أطلق خبراء تحذيرات من أن التقارير حول استخدام برنامج تجسس إسرائيلي الصنع، لمراقبة نشطاء وصحفيين وسياسيين في أنحاء العالم، تسلط الضوء على مخاطر ما يعرف بدبلوماسية تصدير "تكنولوجيا القمع".
في المقابل، فندت شركة "إن إس أو جروب" الإسرائيلية الخاصة، التقارير الإعلامية التي أفادت أن برنامجها بيجاسوس استخدم لمراقبة صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، وأكدت أن جميع مبيعات تكنولوجياتها تخضع لموافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية.
كما قال المتحدث باسم "إن إس أو" عوديد هيرشكوفيتز لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن قائمة أرقام الهواتف "غير مرتبطة" بالشركة، بل بشركات أخرى وبرامج مفتوحة المصدر. مضيفا "لم نتلق حتى اليوم أي دليل على أن شخصا في هذه القائمة هوجم بالفعل عبر برنامج بيجاسوس".
وتم تأسيس المجموعة في 2010 ويقع مقرها في هرتسليا شمال تل أبيب. وهي تقول إنها تطور أدوات تخول للحكومات ملاحقة المجرمين الذين قد يخفون تعاملاتهم من خلال برامج التواصل المشفرة.
إلا أن صحفا تتقدمها "واشنطن بوست" و"جارديان"و"لوموند" تعاونت في تحقيق كشف قائمة مسربة تضم ما يصل إلى 50 ألف رقم هاتف يُعتقد أنها بنك أهداف زبائن للشركة منذ 2016، وإن لم يتعرض كلها للاختراق.
وفي السياق، أشار خبراء إسرائيليون إلى تاريخ البلاد الطويل في تصدير الأسلحة المتطورة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية، لكنهم حذروا من أن المبيعات المتزايدة لأنظمة المراقبة المتقدمة يمكن أن تسبب ضررا أكبر من الفوائد.
وقال يوئيل جوزانسكي من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب إن "صادرات الأسلحة الإسرائيلية ساعدت البلاد على إقامة كل أنواع العلاقات". مشيرا إلى أن العلاقات غير المعلنة مع العديد من الدول في أفريقيا وآسيا بنيت من خلال تجارة الأسلحة.
واعترف جوزانسكي بأن "الضرر أحيانا أكبر من الفائدة". مضيفا "قد يُنظر إلى إسرائيل على أنها تساعد الأنظمة الاستبدادية في قمع المجتمع المدني".
ووافقه الرأي المحامي الإسرائيلي في القانون الإلكتروني والمتخصص في الخصوصية جوناثان كلينجر، الذي اعتبر أن "إسرائيل حاضنة لتكنولوجيا القمع". واعتبر أن "المشكلة الكبيرة" هي أن صادرات "إن إس أو" المعلنة لا ترقى إلى مستوى الجريمة بموجب القانون الإسرائيلي.
وانتقد الخبير ما سماه "نموذج الأعمال المؤسف" الذي دعمه استعداد إسرائيل لاختبار أنظمة مراقبة جديدة على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين وغزة. لكنه أضاف أن السوق كبير لأن "هناك عددا محدودا من الديمقراطيات الليبرالية، وعددا أكبر من الديكتاتوريات في أنحاء العالم".
إلى ذلك، شدد المتحدث باسم "إن إس أو" عوديد هيرشكوفيتز في تصريحه لإذاعة الجيش على أن الشركة "صهيونية تعمل فقط من إسرائيل" وبموافقة وزارة الدفاع.
وأعلنت الشركة الشهر الماضي أنها تدرس "السجل الحقوقي السابق ومعايير الحوكمة" لزبائنها مؤكدة أن العقود تتطلب من العملاء "احترام حقوق الإنسان"، بما في ذلك "الحق في الخصوصية وحرية التعبير".
وبموجب ذلك، أدرجت الشركة 55 دولة في قائمتها السوداء ورفضت أكثر من 300 مليون دولار من "الفرص" المحتملة. وكشفت أنه من إجمالي 12 شكوى نظرت فيها بشأن استخدام منتجها العام الماضي، أنهت عقدا واحدا فقط.
وحصلت منظمتا العفو الدولية وفوربيدن ستوريز على القائمة المسربة لأهداف القرصنة المحتملة.
لكن وزارة الدفاع الإسرائيلية أكدت عدم اطلاعها على المعلومات التي جمعها زبائن "إن إس أو". مضيفة أن الدولة العبرية "توافق على تصدير منتجات إلكترونية حصريا إلى جهات حكومية لاستخدامها بشكل قانوني وفقط لغرض منع الجرائم والتحقيق فيها ومكافحة الإرهاب".
ولدى إسرائيل بدورها مخاوف بشأن تكنولوجيا "إن إس أو" ليست جديدة. ففي 2019 قال رئيس هيئة الابتكار الإسرائيلية آنذاك أهارون أهارون إنه يعتقد أن الشركة جزء من "الجانب المظلم" للتقدم التكنولوجي.
كما قالت خبيرة الأمن الإلكتروني الإسرائيلية ماي بروكس كيمبلر إنه رغم التنديد الواسع باستخدام أدوات "إن إس أو" لاحتمال انتهاكها الحقوق، فإنها لا تعتقد أن الشركة تواجه تهديدا وجوديا. وتابعت كيمبلر أن "زبائن الشركة وكالات حكومية، قد يعني ذلك مزيدا من التدقيق من وزارة الدفاع (الإسرائيلية)، لكن في نهاية المطاف لا يهتم الطغاة بوسائل الإعلام الدولية".