رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


كيف أصبح توفيق الحكيم رائدا للمسرح العربي.. ولماذا أشتهر بعدائه للمرأة؟

26-7-2021 | 12:56


توفيق الحكيم

مريانا سامي

يوافق اليوم ذكرى وفاة الأديب والمسرحي الكبير توفيق الحكيم، وهو أديب وروائي وواحد من أهم رواد المسرح في الأدب العربي وقد أحدث نقلةً نوعية فيه بعد أحمد شوقي وسمي مسرحه بالمسرح الذهني، بعد مسرحيته الشهيرة أهل الكهف.


نشأة وحياة توفيق الحكيم :

ولد توفيق الحكيم في الإسكندرية في التاسع من أكتوبر لعام 1898 لأسرة ثرية فقد كان والده قاضيًا يمتلك الأراضي الكثيرة، وقد بدأ الحكيم يقرأ في الأدب بشكل عام والمسرح على وجه التحديد وكانت له محاولات أولى في كتابة المسرح حين كان في المدرسة الثانوية وقد قام أصحابه بتمثيلها.

حين أنهى دراسته الثانوية ألتحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة ليدرس القانون على غرار والده؛ لكنه لم ينجح فيها فقام بتحويل أوراقه إلى دراسة اللغة الفرنسية، وبعد فترة شجعه أحمد لطفي السيد على السفر لفرنسا وتحديداً جامعة السوربون ليدرس الحقوق ويحصل على الدكتوراه من هناك، بالفعل سافر ولكنه خصص وقت كبير جدًا لقراءة المسرحيات ودراسة المسرح بشكل تفصيلي والأدب الغربي أيضا، ويذكر أن توفيق الحكيم كان قد تأثر بشدة بعد قراءته كتاب الطلائعية وكان سببًا رئيساً في تبلور حياته الأدبية كلها.

أجبره والده بعد ذلك بالعودة من باريس وقد كان لذلك عظيم الأثر في نفس توفيق الحكيم، فقد كتب عدد من الرسائل الحزينة لصديقه الفرنسي اندريه يقول في رسالة منهم  "باريس هي مكان اجتماع الفنون، نعم هي فاترينه العالم، الواجهه البلورية التي تعرض خلفها عبقرية الدنيا، رسائلك يا صديقي تحمل في صحرائي نسيم أوروبا العطرة، اودعكم وأودع فيكم باريس العطرة، الفكرة والفن" وحين استقر في مصر لم تفارقه الوحده أيضًا فقد شعر بالصدمة الحضارية بين مصر وأوروبا أنذاك لدرجة تشبيه وجوده في مصر بالوجود في الصحراء نظرًا أيضًا لعدم شعوره بالتشابه الفكري بيني وبين باقي الوسط الثقافي في مصر، ولكنه بدأ يكتب المقالات والقصص القصيرة بأسم مستعار بسبب رفض عائلته الكتابة أو بمعنى أدق بسبب صورة الكاتب وقتذاك عند العائلات المصرية الكبيرة الذين كانوا يعتبرونه عار عليهم!.


- أهم أعمال توفيق الحكيم:  

في بداية العشرينات كتب توفيق الحكيم "عودة الروح" كان متأثرًا وقتها بثورة 1919 وحركة سعد زغلول النضالية من أجل تحرير الوطن، كانت "عودة الروح" أيضًا تتنبأ بأحداث 1952 ويعتبر البعض أنها كانت إلهام للرئيس جمال عبد الناصر نفسه في حركة الضباط الأحرار، وقد قال توفيق الحكيم نفسه إنه كان متفائلًا بالثورة وكان يؤيد قيامها رغم غرابة أفكاره أنذاك تحديداً في العصر الملكي. 

وفي عام 1933 كانت إنطلاقة توفيق الحكيم الحقيقة، أولى مسرحياته "أهل الكهف" والتي قال عتها وقتذاك الأديب طه حسين : إنها فتحًا جديدًا في الأدب العربي، وهي أول قصة تمثيلية ترفع الأدب العربي لمصاف الآداب العالمية، كذلك كانت البداية لتأسيس أسم المسرح الذهني، والمسرحية مستوحاه من قصة أهل الكهف في القرآن الكريم، ولكنه جسد فيها صراع الانسان والزمن بشكل قوي وتجلت فيها رؤيته الفلسفية ومناقشته لقضايا اجتماعية وفكرية مهمه، الأمر الذي جعل منه اسم كبير بين الأدباء بل وأنهال على مسرحيته عدد كبير منهم لتحليلها ونقدها والإشادة بها. 

