رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


تقرير .. طقوس "بادية سيناء" في عيد الأضحى المبارك

22-7-2021 | 15:19


تقرير .. طقوس بادية سيناء في عيد الأضحى المبارك

دار الهلال

تذخر البادية العربية ( بادية سيناء بصفة خاصة ) بالعديد من العادات والتقاليد المتوارثة في مختلف المناسبات ، ومنها عيد الأضحي المبارك ، حيث يحرص بدو سيناء على إحياء مظاهر العيد بما فيها من طقوس دينية وعادات وتقاليد .

ويبدأ أبناء سيناء يوم عيد الأضحى المبارك بصلاة العيد وتبادل التهاني مع المصلين ، وعقب الصلاة يتجهون إلى منازلهم لنحر الذبائح ، حيث يحرص كل منهم على ذبح أضحيته بنفسه تمشيا مع السنة النبوية ، فكل منهم يجيد الذبح وسلخ وتقطيع الأضحية وباقي الذبائح .

وعقب الانتهاء من الذبح وتجهيز الأضحية يتجه كل فرد من الرجال إلى مقعد أو ديوان العائلة ، فلكل عائلة أو فرع داخل القبيلة له مقعد أو ديوان للالتقاء به في مختلف المناسبات ، حيث ينتظرهم هناك المشايخ والعواقل من كبار العائلة ، ويتناولون طعام الإفطار من اللحوم والكبدة سويا ، ثم يخرجون لزيارة الأهل والأقارب ليتبادلون التهاني وتقديم هدايا العيد ، ومن المتبع منح الأخوات أو البنات المتزوجات ربع الضحية ،وتقسيم الباقى بين بيته ، والأصدقاء ،والفقراء .

وعندما يحل موعد الغذاء يقوم بتقديم الوليمة بالمنازل المشاركة في المقعد ، وهي في الغالب عبارة عن الفتة ، وهناك من يفضل تناول اللحوم المشوية بعد دفنها في حفر من الرمل أو داخل براميل بعد اخماد النيران ( وهي ما تسمى بالمندي ) .
ولا ينسى شباب البادية في يوم العيد أن يتسابقون على الإبل للتعبيرعن فرحتهم ، وتقوم الفتيات باللعب أسفل أشجار الزيتون والخوخ بالقرب من المنزل مع أقرانهن من الأقارب والجيران ، وفي بعض الأماكن تتجمع الفتيات لمشاهدة سباقات الابل وألعاب الشباب عن بعد ،وهناك بعض الأسر التي تفضل قضاء العيد في المزارع أوالأماكن الخلوية للتمتع بمباهج الطبيعة ومقومات البيئة الصحراوية .

وأما في الحضر، تقترب ملامح الاحتفال بالعيد مع البادية فيما عدا بعض المظاهر الحضرية من الذهاب إلى الحدائق العامة والمتنزهات أو إلى شاطىء البحر وإقامة حفلات السمر للشباب ، وهو ما حدت منه جائحة كورونا بسبب الإجراءات الاحترازية ،وغالبا ما يلتقي الجميع على مستوى العائلة الواحدة عند الأجداد في جو أسري بعد عودة المسافرين خارج المحافظة أو خارج مصر .

وقال خبير التراث البدوي مسلم الحوص ،إن الأفراح تزداد في الأيام السعيدة من زواج ، أو ولادة ، أو العودة من الحج بالإضافة إلى الأعياد، وهناك أفراح ثابتة تقام سنويا ، حيث توجد مظاهر للاحتفال بها من خلال الآلات الشعبية السائدة في سيناء وهي الرباية السيناوية والشبابة ( المضباحة ) والمقرون ، أما أهم الأغاني فهي القصيدة ،والمويلي ،والحداء ( الحدي ) ، وكذلك السامر وهو من السمرويطلق على جميع الاحتفالات الليلية ، وأن هناك اختلافات طفيفة في السامر من قبيلة الى أخرى ، ولكنها تكون في الشكل والأداء وليس في المضمون .

