رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


السيسى فى المراشدة لهذه الأسباب يرفض الرئيس خداع الشعب

17-5-2017 | 14:50


بقلم –  أحمد أيوب

من استمع إلى كلام الرئيس عبدالفتاح السيسى وتوجيهاته الواضحة فى المراشدة بمحافظة قنا بأذن الباحث عن مصلحة خاصة فلن يقبلها، ومن استمع إليها بمنطق المعارضة لمجرد المعارضة فسيرفضها ويشوهها ويزايد عليها، لكن من استمع إلى الرئيس بمنطق الخائف على البلد الباحث عن المصلحة العامة وحق المواطنين البسطاء فيقينا سيؤيدها ويطالب بسرعة العمل بها أيا كان الثمن، فالرئيس لم يكن فى كلامه الصريح ولغته الغاضبة كما حاول أن يصوره البعض يريد أن يصالح المواطنين أو يظهر نفسه حريصا على حقوق الدولة أو يمارس دعايا انتخابية مبكرة، فهو لا يحتاج لإثبات يؤكد حرصه على مصالح الناس ولا يقبل خداع الناس، لكن الرئيس كما كان يبدو من كلامه ولغته، خاصة لمن حضروا اللقاء وأنا منهم، يستشعر أن البلد فى خطر بسبب حالة الترهل والبطء والتساهل التى يتعامل بها البعض فى ملفات مهمة وخطيرة.

القضية عند الرئيس ليست فقط الأراضى المتعدى عليها وهى بالمليارات، لكن القضية هى كيف نبنى الدولة من جديد بجهود موحدة وتعاون بين المواطن والحكومة، القضية ليست البحث فى الدفاتر القديمة رغم أهميتها ورغم أن دفاتر مصر بالفعل ممتلئة بالمليارات التائهة والضائعة، وإنما القضية كيف لا نكرر أخطاء الماضى، وكيف لا نترك فرصة دون أن نستغلها، وكيف نحقق المستهدف بأقصى سرعة وأعلى كفاءة وفى الوقت نفسه بأقل تكلفة.

القضية عند الرئيس هى كل ما يمكن أن يسهم فى بناء مصر الجديدة ومع ذلك نهمله أو نتساهل فيه، فالقضية هى الأراضى المتعدى عليها ممن يريدون ممارسة البلطجة على الدولة، وهى الهيئات التى تتكبد خسائر يومية بسبب سوء الإدارة أو قلة الموارد، وهى الفجوة الغذائية الموجودة فى كل السلع تقريبا وتحتاج معجزة لتعويضها وتقليلها، وهى المشروعات التى تتعثر لسنوات بسبب قرار يتأخر أو مسئول يتهرب من مسئوليته، وهى الفساد الذى عشش فى كثير من مؤسسات الدولة ويحتاج جهدا خارقا للتخلص منه، وهى البيروقراطية التى قتلت الإبداع، وهى المواطن البسيط الذى يحتاج لدعم ومساندة.

القضية عند الرئيس كما كان واضحا جليا من كلامه ألا يأخذ أى مواطن مهما كان اسمه أو موضعه أكثر من حقه، وفى الوقت نفسه ألا يحرم مواطن مهما كان ضعفه وغلبه من أن يحصل على حقه.

هذه هى القضية عند الرئيس، وعندما قال نصا وبانفعال واضح “هى مش طابونة” فقد كان يقصد المعنى، فرغم أن كلامه كان بمناسبة الحديث عن الأراضى وتحديدا أراضى المليون ونصف المليون فدان، إلا أنه كان يقصد كل من يحاول أن يأخذ ما ليس حقه فى الأراضى أو فى الأموال أو فى المناصب أو فى أى شيىء، لأن هذا هو ما وصل بنا إلى ما نعانى منه الآن، شبه دولة تحتاج لجهود وكفاح وتحمل صعاب كى نبنيها من جديد.

كلام الرئيس فى المراشدة لم يكن رسائل غير مباشرة، وإنما كان حسما لكثير من الأمور وتأكيدا بأن الدولة لابد أن تعود وأن أحدا لن يضغط على الدولة أو يلوى زراعها، بل كان تأكيدا أيضا بأنه لا يوجد فى مصر من هو فوق القانون أو أعلى من المحاسبة، أو صاحب سطوة، فالسطوة للقانون، والحق لمن يستحقه فقط، وللدولة أذرع تحمى حقها فى إطار القانون ممثلة فى الجيش والشرطة.