وفي عام 1937 نشر توفيق الحكيم روايته وهي"يوميات نائب في الأرياف" كان ذلك بعد توليه منصب نائب المدعي العام وقضائه أكثر من ست سنوات متنقلًا بين الاقاليم المختلفة في مصر، وتكمن أهمية هذه الرواية في أنها اول رواية تتناول العلاقة بين عقاية الفلاح البسيط وبين الموظفين القانونيين؛ كذلك في عام 1951 مديرًا للمكتبة، الوطنية وبقي في هذا المنصب المهم حتى عام 1956. أصبح بعدها عضوًا في المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية.

"عودة الوعي" نشر الحكيم هذا الكتاب في السبعينات منتقدًا فترة حكم عبد الناصر رصد فيه تحولات المجتمع المصري في هذه الفترة واصفًا هذه المرحلة بإن الشعب قد فقد فيها وعيه، على الرغم من حب توفيق الحكيم دعمه للثورة في البداية إلا أنه شيئًا فشيئًا أدرك أن هناك العديد من السلبيات التي أضرت المجتمع.

وفي هذا السياق، استضافه خالد محي الدين في ندوة عقدها اليسار المصري وتحدث فيها توفيق الحكيم عن حيثيات كتابته ل "عودة الروح" وشرح إنه يدين ذاته ككاتب حُر على كتابته أمور تمهد لظهور عبادة شخص ما، لكنه لم يكن في حسبانه ذلك، كان كل مافي الأمر إنه تحمس للثورة، لكن ثبت فيما بعد أن السلطة المطلقة أضرت بالشعب والمجتمع وجعلت الناصرية مقدسة لا يمسسها أحد. وقد لاقى الكتاب هجومًا حادً وقتها على توفيق الحكيم وأفكاره نظرًا لتعلق الشعب المصري بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر.


-هل كان توفيق الحكيم عدوًا للمرأة؟

قال توفيق الحكيم في حوار له "اني اؤيد بقاء المرأة في اليبت لكي تكون بحق ملكة البيت"، واستطرد في القول إنه يوافق تمامًا على تثقيف وتعلم المرأة لكي تكون أم ناجحة وأساس للألهام لكنه يرفض عمل المرأة وزحامها للرجل على فرص العمل، يرفض المرأة المتحررة، يرفض المرأة التي تقرر قيادة الرجل ويعود ذلك لخوفه - كما ذكر - من أثر ذلك على المجتمع فيما بعد، لكنها على أي حال رؤية رجعية ومقيدة لدور وشأن المرأة في المجتمع المصري وتحديد لكينونتها في صورة معينة وإطار لا تخرج عنه.

وقد عارض الحكيم وسخر بشكل واضح وملحوظ من قاسم أمين ودعواته لتحرير المرأة وأيضًا خلافه الواضح والصريح مع هدى شعراوي  بسبب رؤيتها ودعواتها في تشكيل عقلية المرأة المصرية خاصة البنات، بأن حذرتهن من الاستمرار في حياة الجواري وخدمة الرجال والأزواج في البيت لأنهن مساويات للرجل في كل شيء، فكان هو في صف الرجال أو المجتمع الذكوري الذي يستنكر مساواة الرجل بالمرأة أو بمعنى أدق طالب بأن تكون المرأة أهم ماعندها هو زوجها ومنزلها. 


ويعتبر كتابه الأشهر "المرأة الجديدة" الذي يضم مسرحيتين وحوار ويتحدث بصورة سلبية وساخرة ومخزيه عن نتائج تحرر المرأة؛ هو أهم الاسباب في وصفه عدو المرأة حتى الأن، رغم محاولات توفيق الحكيم المستمرة في محو هذه الفكرة وتقديم مسرحيات وأعمال تقود فيها المرأة وتنجح بذكائها، لكنه في الوقت نفسه كان دائم الترديد أن مكان المرأة هو المنزل. -تكريم ووفاة توفيق الحكيم : حصل توفيق الحكيم على قلادة الجمهورية من الرئيس جمال عبد الناصر لمساهماته المختلفة وخاصةً عن عمله المميز "عودة الروح"، وحصل في عام 1962 على جائزة الدولة التقديرية لإخلاصه للفن وبشكلٍ خاص الدراما. وقد تزوج الحكيم وأنجب طفلين، توفيت زوجته وأبنه في حادث سير وظلت معه أبنته الوحيده حتى أخر لحظاته. ،كتب الحكيم أكثر من 50 مسرحية ليكون بذلك مؤسس الدراما العربية الحديثة، وواحد من أهم رواد الأدب في الوطن العربي. وقد توفي توفيق الحكيم في مثل هذا اليوم لعام 1987.