من جانبه ،أضاف الشاعر السيناوي أحمد أبو حج أن السامر يبدأ بتجمع الفتيات الصغيرات في مكان مرتفع بعد صلاة العشاء حيث يبدأن الزغاريد إشارة ودعوة لبدء السامر، ثم تأتي الشابات والنساء والشباب والرجال ،حيث تجلس النساء بجوار بعضهن ويجلس الرجال أمامهن على بعد لا يقل عن عشرين مترا ، ويتكون السامر من الأشكال الآتية :

الرزعة : ويجلس الرجال فيها في مجموعتين وبكل مجموعة شاعر يسمى الرزيع ، ويكون التنافس بين المجموعتين شديدا .. يبدأ الرزيع في ذكر الشطر الأول من أي بيت شعري تجود به قريحته الفطرية وتكرر مجموعته ما قاله بلحن وأداء مميز ، بعدها يرد عليهم رزيع المجموعة الثانية مكملا الشطر الثاني لنفس البيت الشعري الذي قاله الرزيع الأول وبنفس الوزن والمضمون ثم تتبعه مجموعته بترديد ما قاله وهكذا ، أما النساء والفتيات فيجلسن منصتات لما يقال في الرزعة ،وهذا يسمى التحرى أي معرفة المضامين والمقاصد التي يتحدث عنها الشاعرين المتنافسين ، لأن الشعراء قد يتناولون في أشعارهم مشاكل وأماني وطموحات ، كما يقترحون حلولا لبعض المشاكل من خلال أشعارهم .

الدحية : قد يبدأ بها السامر مباشرة أو قد تأتي بعد الرزعة، وفيها يبدأ الرجال في الوقوف صفا واحدا وهم يقولون دحييه دحييه ويكررونها ، وهي كلمة تقال وتردد لضبط الحركة وحتى يكتمل الصف ، وتخرج حاشية( راقصة ) أو أكثر من بين النساء الجالسات ويتحرك الصف إلى الأمام والخلف ، وقد يجلسون ساجدين والراقصة تتبعهم وتقلدهم في الجلوس وهي ترقص وتحمل بيدها سيفا يلمع على ضوء القمر تحركه وتشير به لتمنع أحدهم من الاقتراب منها ، ثم يبدأ البدع حيث يقول البداع بيتا من الشعر وتليه المجموعة بقولها ( حان قول الريداه ) بمعنى أنه حان وقت الرد على هذا القول الجميل ، فينبرى له بداع ( شاعر ) آخر بقوله بيتا من الشعر على نفس الوزن وفى ذات الموضوع ، ثم تتبعه المجموعة قائلة ( حان قول الريداه ) فيرد البداع الأول .. وهكذا .

ويستمر البدع وتستمر الحاشية إلى أن يتوقف أحد الشاعرين أو ينتهى السامر ، ويتناول الشعراء في لدعهم أخبار المجتمع ويومياته ، وقد يمدحون قبائلهم والمشاهير من بين رجالهم وقد يمتدحون الحاشية وقد يتناولون فى بدعهم بعض قيم الصحراء النبيلة .

المربوعة: وهي تنتشر لدى بعض القبائل ومعدل الكلام والحركة فيها أسرع منه في الدحية والبدع ، وفيها يقول المغنى بيتا من الشعر الغنائي ثم تليه المجموعة بقولها ( هولا هولا بك يا هلالا يا حليفى يالوالد ) وهي تعني أهلا بك أيها الصديق العزيز ، فيرد المغنى الثاني ثم تليه المجموعة قائلة ( هولا بك ياهلالا يا حليفي يالولد ) فيرد البداع الأول ثم المجموعة وهكذا ، أما الحداء فيغنى الرجال أثناء رفعهم الماء من الآبار ووضعه في الحياض لتشرب أبلهم وأغنامهم ، و المويلى ( الموال ) قد يغنيه الرجل وهو سائر وحيدا ممتطيا جمله ، وقد تغنيه المرأة أيضا وهي جالسة مع أغنامها .

وبدوره ،أضاف مسلم نايف ( أحد أبناء وسط سيناء ) أن من مظاهر الاحتفال بالعيد وباقي المناسبات السعيدة يتم تعليق الرايات البيضاء ، حيث تعتبر راية للمناسبات السعيدة ،وأن هذا النوع من الرايات يرفع في المناسبات الطيبة مثل الأعياد ( عيد الفطر والأضحى ) ، وهو غير مرتبط بفترة زمنية محددة ،فقد يبقى مرفوعا إلى أن يبلى فيتم استبداله بقماش جديد ، ولكن هذه الرايات قد تختفى من مكانها عند حدوث وفاة كنوع من الحداد .