وإذا كان الكثيرون توقفوا عند ما قاله الرئيس فى ملف الأراضى، فذلك لأن هذا الملف هو الأهم والأكثر تأثيرا الآن، فمساحات الأراضى المتعدى عليها مئات الآلاف من الأفدنة بطول مصر وعرضها، وإذا كان منطقيا أن يتم التقنين لمن شغلوا الأرض فزرعوها واستثمروا فيها، وهذا ما تفعله لجنة الأراضى برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية وبتوجيه واضح من الرئيس، فمن غير المقبول أن يصل التساهل إلى حد منح من بور الأرض وسقعها فرصة ليتم التقنين له. وعلى مدار أكثر من عام تعمل لجنة استرداد أراضى الدولة بالتوجيه الرئاسى الصريح بألا يتم التقنين إلا للجادين الذين بذلوا مجهودا فى الأرض واستصلحوها وزرعوها واستثمروا فيها، أما من سقعوا الأراضى وتركوها بورا فليس من حقهم التقنين، بل تسحب منهم فورا، ولهذا قامت اللجنة بالفعل بسحب واسترداد نحو ٨٠ ألف فدان من خلال قوات إنفاذ القانون، لأن من وضعوا اليد عليها لم يستغلوها بالزراعة والاستثمار وإنما أرادوا تسقيعها.

وفى الوقت نفسه فتحت اللجنة الباب للتقنين للجادين، فتلقت أكثر من ١٧ ألف طلب تقنين بلغت مساحات الأراضى المسجلة بها نحو مليونى فدان، ولم تعتمد اللجنة هذا الرقم بل تعمل حاليا على مراجعته بدقة من خلال لجان متخصصة ومعاينات على الطبيعة للتأكد من صحة المساحات وأنها جميعها منزرعة، لأن اللجنة لن تقنن للأرض البور أيا كان المبرر، وهذا التزام بالتوجيهات الدائمة للرئيس.

لكن ما حدث فى أراضى المليون ونصف المليون فدان عكس ذلك تماما، وكما تحدث المهندس عاطر حنورة رئيس مجلس إدارة شركة الريف المصرى فمن بين نحو ٩٠ ألف فدان من أراضى المشروع عليها تعديات أثبتت المعاينات على الطبيعة أن المنزرع منها فقط نحو ٩ آلاف هى التى تستحق التقنين، هنا كان الطبيعى أن يتم التقنين لهذه المساحات وتسحب باقى الأراضى التى لم تستغل، لكن القرار كان خلاف ذلك، حيث قررت الشركة منح فرصة للمتعدين على باقى المساحات لزراعتها حتى يتم التقنين لهم، وهذا أمر لا يتفق مع توجيهات الرئيس بل يخالفها تماما، فالرئيس كما قال لا يسمح ولا يقبل أن يقنن لمن تعدى من أجل التربح من تسقيع الأرض.

ولهذا كان توجيهه الواضح بضرورة مراجعة أراضى وضع اليد فى كل المحافظات وأن يتحمل المحافظون ومديرو الأمن مسئوليتهم فى هذا الشأن بالتنسيق مع قادة الجيوش والمناطق، لأنه لن يكون مسموحا أن يحصل مواطن على غير حقه، ومن يقف ضد القانون أو يحاول أن يفرض رأيه أو يفرض الأمر الواقع فيتم التعامل معه بالقانون.

هذا هو بالفعل مفهوم هيبة دولة القانون التى يريد الرئيس أن نصل إليها، وألا يأخذ أى مواطن أكثر من حقه. لكن لم يكن ملف الأراضى وحده محور كلام الرئيس فى المراشدة وإنما كانت هناك ملفات لا تقل أهمية وتوجيهات لا تقل وضوحا وحسما، فى مقدمتها مصارحة المواطن وبالأرقام، فالرئيس يصر على ألا يخفى عن المصريين معلومة أو حقيقة، ولهذا فمع كل وزير وقف ليشرح استراتيجية وزارته أمام الرئيس كان يقاطعه لينبهه إلى أهمية عدم الاقتصار على الخطوط العامة، وإنما لابد من مصارحة المصريين بكل التفاصيل التى توضح لهم حجم ما يبذل من جهد وما ينفق من أموال بالمليارات من أجل إعادة البناء، لأن هذا كما قال الرئيس حق المواطن فى المعرفة، ومن أجل هذا الحق توقف الرئيس مع الدكتور هشام فرحات وزير النقل أكثر من مرة ليوضح حجم ما ينفق فى مجال النقل، وليوضح بالأرقام أن إعادة تأهيل السكك الحديدة كما قال الرئيس يتطلب أكثر من مائة مليار جنيه، وتكلفة تشغيل المرفق وحدها تكلف الدولة خمسة مليارات سنويا، بينما عائدها لا يزيد عن مليارين فقط.

