشريحة الأوسع من المجتمع المصرى وهى الشريحة متوسطة الدخل لأنها تآكلت بالفعل. وأشار «عبده» إلى أن التبرع فى هذه المرحلة يجب أن يكون حكرا على الأغنياء وأصحاب المهن الحرة من الفنانين ولاعبى الكرة وكبار المهندسين والأطباء، ضاربا المثال بلاعب كرة القدم صمويل إتو الذى تبرع بـ٨٣٨ ألف دولار لافتتاح مستشفى كاملة لطب الأطفال فى الكاميرون، وكذلك أحد رجال الأعمال الباكستانيين الذى تبرع بأكثر من نصف ثروته لإعادة إعمار ٨٨ قرية ضربتها السيول، مستنكرا أداء رجال الأعمال والأثرياء المصريين، مؤكدا أنهم لا يتمتعون بحس المسئولية المجتمعية التى تؤهلهم للتعامل مع مثل هذه المبادرات العامة للتبرع.

فى الوقت نفسه، يقول الدكتور عبدالمنعم سعيد أستاذ المحاسبة والضرائب بجامعة عين شمس إن حملة إحياء مشروع «القرش» يجب أن يتم توجيهها فى الأساس إلى الأغنياء ورجال الأعمال واصفا بعضهم» بالخير»، مؤكدا أن فكرة جمع تبرعات من أجل إنشاء مصانع ودعم الاقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر يجب أن يتبناه فى الأساس رجال الأعمال وأولاد الذوات فى الأساس، نظرا لأن قرارات الإصلاح الاقتصادى الأخيرة أدت إلى تآكل مدخرات الطبقة المتوسطة وخفضت دخول أغلب طبقات المجتمع، ومن ثم فإن التعويل على الطبقة المتوسطة فى التبرع لإحياء مشروع» القرش» لدعم الإنتاج لن يكون مجديا بالدرجة الكافية.

لافتا إلى أن تحصيل نسب صغيرة على الخدمات والسلع التى تحصل عليها هذه الفئات الغنية لن يلاقى اعتراضا، فمن غير المعقول أن يمتنع شخص قادر على الحصول على وجبة فى أحد المطاعم بـ٥٠٠ جنيه على تحصيل ١٪ لصالح المبادرة، وبالمثل كافة السلع والخدمات؛ لكن يجب أن تتم عملية التحصيل بالتنسيق بين جهات التحصيل (المحال والمطاعم) وجهات الاستخدام، وليكن مجلس لأمناء المبادرة تحت إشراف الجهات المسئولة.