نفس الأمر والملاحظات الرئاسية مع الدكتور على المصيلحى وزير التموين الذى طالبه الرئيس أكثر من مرة أثناء عرضه لاستراتيجية الوزارة أن يترجم ما يقوله من مشروعات إلى أرقام، وأن فاقد القمح سنويا بسبب سوء التخزين يتعدى ١٠ بالمائة من الكمية، وهو ما يكلف الدولة سنويا ما يزيد عن ٤ مليارات جنيه، ولهذا تساءل الرئيس أنه طالما تصل تكلفة الفاقد من القمح سنويا تصل إلى هذا الرقم، فلماذا لا تسارع الحكومة ببناء صوامع وشون حتى ولو تكلفت مليارين مقابل أن نوفر الفاقد ليستفيد منه المصريون،

لم يكن هذا فقط، بل شدد الرئيس على أهمية الشرح للمصريين، حتى يعلموا أن المليارات التى انفقت على الشون والصوامع التى تم إنشاؤها خلال العامين الماضيين وبلغت نحو ١٠٥ شون و٢٥ صومعة لم تذهب هباءً وإنما ذهبت لصالح الحفاظ على غذاء المصريين، فتكلفة الشونة الواحدة قد تصل فعلا لنحو ٥٢ مليون جنيه، لكنها تحافظ على غذاء المصريين.

ما أراده الرئيس من توجيهاته للوزراء والحكومة هو ما قاله لوزير الزراعة عندما طالبه بشرح تكلفة الاستيراد للمنتجات الغذائية والتى تكلف الدولة نحو الخمسة مليارات دولار سنويا، فقد قال الرئيس إن هدف لقاءاته والحديث خلال الافتتاحات ليس مجرد استعراض للمشروعات وإنما أن يعرف المصريون أين نقف الآن وماذا تفعل الحكومة وهل تقف بجانب المواطن أم لا، حتى يكون قلب المواطن مع الحكومة.

أهمية هذا الكلام الرئاسى أنه جاء فى يوم احتفالى فى إحدى قرى الصعيد الفقيرة وهى المراشدة ليفتتح فيه عددا غير مسبوق من المشروعات لصالح أهل الصعيد، سواء البنية الاساسية ل٢١ ألف فدان جديدة من أراضى مشروع المليون فدان، أو عدد من الصوامع والشون الجديدة، أو الطرق والكبارى لمدن الصعيد، من خلال وزارات الزراعة والنقل

والتموين، إضافة إلى القوات المسلحة التى تتحمل وحدها النصيب الأكبر دائما من المشروعات، فلها وحدها فى الصعيد ٢٢٥ مشروعا أنهت منها نحو ١٤٨ مشروعا وجار تنفيذ ٧٧ مشروعا آخر فى كل المجالات تقريبا، بداية من الأمن الغذائى والنقل والمواصلات والزراعة، وكما قال الرئيس فميزة هذه المؤسسة الوطنية أنها مؤسسة صارمة ومنضبطة ولا تدخر جهدا فى سبيل الوطن.

هذا اليوم الاحتفالى الذى يفرح فيه أهل الصعيد بمشروعات تنموية وخدمية جديدة أطلق فيه الرئيس وبقوة توجيهاته من أجل بناء الدولة، ويعلن أنه لن يترك الأمور تسير كما كانت دون ضابط أو رابط، وإنما لابد أن يعلم الجميع حجم ما يتم على الأرض من أجل بناء الأمة الذى يحتاج جهدا ومعاناة وحرمان حتى نصل إلى ما نتمناه ونبنى بلدنا من جديد، وكما قال الرئيس “غير كده أبقى باضحك عليكم”، وهو لا يريد أن يخدع المصريين، لأنه يؤمن بأن الشعب يعى المخاطر التى تتعرض لها الدولة، وأثبت قدرة على التحمل ومستعد لمزيد من التحمل شريطة أن تصارحه الحكومة وأن تشركه فى القرار.

كما يدرك الرئيس بل ويؤمن، كما يتضح من كلامه فى كل مناسبة، أن هذا الشعب يمتلك القدرة على الفرز وهو السلاح الأهم فى الدولة المصرية لهزيمة أعدائها ودحض كل ما يدار حولها من مؤامرات بشرط أن يعرف ويثق فى حكومته. ولهذا فلن تخسر الحكومة من مصارحة المواطن، بل ستكسب ثقته ودعمه أيضا على مواجهة التحديات.